مكالمة هاتفية من العدوي تمنع الجاني من الانتحار

دعته إلى الوضوء وقراءة القرآن وأداء ركعتين والإيمان بقدر الله أنقذت مكالمة هاتفية أجرتها زينب العدوي، والي جهة الغرب الشراردة بني حسن مع محمد باعياد، مفتش شرطة ممتاز يعمل بالدائرة الأمنية التاسعة بمنطقة الساكنية بالقنيطرة الذي قتل زوجته ووالديها رميا بالرصاص من الانتحار الذي كان قريبا منه، وفق ما جاء على لسانه عندما حكى للعدوي ما كان يفكر فيه بعد المجزرة التي اقترفها. وعزا مصدر من عائلة مفتش الشرطة التي ترعرع في دوار السكة بسيدي يحيى الغرب، ودرس في ثانوية ابن زيدون بالمدينة نفسها، قبل أن يتابع دراسته الجامعية في ظروف قاهرة، أسباب ارتكابه لهذه الجريمة إلى خلافاته المستمرة مع زوجته التي تعمل هي الأخرى في سلك الأمن مكلفة بالأعمال الاجتماعية في ولاية أمن القنيطرة، إذ كانت وفق روايات من عائلته تطرد والدته من المنزل باستمرار، قبل أن يعمل على إرجاعها إلى منزله الذي اقتناه بحي «لافيلوت» بدعم منها إذ باعت في وقت سابق قطعة أرضية في سيدي يحيى الغرب حصلت عليها في سياق إعادة هيكلة دور الصفيح، ومنحت عائداتها إلى نجلها التي أثم بها تسديد واجبات شراء المنزل، مناصفة مع زوجته التي تتحدر من عائلة تختلف في الطباع والمردود المالي مع عائلته الفقيرة التي نشأت في دور الصفيح، وعاشت فقرا مدقعا. ولم يشترط مفتش الشرطة حضور والديه، مقابل تسليم نفسه وأولاده، إذ أن والدته كانت توجد معه في المنزل، كما أن والده الذي كان يعمل بستانيا لدى الدرك الملكي بسيدي يحيى الغرب فارق الحياة منذ سنوات. مقابل ذلك طلب مفتش الشرطة باعياد الذي لا يتجاوز سنه 36، خلال الحوار الذي كان يجريه معه أحد رجال الأمن المقربين منه جدا رفقة الوالي العدوي هاتفيا، بإحضار شقيق والدته ونجله اللذين يقطنان في مدينة الدار البيضاء مقابل تسليم نفسه، وذلك بعدما هدأت مكاملة الوالي العدوي من روعته، وأطفأت غضبه الدفين، ودعته إلى أن يتوضأ ويقرأ آيات من القرآن الكريم ويصلي ركعتين، وهو الأمر الذي استجاب له. وقد انتظر كبار مسؤولي ولاية جهة الغرب الشراردة بني حسن ورجال الأمن والدرك الملكي والقضاء نحو أكثر من ساعتين وصول خاله ونجله وزوجته من الدار البيضاء، ليسلم نفسه، حيث كان أول شخص صعد عنده إلى الشقة وفتح له الباب، هو ابن خاله عبدالرحيم رفقة رجل أمن تجمعه به علاقة قوية يدعى فؤاد. وقبل صعودهما إلى الشقة كانت الوالي العدوي التي أذرفت الدموع حزنا على هذه الجريمة، ربطت الاتصال من جديد بمقترف الجريمة، وقالت له إن أفراد عائلته قد وصلوا، قبل أن تتركه يتحدث مع «ابن خاله» الذي يثق فيه كثيرا، وتجمعهما علاقة عائلية متينة عندما كان يدرسان معا في بلدة سيدي يحيى الغرب المهمشة. وعكس ما أشيع من أخبار زائفة، أن أطباء نفسانيين استقدمتهم الإدارة العامة هم من عجلوا بعملية الاستسلام، فإن المكالمات الهاتفية المتكررة التي كانت تجريها الوالي العدوي ورجل أمن عادي من أصدقائه، هي التي أقنعته بالتراجع عن فكرة الانتحار وتسليم نفسه بكل هدوء ودون شروط مسبقة، عكس مع حدث في قضية الشرطي حسن البلوطي الذي قتل مجموعة من زملائه في المهنة في مشرع بلقصيري.وكشف مصدر أمني ل»الصباح» كان يتابع وقائع الجريمة، أن زينب العدوي الذي كانت تتحدث مع الجاني، قالت له عبر الهاتف، وهي تحاول ثنيه عن تنفيذ فكرة الانتحار، إن «أعلى درجة الإيمان، هي الإيمان بقضاء الله خيره وشره، وأن الله ابتلاك في هذا الامتحان، وعليك أن لا تقتل نفسك، وتقتل أبناءك الأبرياء». ولطمأنته أكثر قالت له إن «زوجتك وأصهارك لم يموتوا، وإنهم نقلوا إلى المستشفى من أجل إنقاذهم، وأنهم تحت العناية المركزة». كما طمأنته هاتفيا، ودعته إلى عدم التخوف من عقوبات قاسية، واعدة إياه أنها ستكون مخففة، خصوصا أنه كان يمر من حالة نفسية وعصبية خطيرة. وكان مفتش الشرطة الذي تخاصم مع زوجته منذ صباح يوم ارتكاب الجريمة، قد تلقى صفعة من طرف والد زوجته في مرأب السيارات المخصص للإقامة، تضامنا مع نجلته الشرطية التي طلب منها الزوج مغادرة بيت الزوجية، الأمر الذي دفعها إلى الاستنجاد بوالديها، بيد أن مفتش الشرطة لم يتقبل الإهانة من طرف صهره الذي كان يشتغل بدوره في سلك الشرطة قبل أن يحصل على التقاعد، فاستعان بسلاحه الوظيفي، وسدد له عدة طلقات، قبل أن ينتقل إلى حماته، ويعيد نفس السيناريو معها، قبل أن يطارد زوجته التي استنجدت بمصعد العمارة، هربا من القتل، غير أنه لحق بها، وووجه لها رصاصات قاتلة داخل المصعد. وقبل محمد باعياد لحظة تسليم نفسه، وعندما كان مغادرا شقته، ويتأهب لامتطاء سيارة الأمن، يد الوالي زينب العدوي، وشكرها على الدعم النفسي التي قدمته له، خصوصا عندما قالت له إن «اسمي الشخصي شبيه باسم والدتك زينب، وأنا أتحدث معك كقاضية سابقة، وليس والية، وأن أولادك سيتم التكلف بهما، ولا داعي للتفكير في قتل النفس التي حرمها الله، أو الانتحار». ويحكي مصدر من عائلة الجاني ل»الصباح» التي انتقلت إلى مسقط رأسه في سيدي يحيى الغرب، إن «محمد باعياد الذي تسلم خاله نجلته ذات 4 سنوات، ونجله ذا السنتين، كان قد قرر في يوم الجريمة، ترحيل والدته إلى سيدي يحيى، وإبعادها عن زوجته، وأنه كان قد وضع أغراضها الخاصة في كوفر سيارته، قبل أن ينشب خلاف حاد مع زوجته صباح اليوم نفسه، إذ بصقت عليه، ورمته بكأس، ما جعله يشتبك معها، قبل أن تتطور الأمور بحضور والديها». وكانت الوالي العدوي زارته في مكان اعتقاله بمخفر الشرطة، ومنحته نسخة من القرآن الكريم، كما خضع إلى علاج نفسي من طرف أطباء متخصصين. ويعد مفتش الشرطة مرتكب هذه الجريمة، وفق شهادات زملائه في المهنة وجيرانه وأصدقائه من أطيب رجال الشرطة، وأن سلوكه في العمل لم يكن في يوم من الأيام محطة شبهة. يشار أن بوعياد الذي كان يتأهب للحصول على رخصة عطلة، فقد والده منذ سنوات، وله أخت ظلت تعيش ظروفا قاهرة، حيث كانت تؤويها امرأة في سيدي يحيى الغرب مكلفة بغسل الأموات، قبل أن تسافر إلى المملكة العربية السعودية للاشتغال لدى إحدى العائلات السعودية. وأرسلت المديرية العامة للأمن الوطني فرقة خاصة الى مسرح الجريمة ، كانت على اهبة للتدخل من اجل توقيف مفتش الشرطة، قبل تسليم نفسه بفضل نصائح وتدخلات الوالي ومسؤولين أمنيين، خصوصا رجل الأمن المسمى فؤاد الذي كانت الوالي تتحدث من خلال هاتفه المحمول بالتناوب معه.عبدالله الكوزي

مكالمة هاتفية من العدوي تمنع الجاني من الانتحار

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفاصيل مجزرة القنيطرة التي ارتكبها مفتش شرطة

لوبيات معادية للمغرب تتحرك لنسف التطبيع الفرنسي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات