قطـاع خـارج القانـون

شدد محمد الأندلوسي، فاعل في مجال البيئة، على ضرورة اعتماد قانون يساهم في محاربة الفوضى التي يعيشها قطاع تدبير النفايات المنزلية. وأكد الأندلوسي أن هناك «لوبيات» تستفيد من العشوائية. عن المشاكل التي يعرفها القطاع والحلول المقترحة لتجاوزها ومحاور أخرى يتحدث الأندلوسي لـ»الصباح» في الحوار التالي: يلاحظ غياب تثمين النفايات المنزلية باستثناء حالات قليلة، فما السبب؟ > حتى يتسنى تثمين النفايات المنزلية لابد من قانون لإعادة استعمالها وتدويرها. وفي الوقت الذي سنت فيه بلدان أخرى قانونا يلزم بإعادة استعمال النفايات المنزلية، فإنه في المغرب هناك بعض الشركات أو أحيانا تعاونيات تشتغل في المجال في غياب إطار قانوني، ما يجعل المجال يتخبط في العشوائية. ولهذا يلاحظ أن ضواحي المدن تعرف انتشار مطارح يشتغل فيها كثيرون بشكل عشوائي لفرز مواد أولية مثل البلاستيك والنحاس إلى جانب أن هناك أشخاصا يجوبون الشوارع بعربات يجرونها للنبش في حاويات القمامة. وهؤلاء الأشخاص يقومون بشكل عشوائي ب»الروسيكلاج» أو إعادة التدوير والذين غالبا ما يعتبرون «متسكعين» أو «مخالفين للقانون» علما أنهم عمال خارج الإطار القانوني المنظم لعملية الفرز. ما هي أسباب فشل جهود تجميع وفرز النفايات المنزلية؟ > تتطلب عملية الفرز تأطيرها قانونيا في كل منزل وعلى الأقل ما يخص ثلاث مواد، فمثلا في إسبانيا كل منزل ملزم بفرز النفايات إلى ثلاثة أصناف من خلال وضع المواد العضوية منها قشور الخضر وبقايا الأكل في الحاوية المخصصة لها، ثم وضع البلاستيك مثل القنينات في حاوية ثانية، بينما وضع الزجاج في حاوية ثالثة وأحيانا دول أخرى توفر مزيدا من الحاويات منها المخصصة للكرتون والورق. كم نسبة النفايات المنزلية التي يتم إنتاجها سنويا؟ > تبلغ الكمية الحالية للنفايات المنزلية 5 ملايين طن في السنة أي ما يعادل 0.76 كيلوغرام في اليوم للشخص الواحد. ويغيب تثمين هذه النفايات كما أن ما يناهز 300 مطرح عشوائي توجد في المناطق الحضرية بينما يبقى عدد المطارح المراقبة ضئيلا جدا. من المستفيد من الفوضى والعشوائية التي يعرفها القطاع؟ > في المغرب يوجد سوق مهم للمواد الصالحة لإعادة التدوير والتي أغلب العاملين فيها أصحاب العربات المجرورة الذين ينتقلون من حاوية للقمامة إلى أخرى ويبيعون مواد لـ»شركات» تتولى تدويرها، وأغلبها ليس له ترخيص وغير ملزمة بأداء فواتير الماء أو الكهرباء وغيرها. وكل مواطن يستهلك موادا لها قيمة في السوق العشوائي مثل الكرتون والبلاستيك مثلا القنينات من نوع «بي في سي»، والذي يتم تفتيته وجزيئاته تدخل في صنع قنوات الصرف الصحي والكراسي ومنها الأنواع التي تعرض للكراء على الشاطئ مع إضافة ألوان إليها. أما المواد العضوية مثل قشور البطاطس فيمكن تحويلها إلى سماد طبيعي، ويعد مهما جدا للفلاحة، لكن للأسف نضيع مواد أولية ثمينة في غياب إطار قانوني. ما هي التدابير المتخذة من أجل التصدي لذلك؟ > تعتبر البيضاء أكثر المدن التي يوجد بها «لوبي» مستفيد من العشوائية، لأنه لا يدفع الضرائب ويشتغل دون الحاجة إلى شركة مادام هناك فراغ قانوني. وللأسف نددنا بالأمر سنوات لكن لا مجيب وما زلنا نواجه تقاعسا وعدم الوعي. من هي الجهة المسؤولة عن الوضع؟ > إن وزارة البيئة ليست لها صلاحيات ولا يمكن أن تتخذ قرارات بمفردها كما هو الشأن في أوربا، فبالنسبة إلينا القطاع يعرف تداخل وزارة البيئة ووزارة المياه والغابات والصيد البحري وقطاعات أخرى، ما يساهم في العرقلة لأنه في الواقع لا تقوم أي جهة بأي شيء. وحين يتم طرق باب وزارة البيئة تقول إنه ليس لها صلاحيات وهذه معادلة صعبة، لأن الوزارة موجودة، لكن دون أن تكون لها سلطة تخول لها الأخذ بزمام الأمور. ماذا عن جمع النفايات المنزلية في المناطق القروية؟ > الغريب في الأمر أن كثيرين يعتقدون أن جمع النفايات مرتبط فقط بالمدن حيث يتم أداء ضريبة النظافة، لكن المجال القروي لم يعد سوى على الأوراق، إذ بدوره يعرف توسعا وانتشار بنايات وسكان القرى يستهلكون الأطعمة نفسها التي يستهلكها سكان المدن في أغلب الأحيان، وبالتالي ينتجون النفايات نفسها التي يتم رميها في مطارح عشوائية أو في الأودية، وبالتالي تعطي صورة مشينة خاصة للسائح الذي تظل بعض المشاهد عالقة في ذهنه. ما هي الحلول المقترحة؟ > لابد من تحيين الإطار التشريعي الخاص بالنفايات من أجل تعزيز الجوانب المرتبطة بتقليص النفايات من مصدرها، ووضع نظام الجمع الانتقائي لها وتطوير تقنيات تثمينها وإدراج مبدأ المسؤولية الموسعة للمنتج والتدبير الإيكولوجي للنفايات الخطرة. ويمكن تطبيق رسوم على كل سلوك فردي أو جماعي يتسم بإلحاق الضرر بالبيئة. الزجر أولا ما هي التدابير التي من شأنها أن تساعد على تجاوز فوضى قطاع النفايات؟ > رغم أن تدبير النفايات المنزلية له أهمية اقتصادية واجتماعية إلا أنه لم ننتقل للفعل من خلال الجانب التشريعي الذي يلزم الجميع (المواطن باعتباره الحلقة الأولى المسؤولة عن الفرز، الشركة، الجماعة...) بتحمل المسؤولية. وحين يتم وضع قانون سيكون الجميع ملزما سواء من خلال الفعل اليومي أو عبر المناهج التعليمية بالفرز باعتبار ذلك يعكس أنه مواطن صالح. ويمكن كذلك اللجوء إلى الزجر لأن عدم الفرز سيؤدي إلى أداء غرامة كما كان الشأن بالنسبة إلى استعمال حزام السلامة، ففي البداية تم رفضه، لكن بعد فترة أصبح الجميع ملزما بذلك. ولهذا تعتبر الخطوة الأولى هي وضع نص قانوني منظم لقطاع تدبير النفايات المنزلية في أفق الخمس عشرة سنة المقبلة، إذ يتطلب الأمر وقتا حتى يتم تنزيل وترسيخ ثقافة جديدة للتعامل مع النفايات، سيما أن أغلب المواطنين يعتبرون أن كل ما هو «عمومي» ليس ملكا لهم، لذلك يرمون الأزبال في كل مكان. ولهذا نأمل أن تتغير الرؤية وينقل المغاربة صور منازلهم النظيفة جدا من الداخل إلى الشارع ويغيروا عقلياتهم في التعامل مع النفايات من خلال ليس فقط وضعها في الحاويات، بل المساهمة في عملية الفرز. ويعد جمع النفايات من المعضلات الكبرى، إذ يفترض أن تكون المطارح معبأة ولها أسيجة، فتلك من الخطوات الأولى لتدبير القطاع ثم تأتي بعدها إعادة التدوير. إن الأمر قد يبدو سهلا، لكنه في الواقع يحمل في طياته كثيرا من التعقيدات. أجرت الحوار: أمينة كندي في سطور: - فاعل في مجال البيئة. - رئيس جمعية أزير لحماية البيئة. - شارك في عدة مؤتمرات لحماية البيئة داخل المغرب وخارجه.

قطـاع خـارج القانـون

الأندلوسي قال إنها سوق مهمة تستفيد "لوبيات" من عشوائيتها

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أوزين يطالب بقانون مالي تعديلي

فساد مختبرات أدوية على طاولة التهراوي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات