تفاصيل ليلة “افتراس” الظبيان

عاشت وجدة أجواء احتفالية، عقب ليلة اكتساح المنتخب الوطني إفريقيا الوسطى بخماسية تاريخية، أول أمس (السبت)، بالملعب الشرفي في وجدة، لحساب الجولة الثالثة من تصفيات المجموعة الثانية المؤهلة إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2025. ولم تقتصر الاحتفالات على المدرجات فحسب، بل امتدت خارج الملعب، بعدما اصطفت الجماهير على شكل طوابير منظمة، لتوديع اللاعبين بالزغاريد والأهازج أثناء مغادرتهم الملعب، في أجواء حماسية لم تشهدها وجدة منذ سنوات. وحظي المنتخب الوطني باهتمام بالغ بعدما استقبل لاعبوه بحفاوة وترحاب نادرين، والحصول عل تذكرة الدخول إلى الملعب كان بمثابة امتياز كبير، باختصار لا حديث يعلو على مباراة المنتخب وأهمية استضافة لاعبيه بين ظهراني هذه المدينة المهمشة، بعد آخر مباراة جرت على أرضية الملعب الشرفي، الواقع على ضفاف واد الناشف، ضد منتخب ليبيا، قبل خمس سنوات، حين كان البوسني وحيد خاليلوزيتش مدربا للأسود. وكان الجمهور في الموعد كعادته، وهو يحضر بكثافة لتشجيع الأسود، من مختلف جهات المملكة، رغم الطاقة الاستيعابية المحدودة للملعب (18.700 مقعد)، إذ امتلأت المدرجات قبل ساعة من انطلاق المباراة وسط أجواء حماسية. الأسود يشلون الحركة كسر المنتخب الوطني جمود وهدوء وجدة جراء الدينامية غير المعتادة التي شهدتها منذ اختيار ملعبها الشرفي لاستضافة مباراة إفريقيا الوسطى، كما لو أن المناسبة مواتية لإعادة عاصمة الشرق إلى الواجهة مجددا. وبدا تأثير هذه المباراة واضحا على مستوى الحياة اليومية لسكان وجدة وأهاليها، سيما أصحاب "الطاكسيات»، والمحلات التجارية وأرباب الفنادق، التي انتعشت أكثر طيلة أيام إقامة المنتخب الوطني في وجدة. «غادي نربحو الماتش، وخاص المنتخب يجي يلعب مرة مرة في وجدة"، عبارة رددها مشجعون أثناء توجههم إلى الملعب، فالأهم بالنسبة إليهم الاستمتاع بأداء المنتخب الوطني، ورؤية نجومه عن قرب. أما سائق طاكسي، فبدا متضايقا من كثرة الحواجز الأمنية وتوقيفه المتكرر من قبل شرطة المرور "علاش مبلعين بكري"، ثم يضيف "غادي نحطكم قريب وكملوا على رجليكم... سمحو ليا»، ولعل أهمية المباراة فرضت كل هذه الإجراءات الأمنية الاستباقية، تفاديا لأي شغب وفوضى محتملين. إنزال أمني استعانت السلطات الأمنية في وجدة بكثرة الحواجز الأمنية لمنع تدفق الجماهير إلى الملعب، وأيضا لضبط عملية تفتيش المشجعين قبل الولوج إلى المدرجات، وهو ما أعطى ثماره بإبعاد عدد منهم، لعدم توفرهم على التذاكر. وعاينت "الصباح" عملية دخول الجمهور إلى الملعب على شكل طوابير طويلة، ما تطلب تعزيزات أمنية مكثفة، وإغلاق الممرات القريبة من الملعب، ما حدا بالمشجعين إلى قطع مسافة طويلة مشيا، للوصول إلى الملعب، بعد ركن سيارتهم بعيدا عنه، ضمن الإجراءات الاحترازية المعتمدة من قبل السلطات الأمنية، من أجل حفظ النظام العام، خصوصا أن عددا من المشجعين حضروا إلى الملعب دون التوفر على التذاكر. وفرضت الإجراءات الاحترازية تطويق محيط الملعب منذ صباح أول أمس (السبت)، إذ انتشرت التعزيزات الأمنية في زقاق وشوارع مدينة وجدة، خصوصا تلك الموجودة بالقرب من الملعب الشرفي. "النوار" يلهب الأسعار عبر عدد من المشجعين عن سخطهم من نفاد تذاكر مباراة المنتخب الوطني وإفريقيا الوسطى في زمن قياسي، وعدم قدرتهم على اقتنائها، مقابل طرحها في السوق السوداء بأثمان باهظة. واستنكر المشجعون في حديثهم مع "الصباح" اختفاء التذاكر من منصة الموقع الرسمي للجامعة المخصص لاقتنائها، بعد ثلاثة أيام من طرحها للبيع، قبل أن تظهر في السوق السوداء بأسعار ملتهبة، إذ ارتفع ثمن تذكرة من فئة 50 درهما إلى 350، أما تذكرة من فئة 100 درهم، فوصل ثمنها إلى 800. ورغم المجهودات التي بذلت في الفترة الأخيرة، من أجل ملاحقة سماسرة السوق السوداء، إلا أن اللجنة المنظمة فشلت مرة أخرى في ضبط عملية بيع التذاكر، وجعلها في متناول جميع المشجعين دون تمييز. وقال مشجع مقيم في الناظور في حديث مع "الصباح"، بنبرة غاضبة "لا يمكن الاستمرار على هذا الوضع، فالتذاكر اختفت من المنصة، أو بالأحرى أغلقت بقصد أو بدونه، مقابل انتعاشها في السوق السوداء بأسعار باهظة. لهذا نطالب المسؤولين بوضع حد لهذا التسيب في المباريات المقبلة". دياز يشعل المدرجات أشعل إبراهيم دياز، الدولي المغربي والمحترف بريال مدريد، مدرجات ملعب الشرفي في وجدة، خلال وجوده بالمنصة الشرفية لمؤازرة زملائه أمام إفريقيا الوسطى. وهتف الجمهور باسم دياز، كما صفق لحضوره رغم غيابه عن مباراة إفريقيا الوسطى، بسبب الإصابة، في بادرة نالت إعجاب وإشادة كبيرة من قبل الجماهير المغربية، في الوقت الذي قام اللاعب دياز بتحية المشجعين بين الفينة والأخرى. وترك وجود لاعب ريال مدريد الإسباني في الملعب الشرفي لمساندة المنتخب الوطني، رغم الغياب عنه، انطباعا جيدا لدى الجمهور، خصوصا أنه حضر عبر طائرة خاصة، خصيصا لتشجيع زملائه بالمنتخب، قبل العودة مباشرة إلى مدريد. الجمهور يبهر تعالت هتافات الآلاف من المشجعين بمجرد دخول لاعبي المنتخب الوطني إلى أرضية الملعب، وكان صخبهم عاليا بعد كل محاولة يقوم بها المهاجمون بين الفينة والأخرى، قبل أن تصدح حناجرهم بعد تسجيل عبد الصمد الزلزولي الهدف الأول، وهم يرددون أهازيج صاخبة من قبيل "المغاربة سبوعا ورجالا" و"سير..سير» و»جيبوها يا ولاد» و»زيدوهم.. زيدوهم هادشي ما يكفيهم"، وارتفعت هتافات المشجعين أكثر بعد الهدف الثاني الذي أحرزه عزالدين أوناحي، ثم أضاف أشرف حكيمي الثالث في الوقت بدل الضائع، قبل أن يطلق أوناحي رصاصة الرحمة بتسجيل الرابع وسط انهيار الخط الدفاعي لمنتخب إفريقيا الوسطى. كان حضور الجمهور مثيرا للانتباه، ليس لطريقة تشجيعاته المتواصلة باستعمال مختلف وسائل التشجيع، بل كذلك لانضباطه داخل الملعب وخارجه، لهذا لم تتم معاينة أي أحداث شغب أو مناوشات سواء أثناء المباراة أو خارجها. بونو يغادر مصابا لم يستطع الحارس ياسين بونو إتمام الشوط الأول، بعد تعرضه لإصابة عضلية فرضت استبداله بمنير المحمدي، الذي كان في موعد الحدث كعادته، بعدما نجح في التصدي لمحاولات خطيرة قام بها مهاجمو إفريقيا الوسطى، خصوصا في الشوط الثاني، في الوقت الذي غادر فيه بونو أرضية الملعب تحت تصفيقات الجمهور، الذي هتف باسمه أثناء خروجه، كما حاول المدرب وليد الركراكي الاطمئنان عن إصابته، في انتظار خضوعه للمزيد من الفحوصات بالأشعة لتحديد نوعيتها ومدة غيابه عن الملاعب. الأسود "يفترسون" الظبيان رغم تراجع أداء المنتخب الوطني نسبيا في نصف ساعة الأولى من الشوط الثاني، من خلال بعض المحاولات التي قام بها منتخب إفريقيا الوسطى، فإن ذلك لم يمنع لاعبو المنتخب من استرجاع الثقة في أنفسهم، خصوصا بعد دخول يوسف النصيري وبلال الخنوس وإلياس أخوماش وعبد الكبير عبقار، الشيء الذي أثمر تسجيل الهدف الخامس من ضربة جزاء انبرى لها بنجاح سفيان رحيمي في الدقيقة 70، وكاد المنتخب أن يضيف أهدافا أخرى، بعدما فرض سيطرة ميدانية على منافسه في الدقائق الأخيرة، لتنتهي المباراة بانتصار كاسح للأسود على منتخب إفريقيا الوسطى، ومتصدرين المجموعة الثانية بالعلامة الكاملة بتسع نقاط، حصلوا عليها من ثلاثة انتصارات على الغابون ولوسوتو وإفريقيا الوسطى. إنجاز: عيسى الكامحي (موفد "الصباح" إلى وجدة)

تفاصيل ليلة “افتراس” الظبيان

الأسود يمتعون ويكتسحون إفريقيا الوسطى والأمن يربح الرهان والجمهور يبدع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحطاب يتبرأ من حساب وهمي

"فـار"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات