الفهيمي… المحامي المخضرم

ولد الراحل حسن الفهيمي وسط أسرة بسيطة بالعروي، بإقليم الناظور، بداية الخمسينات من القرن الماضي. تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بالناظور. وبعد حصوله على الباكالوريا سنة 1970 التحق بشعبة التاريخ والجغرافيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، حيث حصل على الإجازة، وتم تعيينه أستاذا للمادة بالبيضاء، انتقل بعدها إلى ثانوية محمد بن عبد الكريم الخطابي بالناظور. عين الفهيمي بعد فترة قضاها بالثانوية سالفة الذكر، حارسا عاما بإعدادية الكندي، ومنها مدير بثانوية طارق بن زياد بالمدينة نفسها. وخلال استقراره بالناظور كان يتابع دراسته في الحقوق، إلى أن حصل على الإجازة فيها، فقدم استقالته من التعليم ليلتحق بمهنة المحاماة بهيأة المحامين بالناظور. قضى المرحوم الفهيمي فترة يتجول بين محاكم الشرق، ليغادر الناظور نحو طنجة، إلى أن أن توفي فيها السنة الجارية. المناضل اليساري كان المرحوم حسن الفهيمي مناضلا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بعد التحاقه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سنة 1970، إلى جانب مجموعة من الطلبة المتحدرين من الحسيمة والناظور، الذين اختاروا شعبتي التاريخ والجغرافيا والفلسفة لعدم توفر جامعة محمد بن عبد الله بفاس في تلك المرحلة على الشعبتين سالفتي الذكر. وشارك في العديد من "الحلقيات» النقاشية، خاصة مع مختلف الفصائل بجامعة محمد الخامس. وظل الفهيمي وفيا لمبادئ وقيم اليسار حتى بعد تعيينه أستاذا بالبيضاء وكذا بعد ولوجه مهنة المحاماة. وتأثر كثيرا بشقيقه حسين الفهيمي المحامي بهيأة الناظور، الذي تم اعتقاله وحكم عليه بالسجن بسبب أفكاره، وهو المناضل الاتحادي الذي دافع بكل استماتة عن قيم ومبادئ الحزب، خاصة أنه ينتمي إلى جيل عبد الرحيم بوعبيد وفتح الله ولعلو وعبد القادر باينة والمهدي العلوي وغيرهم. كما ظل المرحوم حسن الفهيمي مدافعا عن القضية الفلسطينية حتى بعد استقراره بطنجة، بل كان يشارك في المسيرات الاحتجاجية المنظمة من قبل الأحزاب الديمقراطية والهيآت الحقوقية، دفاعا عن الجماهير الشعبية. شغف وحب للمحاماة كان المرحوم حسن الفهيمي يستهويه الأدب العربي، حين كان تلميذا في المرحلة الثانوية، ورغم ذلك فقد فضل متابعة دراسته في شعبة التاريخ والجغرافيا بالرباط، حيث درس على أيدي مجموعة من الأساتذة، ضمنهم المرحوم عبد الواحد الراضي. وبعد مرحلة قضاها في التعليم، غير وجهته نحو المحاماة، إيمانا منه بقدراته على العطاء فيها، مقتفيا أثر شقيقه الحسين، الذي كان أستاذا ومفتشا لمادة الأدب العربي، قبل التحاقه بمهنة المحاماة. ولعل تكوينه السياسي منذ أن كان طالبا بكلية الآداب بالرباط، بين أحضان تيارات تقدمية ضمنها الاتحاد الاشتراكي، الذي كان يتعاطف معه، أيام عبد الرحيم بوعبيد وعمر بن جلون، غرس فيه خصلة الدفاع عن الحق ومناصرة المظلومين. ويحتفظ أحد أصدقاء المرحوم بالعديد من المرافعات النوعية، التي تردد صداها بقاعات جلسات المحاكم بالمدينتين اللتين عمل فيهما. وحسب الصديق فإن الفهيمي لم يكن يرى في المحاماة مجرد مهنة، بل كان ينظر إليها بشغف وحب، يراها وسيلة لتحقيق العدالة، والدفاع عن حقوق المظلومين، والسعي كذلك للصلح بين المتخاصمين. ويضيف المتحدث أن المرحوم كان يعتبر المحاماة مهنة عظيمة، تملأ الحب شغفا، وأنها تجعل المحامي أكثر حرية، ماجعله يستقيل من التعليم. ولم يكن الفهيمي يعتبر النجاح بالنسبة إليه مجرد الفوز بالقضايا، بل كان يسعى لإنهاء النزاعات دون اللجوء إلى المحاكم، معتمدا على وسائل الصلح والتحكيم، إذ كان يرى في هذا الأسلوب حفاظا على الوقت والعلاقات الإنسانية. الفهيمي الاجتماعي كان المرحوم الفهيمي اجتماعيا، يتحرك في الأسواق الشعبية، ويوزع الابتسامة، ويحكي النوادر والنكت، ويمكن أن يتحدث مع بائع " الخضر " أو" السمك ". لم تكن لديه أي مشكلة في الرد على المكالمات الهاتفية ولو في ساعة متأخرة من الليل، والتفاعل مع أصحابها وتقديم النصيحة لهم، بطريقة تجعل المتصل من الموكلين وطالبي الاستشارة القانونية يطمئنون على رد فعله. ظل قريبا من الجميع، كما فضل الانخراط في جمعيات حقوقية، وكان له الفضل في إنشاء تعاونية سكنية بالناظور استفاد منها العديد من الأشخاص. كما كان المرحوم متشبثا بزيارة عائلته وأحبابه، فلم يتوان ولو مرة واحدة في صلة الرحم وزيارة العروي التي رأى فيها النور. جمال الفكيكي (الحسيمة)

الفهيمي… المحامي المخضرم

ابن الناظور اشتغل في التعليم والتحق بالمحاماة وكان صديقا لليساريين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ملتقى روابط الرحامنة... "من الخيمة خرج مايل"

30 عارضا في معرض الكتاب بأسا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات