أثارت جملة مكتوبة على لباس لجلالة الملك، وهو في جولة من زيارة خاصة إلى فرنسا، تفسيرات تتعلق بموقف جلالته من الحروب، لكنها تبقى مجرد تأويلات، على اعتبار أن "الملك له مجال رمزي يمكن من خلاله تمرير الرسائل دون الحاجة إلى قنوات التواصل الرسمي، الموزعة بين الخطب الموجهة إلى الأمة، وخطاب افتتاح السنة التشريعية بالبرلمان، والرسائل الملكية، وتوجيهات المجالس الوزارية". ويحمل اللباس الملكي دلالات سياسية، وفق تقاليد نسجت عبر قرون من عمر الملكية المغربية، إذ تختلف تلك الدلالات باختلاف مجال سلطاته، ففي حال البذلة العصرية وربطة العنق، نكون أمام الملك رئيس الدولة، المتحكم في زمام السلطة التنفيذية، ولا يمكن الحديث عن الجانب المتعلق بالحرب، إلا في حال ارتدائه اللباس العسكري، وحينها يكون الملك القائد الأعلى رئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية. لكن، هناك ما هو أثقل من اللباس العسكري والبذلة العصرية، إذ ندخل إلى إمارة المؤمنين، عندما يرتدي جلالته الجلباب، في إشارة إلى رتبة أعلى من الجميع، لأنها تحيل على مجال لا يخضع لمبدأ الفصل بين السلط، وهي وضعية ترسخت في ظل الدولة الحديثة، التي نص دستورها الجديد لعام 2011 في الفصل الحادي والأربعين على أن "الملك، أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية". ويجمع فقهاء القانون الدستوري، مغاربة وأجانب، على أن أخطر الرسائل الملكية التي يجب أخذها بعين الاعتبار هي تلك الخارجة من مجال إمارة المؤمنين ضاربين المثال على ذلك بحضور الملك إلى البرلمان بالجلباب الذي يعني أن الذي يخاطب ممثلي الأمة ليس رئيس الدولة، وإنما أمير المؤمنين، الذي يرقى فوق خطوط الفصل بين السلطة التنفيذية والتشريعية. وهناك صورة أخرى أكثر وضوحا لاستعمال اللباس الملكي عند ترؤس جلالته حفل تخرج أفواج الضباط في اليوم الثاني من احتفالات عيد العرش عندما يحضر جلالته بالجلباب للإشراف على أداء القسم، في إشارة إلى أن قيادة الجيش تستمد أساسها من إمارة المؤمنين، التي ظهرت فجر الخلافة الإسلامية كرتبة عسكرية في الأصل. ولمن يريد أن يلتقط الإشارات فعليه العودة إلى أهم حدث في أجندة الملك السنوية، أي حفل أداء البيعة كل عيد عرش، وهناك ترسل إشارة ثابتة بشأن الموقف من الحرب، فبغض النظر عن ارتداء الجلباب وجب الانتباه إلى لون الحصان الذي يمتطيه جلالته، إذ منذ بداية نزاع الصحراء يختار الملك اللون الأسود ويتبعه الحرس بالأبيض، عنوان حالة السلم، وفي ذلك رسالة إلى الأمة. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma