بلغت صادرات القطاع نحو 141.7 مليار درهم في نهاية 2023 نجح المغرب في أن يصبح رائدا إقليميا في مجال صناعة السيارات، بفضل النمو المتسارع لهذا القطاع، ما مكنه من ترسيخ مكانته أكبر منتج للسيارات في شمال إفريقيا. وأوضح المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية في دراسة حديثة أعدها تحت عنوان "ريادة إقليمية: المغرب وتوطين صناعة السيارات"، أن نسيج قطاع صناعة السيارات بالمغرب، يضم أزيد من 250 موردا لأجزاء السيارات وفاعلين في مجال تصنيعها. وأضحى قطاع السيارات أكبر صناعة تصديرية في المملكة، إذ بلغت صادراته نحو 141.7 مليار درهم (13.9 مليار دولار) في نهاية 2023، أي بارتفاع من 111.2 مليار درهم (11 مليار دولار) في 2022، إلى جانب جاذبيته للاستثمار الأجنبي المباشر، إذ تعد صناعة السيارات بالمغرب من الوجهات المفضلة للاستثمار، إذ استطاع جذب العديد من شركات السيارات العالمية. ويسعى المغرب إلى أن يكون موطنا لصناعة السيارات، مع الاتجاه بالتصنيع نحو المكونات المعقدة ذات القيمة المضافة المرتفعة، علاوة على مواكبة المملكة لمستقبل صناعة السيارات العالمية، مع مساعيها لأن تصبح فاعلا رئيسيا في صناعة السيارات الكهربائية وذاتية القيادة. وحسب الدراسة، فإن ريادة المغرب الاقليمية تعزى إلى عدة عوامل محفزة ساعدته على خلق قيمة مضافة تؤهله ليس فقط لتغطية الطلب المحلي، وإنما للتصدير للعالم الخارجي، كإطلاق إستراتيجيات صناعية متكاملة، وعقد شراكات اقتصادية متنوعة مع الدول الكبرى. ولخصت الدراسة هذه العوامل في تبني المملكة إستراتيجيات معمقة، إذ جاءت انطلاقة قطاع السيارات على مرحلتين، الأولى بدأت عام 1959 بإنشاء شركة "صوماكا"، التي تركز نشاطها على تجميع الأجزاء الميكانيكية وأجسام سيارات الركاب، فيما تمثلت الثانية في تطوير صناعة المكونات الصناعية للسيارات التي بدأت في 1995، مع إبرام اتفاقية مع شركة "فيات أوتو سبا" حول مشروع للسيارات الاقتصادية، والتوقيع عام 1996 على اتفاقيتين مع شركتي "رونو" و"ستروين" لتجميع المركبات التجارية الخفيفة الاقتصادية. ومن بين تلك العوامل أيضا استقرار المناخ الاستثماري، إذ يتمتع المغرب ببيئة استثمارية مستقرة ساهمت في تسارع النمو الاقتصادي، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مشيرة الى أنه يمكن تفسير ذلك بتوفير المغرب العديد من الحوافز الاستثمارية، خاصة في المناطق التجارية والصناعية الحرة، والتي يقدمها للمستثمرين الأجانب والمحليين في جميع القطاعات. كما عقد المغرب شراكات مع غالبية القوى الاقتصادية العالمية انعكست إيجابيا على صناعة السيارات، إذ صادق على 72 معاهدة استثمارية لتشجيع وحماية الاستثمارات و62 اتفاقية اقتصادية، ووقع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوربي في 1996، وحصل في أكتوبر 2008 على مكانة "الشريك المميز" للاتحاد الأوربي، إلى جانب توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية مع الصين في ماي 2017، بالإضافة إلى شراكات تجارية واستثمارية مع كثير من الدول العربية والأفريقية. وساهمت تلك الاتفاقيات في اندماج المغرب في الاقتصاد العالمي، وانفتاحه على السوق العالمية، وتعزيز أنشطة التصدير، إلى جانب تزايد اهتمام المستثمرين الأجانب بصناعة السيارات المغربية، واتجاه عدد من الشركات الأوربية والصينية نحو ضخ المزيد من الاستثمارات في القطاع، كما ساعدت على نقل خبرات الشركاء الأجانب إلى الاقتصاد المحلي، عبر زيادة قدرات البحث والتطوير الهندسي، ما جعل المغرب مركزا رائدا لاختبار السيارات في إفريقيا.