طلبة معهد الآثار والتراث ينخرطون في أعمال التنقيب وكشف دفائن المغرب ما يزال المغرب ورشا مفتوحا، بدأت فيه أشغال التنقيب في السنوات الأخيرة بشكل مستمر، عكس العقود الماضية، التي كانت فيها بعض المحاولات وبعض الاكتشافات، من قبل علماء أجانب، لكنها لم ترق إلى ما تم العثور عليه في الفترة الأخيرة. ويعتبر الشباب من ركائز هذا العمل المهم الذي تقوم به مجموعة من العلماء، خاصة أساتذة المعهد الوطني للآثار والتراث بالرباط، الذين شاركوا في اكتشافات علمية كثيرة في الفترة الأخيرة. وأصبح الأساتذة المغاربة يشكلون فرقهم الخاصة في التنقيب، وهو ما سهل انخراط الشباب والطلبة في هذه الفرق، عكس ما كان عليه الأمر في السابق، إذ كان الأساتذة هم من يشاركون رفقة علماء أجانب. وبما أن أساتذة المعهد راكموا تجارب مع فرق علمية من ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وغيرها من الدول الأوربية، فقد قرروا تشكيل فرق خاصة بهم، ضمنها مجموعة من الشباب وطلبة المعهد، إذ تساهم هذه المبادرات في تكوين جيل جديد من المنقبين والعلماء، الذين سيكون لهم شأن في المستقبل. وإذا كانت الاكتشافات التي وصل إليها العلماء المغاربة والأجانب في السنوات الأخيرة، تعود إلى العصور القديمة جدا، وساهمت في الوصول إلى الجذور الأولى للبشرية، ولأشكال الاستقرار والتجمع البشري، فإن الشباب يمكن أن يساهموا في مشاريع أخرى لا تقل أهمية. ومن الأوراش المفتوحة التي سينكب عليها الشباب المنقبون، المدن المغربية القديمة، التي لم يتم التوصل إلى مواقعها واكتشاف أسرارها بعد، خاصة أن هناك مؤشرات تاريخية في الكتب تذكر شبكة من المدن بالأسماء وبالمواقع، ما يجعلها محطة يجب أن يفتحها العلماء الشباب. وإذا كانت جل الاكتشافات التي عثر عليها العلماء في السنوات الأخيرة داخل الكهوف والمغارات، فإن التنقيب من المفترض أن ينتقل إلى الفضاء الخارجي، وهي مهمة أكثر صعوبة وتحتاج إلى مجهود تقني ومالي. وبدأ الشباب المنقبون يتدربون على آليات وتقنيات علمية حديثة تساعد العلماء في عملهم، والتي يتم الاعتماد عليها خارج المغرب، فعلى سبيل المثال هناك آليات تقوم بمسح أعماق الأرض، ويمكن أن تعطي فكرة حول المدن المدفونة تحت التراب، والتي يمكن أن تعطي أفكارا كثيرة، وترسم صورة عن مغرب ما قبل الإسلام، الذي لا توجد الكثير من المعطيات حوله. عصام الناصيري