في زمن الحماية الاجتماعية، التي ارتقت إلى قطاع وزاري ضمن حقيبة وزارة الصحة، يلقى طفل حتفه بسبب عدم "العثور" على لقاح داء الكلب، أو ما يطلق عليه السعار. طفل يتيم الأب، يتحدر من أحد الأحياء الهامشية بالمدينة الحمراء، شاءت الصدف والأقدار أن يسلم الروح إلى بارئها أمام الملأ، بل وأمام عيادة خاصة، بعد أن عجزت المصالح الاستشفائية العمومية للمدينة الحمراء عن علاجه. قبل 16 يوما، تعرض الطفل للعضة، ونقلته والدته بداية إلى مستشفى محمد السادس، لتلقي العلاج، قبل أن تتنقل بين مختلف المصالح العمومية للمدينة الحمراء بحثا عن لقاح داء الكلب، دون جدوى لتضطر إلى الانتقال إلى شيشاوة، حيث حصلت على الجرعتين الأولى والثانية، في انتظار الثالثة، لكن مضاعفات ألمت به بسبب التأخر في تطعيمه باللقاح، لتظهر عليه مضاعفات عجلت من جديد بنقله إلى المستشفى الجامعي، دون جدوى، قبل أن تختار نقله في اليوم الموالي، أي الأربعاء الماضي، إلى عيادة خاصة لعل وعسى تخفف من آلام الحمى والاختناق، لكنه فارق الحياة أمام العيادة الطبية، وفي الشارع العام. لن نلوم الجماعة الحضرية لأكبر مدينة سياحية لأنها لم توفر هذا اللقاح بمصالح حفظ الصحة ولا السهر على توفيره في حاضرة يؤمها الأجانب بالآلاف وتكثر فيها الكلاب الضالة، الخطر الجديد الذي عجزت السلطات عن مقاومته، وانتصرت الجمعيات الحقوقية لبقائه مسيطرا بعد مطالب عدم إبادة الحيوان رميا بالرصاص. ولن نلوم وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لأنها وفرت على الأقل سيارة إسعاف ومستودع أموات، لاستكمال إجراءات نقل جثة الطفل إلى مثواها الأخير، وعجزت عن توفير العلاج، بل عجز أكبر مستشفى بها، وهو المستشفى الجامعي عن تشخيص حالة الطفل ذي العشر سنوات، وطالب طاقمه أم الهالك بنقله إلى البيت دون خوف لأن حالته لا تدعو إلى القلق. لن نلوم أيضا المجالس المنتخبة، على صعيد العمالة لأنها لم تتداول في هذا الشأن، ولم تعط أهمية للكلاب الضالة ولا لتوفير أدوية مقاومة عضاتها، التي تحصيها السلطات المحلية بمختلف المقاطعات والملحقات الإدارية يوميا. سنلوم فقط، هذا الحيوان الضال، الذي لا أوراق هوية له، يجوب المدينة بحرية كبيرة، ويتناسل أمام الملأ، ويتنقل بين قمامات المطاعم الفاخرة والرخيصة، وبين حاويات أزبال الأحياء السكنية العصرية والشعبية، ليعيث فسادا في ما يرمى بها، وعندما لا تكفيه يختار فريسة من بين المارة، كهلا كان أم طفلا، بالعض أو النهش. المصطفى صفر للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma