"الشبح"، "اصحاب الحال"، "الخوت"، "وذان الحيط"، "زوار الليل"، تلك بعض الأوصاف التي ألصقت بجهاز المخابرات، قبل أن يكتسب شرعيته، ويعترف له الكثيرون بالفضل في ما يعيشه المغرب اليوم من أمن واستقرار.وإن كان "الشبح" خرج من مرحلة التطيف، إلى مرحلة الوجود، فذلك بفضل عمليات طبعها النجاح في مختلف الملفات على رأسها "الاتجار في البشر". لو كان هذا الحديث يتعلق بسنة من سنوات الثمانينات، لوجب القول إن الجهاز الاستخباراتي المغربي، لم يقدم بل أخر كثيرا، معالجة ملف الاتجار في البشر، حتى تحول من مجرد حالات هنا وهناك إلى ظاهرة انتشرت بسرعة في المجتمع المغربي، ولطخت صورة البلاد بلون قاتم، غير أنه يشرح الخبير في القضايا الأمنية، محمد أكضيض، لعبت هذه "المؤسسة الوطنية دورا مهما في محاربة وإضعاف شبكات الاتجار في البشر، سواء الدعارة أو الهجرة السرية أو استغلال القاصرين جنسيا"، وما يجب أن نعرفه، يقول الخبير ذاته، هو أن "دور العمل الاستخباراتي في تصفية هذه الملفات والتعاطي معها بشكل جدي، لم يتم إلا بعد أن تحولت دعارة الخليجيين والأجانب في المغرب، إلى ظاهرة مخيفة". تغول هذه الظاهرة، وأخذها حجما يهدد البلاد، دفعا الجهاز الاستخباراتي إلى التحرك لمحاصرة الأمر، إذ "بعد انتشار الظاهرة، تحركت جماعات إسلامية، في إطار ما يسمى بالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف، وبدأت تتحدث عن دعارة الخليجيين في المغرب، بل إن تدفق الأجانب والخليجيين، سمح بتشكيل شبكات خطيرة، وأصبحت الفتيات يهجرن في مجموعات عبر مطارات المغرب، خاصة مطار محمد الخامس بالبيضاء، كما استغلت شبكات القاصرين في تسجيل أفلام البورنو وانتشرت دعارة القاصرين"، لكل ذلك الخطر، تحرك الجهاز وترك المناظير المسلطة على التيارات الراديكالية، منذ السبعينات، إلى قضايا أخرى تبين أنها تهدد أمن وسلامة البلاد أيضا. وهنا يقول الخبير الأمني "تحركت هذه المؤسسة الوطنية لتنظيف مخلفات سنوات الثمانينات، وتساقطت شبكات الاتجار في البشر واستغلال القاصرين تباعا، وحوكم المتورطون فيها، إذ بفضل المعلومات التي وفرها عناصر هذا الجهاز تمكنت الأجهزة الأمنية الأخرى من العمل، وضرب مواقع هذه الشبكات ومحاصرة الظاهرة، لتصبح اليوم مجرد حالات ، ولم يعد تهجير الفتيات إلى الخليج يتم بمجموعات، بل إن تفكيك هذه الشبكات ساهم أيضا في توعية بعض الفتيات بخطورة الإغراءات التي تطرحها عليهن شبكات الدعارة للعمل في دول الخليج، قبل أن يتحولن إلى عبدات يستغللن في الدعارة من قبل شبكات منظمة" يقول أكضيض.وحسب الخبير الأمني فإن تتبع خيوط هذه الشبكات من قبل عناصر "هذه المؤسسة، وكشف أهم المناطق التي تنشط فيها هذه الشبكات والطرق التي تعتمدها، كما هو الأمر بالنسبة إلى طرق إقناع الفيتات بالهجرة"، كل ذلك يقول أكضيض ساهم في كسر شوكة هذه الشبكات، و"لم يعد المغرب معنيا بهذه الظاهرة بالشكل الذي كانت عليه في الثمانينات".الشأن نفسه بالنسبة إلى شبكات التهجير السري، إلى دول أوربا، إذ "وفرت العناصر الاستخباراتية معلومات مهمة نتج عنها احتواء الظاهرة، ولم يعد المغرب قنطرة أو سبيلا لهذا النوع من الهجرة".ضحى زين الدين