شباب استفادوا من إقبال السياح على المغرب ووجدوا في إتقان اللغات مصدرا للعيش لم يعد الإرشاد السياحي في مجموعة من المناطق السياحية بالمغرب، يحتاج إلى الحصول على شهادات مدرسية وولوج معاهد متخصصة لتعلم الإرشاد السياحي، بل إن الميدان أصبح أفضل معلم للجيل الجديد من المرشدين الشباب، الذين استفادوا من الإقبال المتزايد للسياح على المغرب، متسلحين باللغات التي أصبح تعلمها يسيرا. وظهر جيل جديد من المرشدين الشباب، خاصة في بعض المناطق من قبيل منطقة إمليل وأكفاي ونواحي مراكش عامة، إضافة إلى مدن الجنوب الشرقي خاصة ورزازات ومرزوكة، والأمر نفسه بالنسبة مدن الشمال مثل شفشاون ونواحيها، ومنطقة أيت بوكماز وتاغيا بإقليم أزيلال، وكذا الأقاليم الجنوبية. وساعد هؤلاء الشباب تعلمهم اللغات من خلال الاحتكاك بالسياح في الميدان، مع موجة الإقبال المتزايد للسياح منذ بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة، إذ استفاد المغرب من الاستقرار السياسي، واستقطب السياح الذين كانوا يقصدون وجهات أخرى أصبحت غير مستقرة سياسيا اليوم، بعد سقوط الأنظمة بعد 2011. واستفاد الشباب المغاربة من أيضا من إدراج الدولة للغة الإنجليزية في المستوى الإعدادي، الذي ينقطع فيه مجموعة من الشباب عن الدراسة، خاصة في المناطق الجبلية، ما منحهم دفعة لاكتشاف هذه اللغة العالمية، التي مكنتهم من التواصل مع السياح، الذين لا يستطيعون إتقان لغاتهم. وتمكن بعض الشباب من الجيل الجديد من المرشدين، خاصة الذين ورثوا المهنة عن آبائهم وأسرهم، أن يتقنوا لغات كثيرة، وأصبحوا متخصصين في المناطق الجبلية، بما يقتضيه ذلك، من استيعاب تام للمجال الطبيعي الذي يعملون فيه، سواء تعلق الأمر بتضاريسه وجغرافيته أو تاريخيه وعوالمه الاجتماعية والإنسانية، إذ أصبحت هذه الأبعاد مهمة للغاية في النوع الجديد من السياحة، التي يطلب فيها السياح عيش تجربة إنسانية، أكثر منها زيارة جافة. وهناك المئات من الشباب ممن امتهنوا الإرشاد السياحي في هذه المناطق، ومنهم من وسع مشروعه، وافتتح وكالات سياحية، أو قام بإنشاء وحدات فندقية ملائمة لطبيعة المناطق التي يعيشون فيها، كما يستعملون أيضا وسائل التواصل الاجتماعي من أجل جلب المزيد من الزبائن، ومشاركة نوعية عملهم لتشجيع المزيد من الوسطاء للتعامل معهم، وإرسال الوفود إليهم. وساعدت الطبيعة المنفتحة لسكان مختلف المناطق التي سبق ذكرها، في تزايد عدد السياح الذين يقصدون المناطق الجبلية، إذ يخالطون السكان، ويبيت بعضهم مع الأسر المحلية، ويشاركهم نمط عيشهم، كما أنهم يقتنون منتجات محلية مثل الزرابي والمنحوتات ومختلف سلع الصناعة التقليدية، ناهيك عن الزيوت ومختلف المنتجات الطبيعية التي توجد في هذه المناطق. عصام الناصيري