البحث عن الوزير!

يؤمن وزير الفلاحة والصيد البحري بالمثل المغربي "ساعة الزهو رخيصة بقطيع الراس"، وربما معه المثل الآخر "للي بغا يربح العام طويل"، وهو "يعلق"، بشكل عرضي، على قرار محكمة العدل الأوربية، مطمئنا محاوره، بدم بارد، بأن مجلس الحكومة سيتداول في الأمر الخميس المقبل!! ففي زيارته للدورة 15 لمعرض الفرس بالجديدة، الجمعة الماضي، (أي يوم صدور القرار المزلزل، بالنسبة إلى كثير من المغاربة)، وحتى في زيارته إلى طنجة، لافتتاح نشاط في الصيد البحري، وباقي تحركاته الأخرى في اليومين الأخيرين، لم يبد على محمد صديقي أنه متأثر بمجريات ما حدث بمحكمة العدل الأوربية، رغم أن ما حدث لا يمكن الاستهانة به، أقله "التشويش" على المجهودات المغربية لتكريس السيادة الوطنية، التي لا تقبل الابتزاز والتفاوض، على كامل التراب الوطني. في كل ذلك، أظهر المسؤول الحكومي المكلف بقطاعي الفلاحة والصيد البحري، أنه لا يعيش معنا في هذا البلد، وله اهتمامات أخرى غير الاهتمامات التي تؤرق بال المغاربة، مع أن الأمر كان يقتضي منه قطع جميع أنشطته، والعودة إلى مكتبه للإشراف على خلية أزمة تشكل على وجه الاستعجال، لترقب ما يمكن أن يقع. إن سيادة المغرب المحسومة على صحرائه وأقاليمه الجنوبية، التي أعادت وزارة الخارجية والتعاون التأكيد عليها في بلاغ رسمي صادر عقب صدور الحكم، لا يعفي وزير الفلاحة من تحمل مسؤوليته في الشق التجاري والمالي والتقني، الذي يعنيه في الاتفاقيتين المتعلقتين بالفلاحة والصيد البحري الموقعتين في 2019 بين المغرب والاتحاد الأوربي. كنا نتوقع أن يحتل الوزير، باعتباره المسؤول الأول عن متابعة وتنفيذ الاتفاقيتين، واجهة الإعلام العمومي والصحافة الوطنية لتقديم التوضيحات والمواقف والإجراءات والقرارات المرتقبة وتقديم أجوبة عن الأسئلة، كما يفعل جميع وزراء الفلاحة والصيد البحري في وضع مماثل، ومنهم وزراء دول في الاتحاد الأوربي شعروا أن الحكم الصادر، الجمعة الماضي، يهدد مصالحهم الاقتصادية والتجارية، ويهدد قطاعات حيوية بالإفلاس. لقد حمل قرار محكمة العدل الأوربية عددا بلا حصر من العيوب الشكلية والتقنية، وبدا منحازا إلى أطروحة الانفصال التي تشحم محركاتها الخزينة الجزائرية، لكن أكبر عيب أن يترك بعض مسؤولينا الحبل على الغارب، وينسحبوا، كليا، من المشهد. واحد من هؤلاء، يتقلد حقيبة الفلاحة والصيد البحري وأشياء أخرى، كان عليه أن يكون في مقدمة الصفوف لحماية مصالح البلد من العبث، ويعبئ العلاقات والخبراء والمحامين والمعلومات والمعطيات لبناء جدار سميك يرد جميع الضربات والهجومات المحتملة. فلا يعقل أن يداوم ضباطنا وجنودنا الأشاوس في تخوم الصحراء، ولا يغمض لهم جفن لحماية أقاليمنا الجنوبية من هجومات محتملة لشرذمة الارتزاق، ويبلوا البلاء الحسن، رغم صعوبة المهمة. بينما ينام آخرون في العسل، ولا ينتبهون إلى الخطر إلا حين تقع الفأس في الرأس. وحتى إذا انتبهوا، لا يصدر عنهم أي رد فعل حازم، ويستمرون في تنفيذ نشاطهم اليومي، دون إحساس أن المسؤولية تقتضي منهم يقظة أكبر، ومعها كثير من الوطنية. لكن، لا حياة لمن تنادي.

البحث عن الوزير!

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نصب باسم أمراء سعوديين

تافراوت... إكراهات البنية التحتية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات