جوائز للفرق للحفاظ على أحد أهم عناصر التراث الوطني بعد أن كانت مهددة بالاندثار بسبب رياح التحديث، أصبحت الفروسية التقليدية أو "التبوريدة" إحدى أهم الرياضات شعبية في مغرب اليوم، نتيجة الاستثمار فيها وتطويرها وتحفيز القبائل على الاستمرار في ممارستها، خاصة إنشاء جائزة الحسن الثاني للفروسية التقليدية. ومن أجل ربط الشباب بهذه الرياضة التي تختزل قرونا من علاقة المغاربة بالفرس والبارود، في حالات السلم والحرب، أنشئت جائزة موازية لجوائز الكبار في دوري الحسن الثاني، إذ يتنافس الشباب بدورهم على جائزة أحسن سربة، ويتوجون بالجوائز، التي تخصص للفرق الثلاثة الأولى. وعلى عكس العادات والاحتفالات الكثيرة التي تخلت عنها الأجيال الجديدة، لأسباب مختلفة، حافظت التبوريدة على جاذبيتها، وحافظ الشباب على شغفهم بركوب الخيل والاعتناء بها. وأسدل الستار قبل أيام قليلة على الدورة 24 من هذه المنافسة، التي أقيمت في الفترة ما بين 26 ماي والأول من يونيو، إذ توجت سربة المقدم بدر زريزع من جهة البيضاء- سطات (عمالة مديونة) باللقب، في فئة الشباب (ما بين 12 سنة و16)، متقدمة على سربة جهة بني ملال- خنيفرة (عمالة بني ملال) للمقدم محمد غربو، وسربة جهة مراكش- آسفي (عمالة اليوسفية) للمقدم بدر الدين الخادي. وشاركت في الدور الأول من منافسات فئة الكبار 18 سربة، على مدى أربعة أيام، تأهلت منها 10 سربات إلى الأدوار النهائية. أما في فئة الشباب فقد شاركت 7 سربات، تأهلت منها 5 سربات إلى المرحلة النهائية. ولا يقف التزام الشباب بالحفاظ على هذا الموروث الثقافي الوطني، عند المشاركة في المسابقات، بل هناك عناية يومية بالخيول، إذ أن الحصان يحتاج إلى متابعة يومية دقيقة، في أكله وشربه ونظافته، الأمر نفسه بالنسبة إلى عدة التبوريدة، سواء تعلق الأمر بـ "المكاحل" أو السروج وغيرها من الأكسيسوارات، التي بدونها لا يكتمل تجهيز خيل "التبوريدة". وفي غالب الأحيان توكل مهمة المتابعة اليومية للخيل للشباب، خاصة أن كبار السن والكهول لا يستطيعون الركوب على الحصان يوميا، إذ يحتاج بشكل دوري للخروج من أجل اللعب والمتعة، والتي لا تكون إلا بالركض والقيام ببعض الحركات الاستعراضية. وتحتاج تربية الخيل إلى جهد كبير لا يقدر عليه سوى الشباب، إذ يكون من الصعب على الأسر التي لا تتوفر على شباب داخل البيت تربية الخيل، ما يعكس التزاما كبيرا للأجيال الجديدة بهذا التراث الوطني، علما أن المغرب في الوقت الحالي يتوفر على أزيد من 300 سربة. عصام الناصيري