لم يعد أصحاب مكاتب دراسات يصولون ويجولون، كما كان عليه الأمر في وقت سابق، إذ ضيق وزراء ممن تشتغل مصالح وزاراتهم كثيرا مع مكاتب دراسات، الخناق على مديرين مركزيين لهم ارتباطات مع أصحابها، ويتبادلون المنافع في ما بينهم. وجاء تحرك الوزراء، بعد توصلهم بمذكرة من رئيس الحكومة، أحاطتهم علما بأن مكاتب دراسات بعينها تسيطر على المشاريع، فيما تتعرض أخرى للإقصاء، وتعاني سوء حكامة وسوء تدبير في توزيع الصفقات. وتجاوبا مع مذكرة رئاسة الحكومة، كلف وزراء الكتاب العامين للوزارات بجرد أسماء وإحصاء المشاريع التي حازت عليها الوجوه نفسها، بعد محاصرة "تلاعباتها". وقبل مذكرة رئاسة الحكومة، شرع بعض الوزراء في فك شفرة بعض مكاتب الدراسات، التي تهيمن على الصفقات، وأبرزهم نزار بركة، وزير التجهيز والماء، المقبل على إجراء حركة تعيينات في صفوف كبار مديري الوزارة وأطرها، إذ أخرج الورقة الحمراء في وجه مكاتب دراسات عمرت طويلا، وظلت تستحوذ على الصفقات. ونجح بركة في معرفة أسماء مكاتب الدراسات، والمشاريع التي نالتها، وفي أي سنة، وقيمتها المالية، ومدة الإنجاز، والتأخيرات المسجلة بخصوص تنزيلها على الواقع، والجدوى منها. كما أحيط علما بوجود تلاعبات تورط مكاتب دراسات تربطها علاقات مع بعض المسؤولين، الذين ورثهم عن حكومتي العدالة والتنمية. وللأسف، لا تقوم مكاتب الدراسات، التي تبرم اتفاقيات مع وزارة التجهيز والماء، وباقي المتدخلين، بإعداد الدراسة بالشكل المطلوب لتهيئة الطرق، ما يؤدي إلى وجود عمليات غش في إنجاز الدراسات المتعلقة بها. ويترقب الجميع داخل الوزارة، بعد غضبة الوزير، القرار، الذي سيتخذه تجاه كل من ثبتت في حقهم ممارسة الغش، وما إن كان سيحيل ملفاتهم على القضاء، للتحقيق معهم، لأن الأمر يتعلق بالمال العام. إن المشاكل الكبيرة التي تعرفها الطرقات، سببها مكاتب الدراسات التي تنجز دراسات لتهيئتها، الأمر الذي يؤثر على جودة الطريق، ومن يتحمل مسؤولية اهتراء الطرق، هي مكاتب الدراسات والمقاولون الذين عهدت إليهم صفقة الإنجاز. وبسبب اهتراء البنيات التحتية بالجماعات القروية، التي تبقى دون صيانة أو تجهيز، عمل نزار بركة على إدخالها في مخطط وطني لإصلاحها، رغم عدم إدراجها ضمن اختصاصات وزارته. عديدة هي المرات التي تم الكشف فيها عن حجم الفساد الذي ضرب بناء العديد من المشاريع التي ما زالت متوقفة، رغم ما صرف عليها من ملايير، نتيجة دراسات لم تكن في المستوى. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma