"الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها، وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها"، هذا ما ينص عليه الفصل 79 من ظهير الالتزامات والعقود، والذي يحيل على نقطة مهمة بشأن مسؤولية الدولة والبلديات عن الأخطاء المرتكبة جراء عملها أو عمل مستخدميها، وما ينجم عنه من ضرر. مناسبة الحديث عن هذه النقطة حادثة وقعت نهاية الأسبوع الماضي، بشارع بالبيضاء، إذ وقع طفل صغير في حفرة من الحفر التذكارية التي أصبحت البيضاء تنافس فيها مدنا دمرتها الحروب في سوريا والعراق وغزة، وكادت أن تؤهلها لدخول موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، إذ يخيل للمرء أن هذه المدينة على مشارف حرب وأنها تعمد إلى حفر خنادق لمواجهة العدو، الذي ليس في الحقيقة سوى ذلك المواطن البسيط، الذي تقتطع من قوته اليومي ضرائب يقال والله علم إنها تخصص لتهيئة الطرق والشوارع وغيرها من المشاريع، والواقع يفند ذلك، فبين حفرة وحفرة هناك ثالثة تحييك من بعيد. البيضاء التي تعرف على امتداد السنوات السابقة وإلى حد الآن أشغالا في العديد من مناطقها، لا يعتمد القائمون على إنجاز تلك الأشغال على مقولة "رحم الله عبدا عمل عملا وأتقنه"، إذ غالبا ما يتم ترك عدد من الحفر بعد الانتهاء من الأشغال دون ترميم في جنبات الطرق ما يشكل خطرا حقيقيا على المواطن. الطفل الذي أصيب برضوض في ركبته وساعده، فر هاربا والخوف يتملكه، ويستدير يمينا وشمالا، لكي لا يتابع بما أحدثه من ضرر لتلك الحفرة المسكينة، فهو ربما من تعمد الوقوع فيها، على اعتبار أن حجمها الكبير يبعد فرضية عدم رؤيتها. فالنقطة المهمة الغائبة عن وعي المواطن بصفة عامة حول مسؤولية الدولة والجماعات عن الأخطاء الناجمة، هي أن المواطن لا يعلم أن من حقه مقاضاة الدولة والبلديات عن كل ما ينجم من أضرار بسبب مرافقها، التي لا تصلح للاستعمال، وفي مقدمتها الطرق والشوارع. جهل المواطن بحقوقه يشكل نقطة مهمة، في تهاون المسؤولين عن إصلاح الطرق، إذ لو أن كل مواطن تعرض لحادثة شبيهة وتقدم بدعوى أمام المحكمة الإدارية، للحصول على تعويض عن الضرر الناجم عن تقصير المرفق العمومي، في أداء مهمته والعلاقة السببية بين الحادث والحفر، فإن الدولة في شخص البلديات والجماعات، ستجد نفسها ملزمة بأداء مئات الملايين يوميا لضحايا حرب الحفر، وستجد أيضا نفسها بالمقابل مضطرة لوقف سيل الدعاوى، مجبرة على العمل على إيجاد حل جذري لهذه المعضلة، وليس حلا ترقيعيا سرعان ما تعود معه الحالة إلى ما كانت عليه في السابق. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma