التعذيب…جريمة ضد الإنسانية

يعتبر التعذيب من بين الاعتداءات التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، لما يقترفه أصحابها من أعمال وحشية ومعاملات فظيعة في حق الضحية المستهدف، إلى حد اعتبر من الأفعال الخطيرة التي يتم تشديد العقوبة في حق المتورطين في ارتكابها. وتتشدد المحاكم في الأفعال الإجرامية المتعلقة بأساليب التعذيب، سيما في حق المكلفين بإنفاذ القانون. وتبدأ بعض الجرائم بالسرقة أو محاولتها لتتحول إلى التكبيل وبعدها الاحتجاز، وتكون العقوبة مشددة في نهاية المطاف. إنجاز: عبد الحليم لعريبي تصل إلى المحاكم بين الفينة والأخرى قضايا تعذيب، ويكون الاعتقال الاحتياطي من نصيب مقترفيها. ورغم أن الكثير من الشكايات لا تتوفر على عنصر التعذيب ويتم تكييفها إلى العنف أو الضرب أو الجرح أو التسبب في عاهات مستديمة، لكن نتائج الخبرات في بعض الأحيان تفضي إلى وجود العناصر المكونة لجناية التعذيب، سيما إذا اقترنت بالاحتجاز أو طلب الفدية. تكبيل يتحول إلى تعذيب تحول تكبيل حارس ليلي بداية السنة الجارية إلى جناية للتعذيب ضد أفراد عصابة جرى النطق بأحكامها قبل أسبوع، بعد انتهاء التحقيقات معهم وتكييف جرائم خطيرة لهم، ضمنها تكوين عصابة إجرامية للسرقة والتعذيب، تتكون من سبعة متورطين، من بينهم فتاة، روعوا الصخيرات وتامسنا وعين عتيق، ضمنها تكبيل حارس ليلي واختطاف آخر. هذه القضية عالجها المركز الترابي للدرك الملكي بتامسنا، بعدما بلغ صاحب سيارة لنقل البضائع عنها مخبرا عناصر الدرك باحتجاز حارس ليلي ضواحي الصخيرات بعد تكبيله والاعتداء عليه بالسلاح الأبيض، مؤكدا أنه شاهده مستلقيا على الأرض داخل حظيرة لتربية الخيول، واختطاف ثان ليلا على متن سيارة من نوع "بوجو»، وتنفيذ سرقة تحت طائلة التهديد بالسلاح الأبيض. وأكد المبلغ أن السيارة التي استولى عليها الفاعلون، حدث لها عطب غير بعيد عن مسرح السرقة، بعد تكسير نوافذ منزل يوجد داخل الضيعة وسرقة كل ما هو ثمين داخله، مضيفا أن أحد الجناة ربط الاتصال به وعرض عليه حمل أمتعة، وعمل على حملها من الصخيرات نحو تامسنا، دون أن يعلم بأنها مصدر سرقات، لكن أثاره الشك بعد رؤيته حارسا مستلقيا على الأرض، وبعدما أنزل لهم المسروقات بدوار أولاد اسلامة الشرقية بتامسنا، توجه مباشرة إلى مركز الدرك بهذه المدينة للتبليغ عنهم. تعدد الضحايا بعد خروج الدرك للبحث عن المختطفين، ولج ضحية آخر إلى مقرهم، مصرحا بأنه يعمل على إيصال الطلبيات من وجبات الأغذية وغيرها، وأثناء توقفه بعين اعتيق للتأكد من مكان الزبون عبر تقنية رصد المكان المرسل إليه، فاجأه مجهولون واعتدوا عليه بالسلاح الأبيض، فاستولوا منه على دراجته وهاتفه. أما الحارس الذي تعرض للتكبيل بعد الاعتداء عليه بالسلاح الأبيض داخل حظيرة الخيول بأحد دواوير الصخيرات، فأكد أن المتهمين سرقوا أربعة أجهزة تلفاز، من بيت مشغله بعد تكسير نوافذها بطريقة مثيرة، قبل أن يحصل لهم عطب لسيارة مستولى عليها، ويربطوا الاتصال بصاحب عربة "هوندا» لنقل المسروقات. واستمعت الضابطة القضائية إلى أربعة مصرحين أدلوا بمعطيات غنية ساهمت في الإطاحة بأفراد العصابة السبعة، ضمنهم الفتاة التي استعملت طعما لإسقاط الضحايا، كما وقف التحقيق على وجود عناصر جرمية تشكل جريمة التعذيب، إضافة إلى التشكيل العصابي والسرقة الموصوفة، لتصل العقوبات في حقهم إلى 26 سنة، ومازالت فتاة معروضة للمحاكمة. ارتباط التعذيب بالفدية من القضايا التي أحيلت على غرفة الجنايات الابتدائية بالرباط، تلك التي فككتها مصالح الدرك الملكي بمركز الصخيرات الشاطئ، وأحالتها على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، وهي تتكون من أربعة أفراد ملثمين يشكلون جرائم الاحتجاز والتعذيب وطلب الفدية ومحاولة القتل، بعدما استهدفوا شبابا في مقتبل العمر يحترفون التجارة الرقمية، لسلب أموالهم، ووصلت العقوبات فيها 80 سنة. كانت دورية الدرك الترابي تقوم بجولة روتينية تحت إشراف قائدها، فأثارهم باب فيلا مفتوحا ويخرج منه أنين أصوات لتتدخل عناصرها في الحين، ولاذ شخص مقنع بالفرار بطريقة هوليودية، فأوقفت ثلاثة من مرافقيه، كانوا مدججين بسيوف، وبعد ولوج أفراد الدورية وجدوا أربعة شباب مكبلين وفي وضعية صحية حرجة، ونقلوا بعدها إلى المركز الاستشفائي الإقليمي سيدي لحسن بتمارة، بعد فك الأحبال من أجل العلاج نتيجة التعذيب، الذي تلقوه لأزيد من أربع ساعات. وكشف تعميق البحث أن الضحايا اختاروا كراء فيلا بمحاذاة شاطئ الصخيرات، لممارسة التجارة الرقمية، وهم ينتمون لمدن مختلفة، وأن زعيم العصابة الذي يتحدر من سلا تعرف عليهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتتوطد علاقاتهم، واقترح عليهم إدخاله معهم شريكا، لكنهم رفضوا طلبه، رغم إلحاحه في مناسبات عديدة، ما دفعه إلى الاستنجاد بأفراد العصابة، قصد الانتقام منهم والسطو على أموالهم. وحسب المصدر نفسه، أقر الموقوفون الثلاثة بواقعة التخطيط للجرائم تحت إشراف مباشر، من قبل زعيم العصابة الفار، مقابل حصولهم على مبالغ مالية من قيمة الفدية، بعدما سلم المحتجزون المتورط بطائق السحب الأوتوماتيكي من وكالات بنكية لسحب مبالغ مالية، مقابل الكف عن التعذيب. واستعان الضحايا بالشهادات الطبية المسلمة لهم من قبل مستشفى عمومي بتمارة، بعدما أشر أطباء لهم على مدد من العجز البدني، نتيجة الضرب والجرح بالركل والرفس باستعمال السلاح الأبيض في حقهم، كما تسببت الواقعة في حالة من الاستياء وسط أفراد أسرهم، سيما أن المعتدى عليهم يملكون تكوينا عاليا في تخصصات مختلفة، ويكترون سيارة من وكالة كراء، للتنقل إلى الصخيرات والابتعاد عن ضجيج المدن الكبرى. تعذيب أجنبي وصلت قضايا التعذيب إلى حد احتجاز أردني وتعذيبه إلى أن أصيب بالعمى، بعدما بلغت زوجته المغربية باختفائه، وبحكم وضعيته الاعتبارية وصديق شخصيات بالرباط، دخلت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على الخط للبحث عنه. وأول ما قام به الوكيل العام للملك إخبار الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط، الذي وقع على قرار التقاط المكالمات الهاتفية، ودخل أيضا الوكيل العام للملك بالبيضاء على الخط. بدأت أبحاث الفرقة الوطنية بتعقب هاتف المختفي، وبعد استقراء وتتبع المكالمات، رصدت أجهزة الاتصالات وجود شبهات قوية بتحرك أفراد العصابة بين البيضاء والرباط وسلا، ليصل المحققون إلى مكان احتجاز الشخصية العربية، التي لها مشاريع استثمارية بالمغرب، وعلى علاقات بشخصيات مهمة بالمملكة المغربية. بعد استغلال التقاط المكالمات الهاتفية ورصد أماكن تحركات المشتبه فيهم، ووضعها في زوايا معينة، أسقطت الفرقة الوطنية المتهم الأول داخل مقهى بالرباط، بعد إبدائه مقاومة عنيفة، وبعدها سقط الثاني بالقرب من منزل والديه بسلا، وبعد إخضاعهما لبحث أولي اعترفا بمكان المحتجز داخل منزل والد الأول. ومن حسن حظ ضباط الفرقة الوطنية تقدم المتهم الثالث نحو مقر الضابطة القضائية، من تلقاء نفسه ليتم تصفيده، بعدما تبين أنه شقيق المتهم الرئيسي وله صلة بالنازلة، إذ أوهم مصالح التحقيق بأنه أراد الاستفسار عن شقيقه الموقوف، وبعدها سقطت زوجة الجاني الأول، لتتبين صلتها بالأفعال الجرمية المرتكبة. اتسعت الأبحاث لتسقط خمسة متهمين تبين تخطيطهم لواقعة استدراج رجل الأعمال الأردني، واحتجازه، والاتصال بزوجته من أجل طلب فدية. بدأ البحث مع المستثمر الأردني الذي أكد أنه بعد زواجه من مغربية في 2017 قرر الاستقرار بالمملكة المغربية وأسس شركة تتوفر على صالون وفضاء للألعاب ومطعم ومقهى، وفي غضون 2022 تعرف على بائع مواد غذائية أوهمه بالدخول معه في معاملات تجارية عقارية عبر أحد أقربائه. جرائم ثقيلة بعد سقوط العصابة وإحالتها على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، كيف قاضي التحقيق المتابعة لثلاثة متهمين إلى جرائم تكوين عصابة إجرامية واختطاف شخص واحتجازه دون أمر من السلطات، واستعمال العنف في حقه وتعذيبه والسرقة الموصوفة، وطلب فدية وانتزاع توقيع على محرر يتضمن تصرفا، والضرب والجرح بالسلاح المؤديين إلى عاهة مستديمة، وحيازة واستهلاك المخدرات، كما وجهت إلى زوجة المتهم الرئيسي جناية عدم التبليغ عن وقوع جناية رغم علمها بذلك، أما الجاني الخامس، فقد وجهت إليه جرائم المشاركة في تكوين عصابة إجرامية واختطاف شخص واحتجازه دون أمر من السلطات، والتعذيب في حقه والسرقة الموصوفة. قضاة النيابة العامة بالمرصاد كشف الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، قبل شهر، عن الدور المحوري الذي يلعبه قضاة النيابة العامة خلال عملهم اليومي، من منع التعذيب وسوء المعاملة، مؤكدا أنهم يقومون بدور فعال في منع التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، من خلال السهر على تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالوقاية منه ومكافحته، والتفاعل مع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وزيارة أماكن الحرمان من الحرية، وفتح تحقيقات في الشكاوى المتعلقة بادعاءات التعذيب المقدمة إليهم، وعرض المعتقلين على الخبرة الطبية كلما اقتضت الضرورة ذلك، وفقا للمادة 73 من قانون المسطرة الجنائية. وأكد رئيس النيابة العامة خلال الكلمة التي ألقاها لمناسبة افتتاح أشغال ندوة إطلاق برنامج تعزيز القدرات في مجال استخدام أدلة الطب الشرعي في التحري والتحقيق في ادعاءات التعذيب، طبقا لبروتوكول إسطنبول في صيغته المراجعة المنظمة، من قبل رئاسة النيابة العامة، بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية وبتعاون مع مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن، (أكد) أن الدستور المغربي، يعد ميثاقا للحقوق والحريات الأساسية، لاسيما ما تضمنته مقتضيات الباب الثاني، المتعلق بالحقوق والحريات وغيرها من المقتضيات، التي جاءت بمزيد من الضمانات القانونية والقضائية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، ويشكل ركيزة أساسية لانطلاق العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية، خاصة الفصل 22 من الدستور، الذي ينص على حماية السلامة الجسدية والمعنوية للأشخاص، وعدم جواز معاملة الغير تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة من الكرامة الإنسانية، وعلى تجريم التعذيب بكافة أشكاله، والفصل 23 الذي يعزز الضمانات القانونية الأساسية لحماية حقوق المتهم، بما في ذلك الوقاية من التعذيب وسوء المعاملة واحترام الإجراءات القانونية المطبقة، في حال إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته، وإخبار كل شخص تم اعتقاله بشكل فوري بدواعي اعتقاله وبحقوقه، التي منها الحق في التزام الصمت، وتمكينه من الاستفادة من المساعدة القانونية، والاتصال بأقربائه طبقا للقانون، كما نص هذا الفصل على ضمان قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة، وتمتيع الشخص المعتقل بحقوق أساسية وبظروف اعتقال إنسانية. وأشار المتحدث نفسه إلى ما تضمنه الدستور من ضمانات هي نفسها التي كرسها قانون المسطرة الجنائية في المادة 66 منه، سيما الحق في الاتصال بمحام، والحق في التزام الصمت، والحق في الاتصال بالأقارب، ومن ثم أكد الداكي أنه تفعيلا لهذه المقتضيات، تحرص رئاسة النيابة العامة على أن تجعل من حماية حقوق الإنسان ومكافحة التعذيب أولى الأولويات للسياسة الجنائية، وهو ما تعكسه التقارير السنوية لرئاسة النيابة العامة، في ما يخص الجوانب المتعلقة بالمعالجة القضائية لقضايا التعذيب، ومتابعة شكايات ادعاءات العنف والتعذيب وسوء المعاملة. المطالبة بتشديد العقوبات يتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع العديد من القضايا المرتبطة بالتعذيب، سيما المقرون بالاحتجاز والمطالبة بالفدية أو حتى التعذيب الناتج عنه القتل، أو خصوصا حينما تظهر فيديوهات يتعرض فيها الغير إلى هذه الجريمة بمجموعة من الأساليب، التي تشكل عناصر جرمية لتكوين هذه الجريمة. ويعتبر هؤلاء المعلقون أن السبب الرئيسي في تشديد العقوبة، رد الاعتبار لضحايا التعذيب، حتى يتلاءم حجم الضرر الجسدي والنفسي للمتضررين من هذه الأفعال الجرمية، مع طبيعة العقوبة المسطرة للفاعلين في ذلك. ولا يخفي هؤلاء المعلقون أن التعذيب جريمة تهين الكرامة الإنسانية وتحطم معنويات الشخص، ولهذا وجب على الغرف القضائية اعتبار الأمر ظرف تشديد أثناء المداولة في النطق بالأحكام القضائية، مؤكدين أنه لجبر ضرر الضحايا يبقى الحل في تشديد العقوبة والحكم بتعويضات مالية مهمة، تناسب حجم الضرر النفسي والجسدي.

التعذيب…جريمة ضد الإنسانية

يقترن في بعض الأحيان بالاحتجاز وسوء المعاملة وطلب الفدية والقانون يجرم أساليبه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عرس ببيوت طلبة الطب

إصلاح على وقع الاحتجاج بالصحة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات