الرباط مدريد… “رابح – رابح”

بنحمزة : التعاون على قاعدة الوضوح ومراعاة مصالح الطرفين أساس العلاقات الناجحة نجحت الدبلوماسية المغربية، في السنوات الأخيرة، في إعادة قطار علاقات المغرب مع شركائه الغربيين إلى سكته الحقيقية، القائمة على منطق "رابح - رابح"، والوضوح السياسي المبني على موقف واضح من وحدته الترابية، التي باتت تشكل المنظار الذي يؤسس من خلاله لعلاقاته الدولية مع شركائه. وباتت الرباط، تعرف دينامية دبلوماسية لافتة، تعكسها زيارات وزراء خارجية عدد من الدول سواء من القارة الأوربية أو الأمريكية أو الأسيوية، المؤثرة في الساحة الدولية، كما باتت قبلة لمسؤولي البلدان الإفريقية، الذين تربطهم علاقات تعاون وثيقة مع المغرب، بفضل السياسة الإفريقية، التي أرسى دعائمها الملك، من خلال زياراته المتعددة إلى العواصم الإفريقية، والتوقيع على أزيد من ألف اتفاقية تعاون في جميع المجالات. وشكلت زيارة بيدرو سانشيز،رئيس الحكومة الإسبانية الأخيرة إلى الرباط، اعترافا جديدا بأن بناء علاقات متميزة، يقوم أساسا على الوضوح السياسي في العلاقات بين البلدين، وهي القناعة التي وصلت إليها مدريد، بعد سنوات من التردد، والمد والجزر في العلاقات، بالنظر إلى الملفات الشائكة بين البلدين، خاصة بعد الحزم الذي أبدته الرباط، بخصوص الموقف من ملف وحدته الترابية، الذي بات يشكل المنظار الذي يحدد علاقات الرباط الخارجية. وتظهر العلاقات المغربية الإسبانية نضجا كبيرا، وتمثل نموذجا للتعاون بين الشمال والجنوب على قاعدة "رابح- رابح"، وهو ما يقدم إضافة نوعية إلى استقرار المنطقة، خاصة على ضفتي مضيق جبل طارق. ويرى المحللون أن مدريد بهذه الرؤية الجديدة، تكون قد كسبت السباق مع باريس، التي ما زالت تتردد في الانتقال إلى مرحلة متقدمة في علاقاتها مع المغرب، تقوم على الحسم في موقفها من قضية الصحراء المغربية، رغم أنها كانت من الدول الأولى، التي كانت تؤيد مقترح الحكم الذاتي، وتدافع عنه في الأمم المتحدة، لكن الرباط تنتظر موقفا أكثر وضوحا وحزما من دولة ظلت تعتبر الشريك الأول للرباط، خاصة بعد التطورات التي عرفها الملف منذ الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء. وقال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن زيارة العمل التي قام بها رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز للمغرب، تؤكد تمسك إسبانيا بالشراكة الإستراتيجية التي تجمع البلدين، وبموقفها الإيجابي المؤيد للمخطط المغربي للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية. وأوضح عبد الفتاح، في تصريح صحافي أن زيارة سانشيز تكرس الدينامية التي تعرفها العلاقات بين البلدين الجارين، والتأييد الذي عبرت عنه مدريد للمخطط المغربي للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية. وسجل عبد الفتاح أن العلاقات الوطيدة والشراكة الإستراتيجية بين الرباط ومدريد، تكرسها المشاريع الكبرى، التي تجمع البلدين باعتبارهما بوابتين قاريتين، سيما مشروع أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا، الذي سيعزز دور البلدين في تحقيق الأمن الطاقي بالمنطقة، ومشروع الربط القاري، فضلا عن التنظيم المشترك، مع البرتغال، لكأس العالم لكرة القدم 2030. من جهته، قال عادل بنحمزة، المحلل السياسي، إن أهمية العلاقات المغربية- الإسبانية، تظهر من خلال تعدد مجالات التعاون، وثقل التاريخ المشترك والجغرافيا، وبالتالي يمكن القول إن الفاعلين السياسيين، أينما كانت مواقعهم، ليست أمامهم خيارات كثيرة، إذ يبقى التعاون على قاعدة الوضوح، مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح كل طرف، هو الأساس الذي يمكن أن تقوم عليه علاقات ثنائية ناجحة في ظل تحديات المستجدات الجيوإستراتيجية، التي يعرفها العالم. وأكد بنحمزة، في مقال تحليلي، توصلت "الصباح" بنسخة منه، أن هذا الأمر كشفت أهميته السنوات الأخيرة، خاصة عندما دخل البلدان في شبه قطيعة على خلفية الموقف من الصحراء المغربية، بلغت درجة سحب سفيرة المغرب من مدريد، وغلق المعابر التجارية، إضافة إلى وقف التعاون في القضايا المتصلة بالهجرة. وأوضح الباحث في العلوم السياسية أن المغرب كان واضحا، ليس فقط مع إسبانيا، بل مع جميع أصدقائه وشركائه، ذلك أن الملك محمد السادس، أكد بوضوح أن المغرب ينظر بمنظار مغربية الصحراء إلى شراكاته وصداقاته مع باقي الدول، وبالتالي صار واضحا في سياسته الخارجية، أنها لن تدخل في أي تعاون أو شراكة لا يقومان على وضوح الموقف من قضية الصحراء. ولم يفت المحلل السياسي التذكير بالأزمة التي شهدها المغرب في علاقته بألمانيا بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وهو ما دفع برلين إلى مراجعة موقفها، وكذلك الأمر مع عدد من الدول، خاصة الغربية، التي تعتبر حليفا تقليديا للمغرب، لكنها على مدى عقود حافظت على موقف رمادي من القضية المركزية للمغاربة. وبخصوص زيارة بيدرو سانشيز، إلى الرباط، أكد بنحمزة التزام إسبانيا بالتحول التاريخي، الذي شهده موقفها من قضية الصحراء المغربية، عبر دعم مبادرة الحكم الذاتي ضمن السيادة المغربية، مشيرا إلى أن هذا التحول كان له تأثير خاص على المستوى الدولي، باعتبار إسبانيا المستعمر السابق، والدولة التي كانت تتكلف بإدارة الإقليم، كما أنها عضو ضمن مجموعة أصدقاء الصحراء، التي لها دور في القرارات الأممية ذات الصلة بقضية الصحراء المغربية. وتظهر أهمية تجديد الموقف الإسباني، يقول بنحمزة، جليا من خلال إبرازها في بلاغ الديوان الملكي، الذي أعلن عن استقبال الملك محمد السادس لرئيس الحكومة الإسبانية، وهي الزيارة التي تأتي في إطار تثمين المكتسبات، وتطويرها بين البلدين، منذ البيان المشترك في 2022، مؤكدا أن المكتسبات تعززت من خلال التنظيم المشترك لكأس العالم بالاشتراك مع البرتغال في 2030. برحو بوزياني

الرباط مدريد… “رابح – رابح”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قاضي التحقيق "المداوم"

مبادرات تسابق شبح الإرهاب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات