تثار، في مناسبات، حوادث وقضايا يكون ضمن المتورطين فيها أبناء شخصيات معروفة في مجال المال والاقتصاد والسياسة، فتتحول تلك الوقائع إلى ما يشبه المسلسل المثير والمشوق، وتنسج من حوله قصص، بعضها يروم التشفي، وأخرى تستبق الأحداث بالقول إن المال والنفوذ سيضيعان الحقيقة، وستتم تبرئة المشكوك فيهم بارتكاب الجرم. في بعض الأحيان، تنسج التعاليق القدحية المبطنة بالحقد قبل قراءة الخبر، ويصبح الجميع عارفا بالقوانين مفسرا لها، وملما بالأدلة الجنائية وعلومها، وبأسرار البحث وتفاصيله، فتضيع الحقيقة وسط زخم من الأخبار، سيما عبر منصات "تيكتوك" و"فيسبوك" و"يوتوب"، وغيرها من القنوات التي أصبحت اليوم أكثر استعمالا وانتشارا، فيتكون رأي عام افتراضي من خلال هذا الزخم من المواد الإلكترونية، التي تؤدلج العقول، وتكون فكرة تسيطر وتؤثر في القضايا، بل إن من يجرؤ على قول العكس أو أخذ المعلومات من مصادرها ومحاضرها، توجه إليه، بدوره، سهام الانتقاد والتشهير، ويصبح قاب قوسين أو أدنى من وضعية المتهمين أنفسهم، معرضا لاتهامات بالانحياز ومحاولة حجب الحقيقة والتضليل، بل يتم حتى التشكيك في ذمته. "أولاد الفشوش"، وهي الصيغة التي تطلق على أبناء رجال المال والأعمال والاقتصاد والسياسة، مذنبون قبل أن يرتكبوا جريمة أو يتورطوا في حادث، لا لشيء إلا لأنهم من هذه الطبقة الميسورة، مهما كان مصدر ثروتها، ومهما كانت إسهامات رجالاتها في المجالات والميادين المختلفة. قد تكون صور البذخ والرفاهية، التي يبدو عليها أبناء "الفشوش" في مواقع التواصل وفي الشارع، والتباهي بالسيارات الفارهة وغيرها من نعم الحياة التي يعيشونها، سببا من أسباب تلك الصورة السلبية التي تلتصق بهم تحت مسميات عديدة، وقد تكون أيضا تلك الفجوة الطبقية الاجتماعية واحدة من مسببات تلك النظرة، إلا أنه، في جميع الأحوال، تبقى الأسئلة مشروعة من قبيل: كيف تتحول تلك الصور إلى حقد؟ وكيف تستغل كل مناسبة يقع فيها ابن من أبناء هذه الطبقة لتفريغ كل تلك الأحاسيس والمشاعر الدفينة؟ فهل هي عزلة طبقة عن طبقة؟ أم هي رواسب للظروف الاجتماعية المتناقضة بين الفئتين؟ تظل الاستفهامات مطروحة لتفسيرها من قبل المتخصصين في علم النفس والاجتماع، إلا أن الواقع ينذر بتغول هذه الأحاسيس، ويدعو إلى وجوب رأب الصدع في مجتمع يؤطره دستور أهم مبادئه أن "المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز، وتضمن الدولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة، وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم". وحتما عندما تتحقق هذه المعادلة الدستورية، سيختفي ذلك الشعور السلبي. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma