تبدأ يومها بلحظات هادئة مع بناتها وتعتبر البيت "رمزا للسكينة" ومازالت تشعر بفرحة البدايات رغم تجربتها الطويلة تألقت الفنانة ليلى الفاضلي في تجسيد شخصية "عويشة" ضمن مسلسل "بين القصور" الذي عرض خلال رمضان الماضي، حيث عادت من جديد لتسكن قلوب المغاربة وتستعيد حب جمهورها الذي عرفها وتابعها عبر سنوات من خلال أعمال فنية مميزة مثل دورها في مسلسل "ولد الحمرية" في 2002 وفيلم "الفردي". نجاحها الفني تُوج بفوزها بـ "جائزة أحسن ممثلة"، عن دور البطولة في الفيلم الطويل "صيف في أبي الجعد" للمخرج عمر مول الدويرة، خلال فعاليات الدورة 23 لمهرجان الفيلم الوطني بطنجة، مما يرسخ مكانتها واحدة من أبرز الفنانات في المشهد الفني المغربي، إضافة إلى تتويجها بأحسن دور نسائي بالمهرجان الدولي للسينما والذاكرة المشتركة بالناظور. إنجاز: خالد العطاوي ليلى الفاضلي، فنانة مغربية تمتاز بروح عفوية وأصالة تجعلها قريبة من قلوب المغاربة. بتواضعها وإنسانيتها، تعكس شخصيتها البسيطة يوميات ملهمة تتقاطع مع أحلام وأوجاع المجتمع المغربي، إذ تعيش تفاصيل الحياة اليومية بعمق يثري تجربتها الفنية، ورغم غيابها عن الساحة الفنية لفترات، عادت بشغف لتقدم أدوارا هادفة تترك أثرا لدى الجمهور، منطلقة من قناعة بأن للفن رسالة تربوية وثقافية. الرؤية الفنية والأحلام لا ترى ليلى الفاضلي في الفن مجرد وسيلة للترفيه، بل تعتبره منبرا لهدف أعمق يتمثل في توعية الجمهور وتسليط الضوء على قضايا المجتمع، إذ تعبر الفنانة عن طموحها في أداء أدوار تعكس قضايا حياتية مؤثرة، تعالج من خلالها هموم الناس وآمالهم، وتصل رسالتها لقلوبهم من خلال تجسيد تجاربهم. تحلم الفاضلي بتقديم شخصيات ترتبط بالواقع المغربي، معبرة عن قضايا المرأة والطفولة، والتحديات الاجتماعية، وتشير إلى رغبتها في رؤية الجمهور ووسائل الإعلام يقدران دور الفنان وجهوده، إذ تجد أن التفاعل الإيجابي من الجمهور يعزز ارتباطها بالفن ويدفعها للعطاء المستمر. توجه الفاضلي رسالة تحفيزية للجيل الجديد من الفنانين المغاربة، داعية إياهم إلى احترام مهنتهم وتقدير العمل الفني، والالتزام بتقديم أعمال ذات مستوى يليق بالفن المغربي ويحترم عقلية الجمهور، مؤكدة أن المسؤولية تقع على عاتقهم في تقديم رسالة إيجابية تخدم الثقافة المغربية. روتين يومي متوازن التقت "الصباح" بالفاضلي، التي استعرضت يومياتها، حيث أكدت على أهمية التوازن بين حياتها الفنية والأسرية، مشيرة، في الوقت نفسه، إلى أن بدايات يومها تبدأ في جو عائلي دافئ، إذ تستيقظ صباحا بروح مشرقة، وتتبادل الأحاديث الصباحية مع بناتها وتحرص على توجيههن ودعمهن. وتصف الفاضلي هذه اللحظات العائلية بأنها مصدر سعادتها وتوازنها. تقول: "أعيش لحظات صباحية هادئة مع بناتي، مؤمنة بأن تربيتهن ومرافقتي لهن هي أساس سعادتي". تجربة في مجال السينما تشارك ليلى الفاضلي جمهورها بعض التفاصيل عن أعمالها السابقة، مثل مسلسل "ولد الحمرية" والفيلم السينمائي "الفردي"، وترى أن هذه الأعمال أسهمت في تعزيز شهرتها، معتبرة أن فيلم "صيف في أبي الجعد"، هو أحد أبرز المحطات التي أعادت شغفها بالفن، بعد توقفها لفترة بسبب التزاماتها الأسرية، موضحة كيف أن عودتها للفن تواكب إحساسها بالمسؤولية تجاه الجمهور، مؤكدة أنها عازمة على مواصلة تقديم أدوار تمس حياة الناس وتخدم القضايا الاجتماعية. أجواء العمل خلال فترات استراحة العمل، تستغل الفاضلي الوقت لتبادل الضحكات والأحاديث مع فريق العمل، وتعبر عن تواضعها وصدقها، إذ تحرص على خلق أجواء مريحة للجميع، ما يعزز الترابط بينهم، ويجعل تجربة العمل مميزة، مؤكدة، في الوقت نفسه، أنها، رغم خبرتها الطويلة، ما زالت تشعر بفرحة البدايات، وتجد في حب الجمهور ما يذكرها دائما بأهمية الفن وتأثيره العميق في حياتها. تربية البنات مع حلول المساء، تعود الفاضلي إلى منزلها، حيث تستكمل حديثها مع بناتها عن يومها وتشاركهن تفاصيل أعمالها، إذ تؤكد أن لحظات العودة للمنزل تمنحها سكينة وفرصة للتواصل العميق مع بناتها، مشيرة إلى أن التربية جزء أساسي من حياتها، وتؤمن أن الأم تمثل مدرسة تبني فيها أجيالا قادرة على التأثير في المجتمع، فهي تعيش مع بناتها تجربة عائلية غنية، مكنتها من تكوين أبعاد جديدة للحياة وتجسيدها بعمق في أدوارها الفنية، وترى أن الأمومة أكسبتها نضجا إنسانيا وعمقا عاطفيا انعكس على أدائها. عودة بعد غياب تتحدث ليلى الفاضلي بشفافية عن أسباب غيابها الطويل عن الساحة الفنية، موضحة أن آخر عمل شاركت فيه كان فيلم "ثورية" للمخرج يونس الركاب في2011، حيث شكل هذا العمل نقلة نوعية في مسارها الفني. بعد ذلك، اختارت التوقف عن التمثيل لدواع شخصية، إذ تزوجت وأصبحت أما لثلاث بنات، علما أن قرار الابتعاد عن الساحة الفنية لم يكن سهلا، إلا أن الأمومة دعتها لتخصيص كل وقتها وطاقتها لعائلتها، مقدمة التضحية العائلية على طموحاتها الفنية. الفن والشغف المتجدد رغم الغياب، لم تتخل الفاضلي عن حلمها الفني، فقد ظلت تعيش هذا الشغف الداخلي وتتابع تطورات الساحة الفنية بصمت، وتشير إلى أن تجربتها أما أثرت بشكل إيجابي على شخصيتها ونموها الفني، إذ ترى في التربية والتجارب العائلية مصدر إلهام عميق لمسارها الفني، مضيفة أن تفرغها للعائلة أكسبها نضجا عاطفيا وتجربة مميزة، مما ساعدها على تجسيد أدوار معقدة ومتنوعة تعكس جوانب إنسانية حقيقية. التجارب الفنية الأجنبية لم يقتصر مسار الفاضلي الفني على الأعمال المحلية، بل شاركت أيضا في أعمال أجنبية كانت تجسد فيها شخصيات متنوعة. تقول عن هذه التجربة: "الأدوار التي كانت تمنح لي في الأعمال الأجنبية تعكس مظهري، فبما أنني كنت رشيقة وسمراء وذات شعر طويل، كانت تسند إلي أدوار فتاة كردية أو باكستانية أو هندية"، كما تشير إلى أن مواقع التصوير في ورزازات ومراكش كانت شاهدة على لحظات جميلة قضتها مع فنانين عالميين، حيث اكتسبت خبرة أضافت بعدا جديدا لمسيرتها الفنية. وتروي الفاضلي كيف كانت تدرج ضمن أوائل قائمة الفنانات المرشحات للأعمال الأجنبية الكبيرة، ويعود ذلك إلى شكلها الفريد وإتقانها لبعض اللغات، مثل الكردية والإنجليزية. وفي الآونة الأخيرة، شاركت في فيلم "ماري ماغدالين"، الذي استغرق تصويره عامين، وقد اصطحبت بناتها إلى مواقع التصوير، مما سمح لهن بالاطلاع عن قرب على تجربة والدتهن في التمثيل، وقامت الفتيات بتصويرها أثناء تأديتها لدورها، مما أضاف طابعا عائليا للتجربة. التعاون مع المخرجين تعتبر ليلى الفاضلي فيلم "صيف في أبي الجعد" من الأعمال التي أسهمت في عودتها إلى الساحة الفنية، وتعتز بهذه التجربة التي أتاح لها فيها المخرج عمر مول الدويرة فرصة البطولة، بعد أن سبق واشتغلا معا في أفلام قصيرة بداية الألفية، وتروي كيف اتصل بها المخرج واقترح عليها العمل، بعد أن أخبره البعض أن وزنها قد ازداد، لكن بعدما تأكد بنفسه قبلها في العمل. وأثار فيلم "صيف في أبي الجعد"، للمخرج المغربي عمر مول الدويرة، اهتمام النقاد والمتتبعين السينمائيين، عقب عرضه بالمهرجان الدولي للسينما والذاكرة المشتركة بالناظور، حيث تم تتويج الفاضلي بجائزة أحسن دور نسائي، عبر دورها في الفيلم، إذ تمكنت من نقل رسالة إلى زوجات الآباء، ليتعاملن مع أبناء الزوج بحب وحنان، لتعويض غياب الأم. ولم تخف الفاضلي، في حديثها ل"الصباح"، تأثرها ببعض مشاهد الفيلم، مشيرة إلى أنها توقعت نجاحه لتوفره على مقومات عالية، على مستويات الإخراج والديكور والممثلين والإنتاج. كما خاضت الفاضلي أيضا تجربة مسلسل "بين القصور" في رمضان الماضي، إذ قدمت دور "عويشة"، الذي حظي بنسب مشاهدة عالية، وتم اختياره واحدا من أفضل المسلسلات في المغرب. وبرأيها، يعود نجاح المسلسل إلى السيناريو العميق والممثلين المتميزين والإخراج المحترف، إضافة إلى شركة الإنتاج التي دعمت العمل بروح الفريق، كما تعبر عن إعجابها بالشخصية التي جسدتها، حيث إن "عويشة" كانت تتمتع بأبعاد نفسية معقدة لامست وجدان المشاهدين، إذ أتقنت الشخصية معاناة اليتيمة، مما أضاف عمقا وجعلها قريبة من قلوب الجمهور. مشاريع مستقبلية تواصل الفاضلي سعيها نحو تقديم المزيد من الأدوار المؤثرة، وتطمح إلى أن تكون لها بصمة خاصة في المجال الفني بالمغرب، من خلال تقديم أعمال تترك أثرا إيجابيا وتؤثر في المجتمع بشكل فعال، إذ انتهت، في الآونة الأخيرة، من تصوير فيلمين قصيرين، أحدهما من إخراج المخرج المبدع أشاور، إذ قدمت دورا صعبا لشخصية تعاني اضطرابا نفسيا، ما يمثل تحديا جديدا يضاف إلى مسيرتها. كما تشارك الفنانة حاليا في تصوير فيلم "أمير" على ضفاف شاطئ بوقانة بإقليم الناظور، وهو ما تعتبره إضافة جديدة إلى مسيرتها الحافلة بالعطاء الفني. تحلم الفاضلي بأن يستمر دعم الجمهور لها، فهي تعتبره الدافع الأساسي لمواصلة مشوارها، وتعمل جاهدة لإلهام الجيل الجديد من الفنانات والفنانين.