تنفيذ 64 عملية مشتركة غالبيتها بمناطق الشمال المغربي والجنوب الإسباني حملات استباقية فريدة واستثنائية تلك التي قامت بها المصالح المختصة بمدن الشمال المغربي، خاصة على مستوى منطقة تطوان والضواحي. عمليات نوعية وخاصة لا تخلو من السرية والتنظيم، مكنت من توقيف عدد من المشتبه في انتمائهم إلى الجماعات المتطرفة خاصة "داعش"، منهم من كان على وشك الرحيل للالتحاق بمعسكراتها بسوريا أو العراق، ومنهم من كان متخصصا في عمليات استقطاب واسعة لشباب وشابات، من أجل إرسالهم إلى ساحات المعارك تلك.خصوصية جل العمليات التي تمت على مستوى الشمال، تتجلى في أنها كانت بتنسيق مع السلطات الإسبانية، فغالبية العمليات التي تمت خلال السنة المنتهية تم فيها التنسيق والتعاون على مستويات مختلفة، مع السلطات الإسبانية مما مكن من تفكيك شبكات تشتغل بالبلدين، إن على مستوى إسبانيا أو على مستوى الثغرين المحتلين سبتة ومليلية، واللتين حطمتا الأرقام القياسية في عدد الموقوفين وعدد من رحل إلى سوريا، والشيء نفسه بالنسبة إلى منطقة الفنيدق، القريبة من سبتة المحتلة، والتي تشتغل عبرهما شبكات منظمة في هذا المجال.لقد كانت العملية الأخيرة التي تمت بإتقان وعلى مستوى عال، خير دليل على الحملات الاستباقية التي تقوم بها السلطات، حيث تم تجنيد عناصر من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، و"الديستي" إضافة إلى الاستعلامات العامة، مما مكن في توقيت واحد من توقيف ثمانية أشخاص من مدن الفنيدق، ومرتيل وتطوان، ليتم التحقيق معهم والاحتفاظ باثنين لمتابعتهما بقضايا مرتبطة بالإرهاب. العملية تلك سبقتها عمليات أخرى بالمنطقة نفسها، حيث كان قد تم إيقاف شخصين يعتقد أنهما زعيما شبكة لاستقطاب "مجاهدين" من المغرب وإسبانيا، وتم إيقافهما في التوقيت نفسه من لدن السلطات المغربية بالفنيدق، أثناء إيقاف ستة أشخاص آخرين، ثلاثة بمليلية، فتاتان ورجل، واثنان بسبتة المحتلة، فتاة ورجل، وسادسة ببرشلونة، ينتمون كلهم إلى الشبكة نفسها.مندوب الحكومة الإسبانية بسبتة المحتلة، وقبله وزير الداخلية في الحكومة المركزية الإسبانية، أشاد بدور المغرب في التنسيق الأمني العالي المستوى، لمحاربة التطرف والجريمة المنظمة، وعلى رأسها التنسيق الإستخباراتي الذي مكن من توقيف عدد من المشتبه فيهم من المنتمين لـ"داعش"، وكشف المعني أنه تم خلال السنة الماضية، تنفيذ 64 عملية مشتركة غالبيتها بمناطق الشمال المغربي والجنوب الإسباني، بما فيها الثغران المحتلان سبتة ومليلية. وقد أسفر ذلك عن توقيف ما لا يقل عن 194 شخصا، جزء منهم بالجانب المغربي والجزء الثاني بالجانب الإسباني.. حيث كانت لكل تلك الشبكات علاقات مترابطة وواضحة، ويشتغل بعضهم بالمغرب وآخرون باسبانيا.وحسب الإحصاءات التقديرية التي استجمعتها "الصباح" من مصادر متفرقة، لعدد الموقوفين في جل العمليات على مستوى منطقة تطوان، خاصة بالفنيدق التي أصبحت مشتلا لعشرات "المجاهدين" منهم من ذهب ومنهم من ينتظر، أكثر من 164 شخصا، من بينهم فتيات ونساء كن على وشك الالتحاق بـ"داعش". وفيما تنشط شبكات الاستقطاب المرتبطة في غالبيتها أيضا بشبكات لتهجير البشر وبعض المافيات الأخرى، التي استغلت الوضع لتغير نشاطها وتبدأ في العمل لأجل استقطاب وترحيل أشخاص للجهاد في سوريا أو العراق، بهدف الالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية. أوضحت مصادر "الصباح" أن هناك العشرات من الشباب "المغرر" بهم، سقطوا في شراك المستقطبين الذين يوهمونهم بالأموال، بأنهم سيجنون الأرباح من رحلتهم "الجهادية" تلك.وأبرزت المصادر ذاتها، أن خارطة الاعتقالات والتوقيفات تتوزع على مستوى منطقة الشمال، بين سبتة المحتلة و الفنيدق، واللتين تأتيان في الأولى، فيما هناك أيضا مليلية المحتلة و مرتيل، وبعدد أقل بالمضيق، ثم تطوان التي تعرف ارتفاعا في أعداد من تمكن من السفر للالتحاق بـ"داعش".كما أكدت المصادر ذاتها أن العرائش وشفشاون بدورهما عرفتا توقيفات مهمة خلال هاته السنة. وقد يكون العدد أكبر مما تم الإفصاح عنه من بعض المصادر المقربة، والتي أكدت أنها تقديرات أكثر من أنها إحصاءات رسمية. لكن يبقى الأهم في جل تلك العمليات هو التنسيق المحكم بين السلطات المغربية ونظيرتها الإسبانية في هذا المجال، مما مكن وسيمكن من توقيف المزيد من المشتبه فيهم، والذين يمكن أن يشكلوا خطرا وتهديدا للسلم بالدولتين الأكثر تهديدا وتضررا من الأحداث الأخيرة.يوسف الجوهري (تطوان)