أحداث شغب ونهب بمدن الشمال

تخريب عدد من الوكالات البنكية وحرق عشرات السيارات ومهاجمة مقرات الشرطة بطنجة والعرائش والقصر الكبير شهدت، أول أمس الأحد، جل المدن في المنطقة الشمالية أحداث شغب وفوضى عارمة، شنها عدد من الشباب الغاضبين، الذين قاموا، في أعقاب مسيرات احتجاجية نظمت ضد غلاء المعيشة والفساد والرشوة، بأعمال النهب والسلب والاعتداءات المتفرقة على ممتلكات عمومية وخاصة. وتقدر الخسائر المادية، التي تكبدتها الممتلكات التابعة للقطاعين العام والخاص، خلال الاحتجاجات الأخيرة، وما تلاها من أعمال شغب وتخريب، بملايير الدراهم حسب حصيلة مؤقتة، إذ تتوقع بعض الجهات أن تكون الحصيلة أثقل بعد جرد كل الخسائر التي لحقت بالمؤسسات والمحلات التجارية التي طالها التخريب والحرق والاستيلاء على كافة مستلزماتها.ففي مدينة طنجة، التي تعتبر عاصمة لجهة الشمال الغربي، تحولت المسيرة السلمية، التي جابت أهم شوارع المدينة وشاركت فيها أحزاب يسارية ومنظمات حقوقية وبعض النقابات العمالية وأفراد من جماعة العدل والإحسان، إلى منحى جديد تمثل في الهجوم الهمجي لمئات من الشباب غير المتظاهرين، الذين التحقوا مباشرة بالمدينة بعد انتهاء مباراة في كرة القدم، وعمدوا في البداية إلى تخريب ونهب كل المطاعم والنوادي الليلية على الشريط الساحلي (لاكورنيش)، وكذا بعض الفنادق المصنفة التي تم تكسير واجهاتها والاستيلاء على بعض مستلزماتها، وذلك قبل أن ينتقلوا إلى الشوارع الرئيسية بالمدينة، حيث قاموا، أثناء ممارستهم لأعمال الشغب، باقتحام عدد من الوكالات البنكية، التي نجحوا في تكسير بوابتها الرئيسية، إذ لا يعرف حتى الآن إن كانت قد تعرضت لعملية نهب للأموال.كما طالت عملية التخريب العشوائي، التي قام بها شباب لا تتجاوز أعمارهم 20 سنة، عددا من المؤسسات الخصوصية وبعض المحالات التجارية والمقاهي والمطاعم المنتشرة وسط المدينة، التي نالت نصيبها من الأضرار نتيجة رشقها بالحجارة وتهشيم زجاج مداخلها ونوافذها الأمامية، بالإضافة إلى حرق وتكسير مجموعة من السيارات التي كانت مركونة في المنطقة المستهدفة. وكانت طنجة، شهدت خلال الأسبوع الماضي وقفات احتجاجية متكررة، ضد الشركة الفرنسية "أمانديس" والشركة الاسبانية "أوطاسا"، المفوض لهما تدبير قطاعي الماء والكهرباء والنقل العمومي بالمدينة، إذ استغل بعض الأفراد هذه الاحتجاجات للقيام بأعمال شغب ونهب طالت عددا من المؤسسات العمومية، خاصة مقر ولاية الأمن بمنطقة بني مكادة، الذي هاجمه المتظاهرون بالحجارة وأتلفوا تجهيزاته ومكاتبه، بالإضافة إلى تخريب ونهب مؤسسة بنكية مجاورة ووكالتين لشركة "أمانديس"، وعدد من السيارات وحافلتين للنقل العمومي.أما بالعرائش، فكانت الصورة أكثر قتامة وفظاعة، لأن ما حدث لم يكن يتوقعه أحد، بما في ذلك الأجهزة الأمنية بالمدينة، إذ كانت كل المؤشرات تفيد بأن الاحتجاجات المقررة في إطار فعاليات حركة 20 فبراير، التي دعت إليها مجموعة من الشباب المغربي على الموقع الاجتماعي "الفايسبوك" ستمر بنظام وبطرق حضارية، إلا أن نزول مجموعة من الشباب القادم من أحزمة البؤس المحيطة بالمدينة، جعل هذه المناسبة تتحول إلى ذكرى أليمة سيدونها التاريخ بعبارات الحزن والأسى.ففي سابقة خطيرة من نوعها، توجهت مجموعة من المراهقين والشباب، الذين يقدر عددهم بحوالي 500 شخص أغلبهم من ذوي السوابق، إلى المقر الرئيسي للشرطة بالمدينة، وهاجموا رجال الأمن، ما أدى ببعضهم الى الاحتماء داخل المقر، فيما فر البعض الآخر في سيارات الشرطة أو على الدراجات النارية، بعد أن وجدوا أنفسهم محاصرين وسط أعداد كبيرة من المحتجين، الذين دمروا المقر بالمقالع والحجارة. بعد ذلك، توجه المتظاهرون إلى منزل عامل الإقليم، وعملوا على رشقه بوابل من الحجارة، محملين إياه مسؤولية تدهور أوضاع المدينة الاقتصادية والاجتماعية، فيما توجهت مجموعة ثانية نحو محطة للمحروقات في ملكية رئيس المجلس البلدي، وقاموا بتدميرها كليا وحرق ما لا يقل عن عشر سيارات كانت بموقف المحطة، ما أدخل الرعب في نفوس رجال الأمن، الذين اكتفوا باتخاذ موقف المتفرج.كما قامت هذه المجموعة الخارجة عن القانون، بحرق مبنى الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، الذي يتكون من ثلاثة طوابق، بالإضافة إلى اقتحامها لعدد من الوكالات البنكية، التي تم تخريبها ونهب كل ممتلكاتها، من كراس وحواسيب ومستلزمات الطبع والنسخ، فيما امتدت أعمال التخريب إلى مقر الدرك الملكي وعدد من المؤسسات العمومية وبعض المحلات التجارية بوسط المدينة.ولم تسلم مدينة القصر الكبير من هذه الأعمال التخريبية، إذ هاجمت جحافل من المخربين السجن المدني ومقر الشرطة وبناية بلدية المدينة، قبل أن يتوجهوا إلى إحدى الوكالات البنكية بوسط المدينة، واقتحموها وخربوا كل تجهيزاتها، في غياب تام للسلطات الأمنية، التي غابت عن هذه الأحداث التي امتدت إلى بعض المقاهي ومتاجر المدينة.وأكد عدد من المواطنين يمثلون مختلف القوى والفعاليات الاجتماعية بمدن الشمال، أن الأحداث الأخيرة ألقت في قلوب الأغلبية الكاسحة من السكان نوعا من الخوف والترقب، نتيجة انجراف عدد من الشباب إلى مزيد من العنف والفوضى والتدمير والتخريب ... معلنين ادانتهم واستنكارهم لهذه الأعمال التي تتنافى مع القوانين والاخلاق والقيم التي يتميز بها الشعب المغربي، مطالبين في الوقت نفسه من الأجهزة المختصة باتخاذ كافة الاجراءات الحازمة والكفيلة بردع هذه العناصر الخارجة على النظام والقانون، والتصدي لها بكل جدية حتى لا تتكرر مثل هذه الاعمال التي تخل بأمن واستقرار هذه الأمة الآمنة. المختار الرمشي (طنجة)

أحداث شغب ونهب بمدن الشمال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

خسائر ببنوك ومحلات بعد مظاهرة شباب "الفايسبوك" بفاس

نعمان لحلو: مسيرتا الدار البيضاء والرباط مفخرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات