تعتني بالمهملة والمشردة وتعالجها على نفقتها دون انتظار جزاء اختارت فردوس أحرار، أستاذة اللغة الإنجليزية، الرفق بحيوانات مهملة بالشارع، مسلكا للنجاح، موازاة مع إبداعها طرقا فريدة في التدريس لم تقتصر في تنفيذها على القسم، بل وسعت ذلك للعالم الافتراضي، في محاولة للانفتاح على أكبر عدد ممكن من الراغبين في تعلم تلك اللغة وإطلاع متابعيها على مختلف مبادراتها الإنسانية والاجتماعية. طيلة سنوات رأفت لحال قطط وكلاب مشردة، فعالجتها وآوتها واعتنت بها دون انتظار الجزاء أو تسليط الضوء على مبادرات تعتبرها عادية ومطلوبة من كل إنسان في قلبه ذرة الإنسانية. لكن التفاتتها لكلبة مريضة بقرية بني وليد بتاونات، حيث كانت تعمل بثانوية خالد بن الوليد قبل انتقالها إلى الشمال، ستفتح عين الرأي العام، عليها وعلى مبادراتها. في تجوالها بتلك القرية عثرت على الكلبة تئن من شدة ألم جرحها، فلم تتركها لحالها كما يفعل آخرون. نقلتها لمنزلها ومنه إلى مدينة فاس حيث عولجت بمستشفى مختص، إلى أن تعافت كليا. تغيرت حياة الكلبة بعدما انتشلتها من واقع التشرد والمرض، وانتشر خبر تدخلها في وسائل التواصل الاجتماعي، فكان بداية اكتشاف مبادرات رائدة نفض عنها غبار اللامبالاة. "نينا انتهى بها المطاف في بيت محب، مع الكثير من الطعام. نينا كسبت الكثير من الوزن وصارت تستمتع بحمامات كثيرة وأحيانا تستمتع بالسباحة أيضا" هكذا تتفاعل فردوس مع نجاح كل التفاتة لإنقاذ حياة حيوان مهمل أو مشرد، مصرة على مشاركة مع جميع متابعي صفحتها الفيسبوكية، مثل هذه الأخبار المفرحة التي توالى تداولها تدريجيا لحد أصبحت مألوفة منها. وتملك أستاذة الإنجليزية قدرة فائقة ليس فقط على التدخل في مجال الرفق بحيوانات الشوارع، بل في تقديم كل حالة على حدة وتتبعها ومراحل احتضانها وعلاجها ومصيرها، بأسلوب حابل بعبارات مؤثرة على غرار تجربتها مع قط دهسته سيارة وفقأت عينه وأصيب بكسر في العمود الفقري تسبب له في التهاب وألم تجرعت معه مرارته، كلما عجز عن الحركة. شاهدته صدفة في شارع بتطوان وهو "كيطيح وينوض" في محاولته عبوره، و"بلا ما نفكر هزيتو وجبتو للدار". عرضته على طبيب مختص بالمدينة ثم على آخر بطنجة، دون أن تتحسن حالته الصحية، ما اضطرها لنقله إلى مدينة فاس وعرضه على عيادة بيطرية مشهورة، ما كلفها الكثير من مالها ووقتها، قبل ما "نجبر لي يتبنى القط من بعد ما برا". وتحاول أحيانا إشراك المتحمسين لمبادراتها في تدخلات معينة، بالدعم والمساهمة في مصاريف العلاج، سيما لما يتعلق الأمر بمبادرات خارج مدينة استقرارها، دون أن تتقاعس في دعم كل محاولة لإنقاذ حياة حيوان ولو اقتضى الحال إطلاق "هاشتاك" دعما على غرار ذلك الذي أطلقته قبل شهور جمعية أدان بتطوان لإنقاذ ملجأ للحيوانات بالاسم نفسه. ولا تكل أو تمل أو تتخاذل في تقديم الدعم اللازم لمن يطلبه، موازاة مع مبادرة أخرى تشرف عليها لتعليم اللغة الإنجليزية في سلسلة قصيرة مصورة تنشرها في صفحتها ووجهتها للعائلات غير الناطقة بها في مختلف الدول العربية وخاصة بالمغرب. وفي ذلك أبدعت طريقة مختلفة عما سارت في اتجاهه عدة مواقع إلكترونية وصفحات فيسبوكية تشتغل على المحتوى نفسه. وتوظف فردوس الألفاظ الدارجة المغربية للتواصل مع الراغبين في تعلم الإنجليزية، في مختلف الدروس التي تصورها وتبثها بإمكانياتها البسيطة، مستهدفة بذلك كل الشرائح والفئات المجتمعية إن المتعلمة أو الأمية، متيحة بذلك لغير المتعلمين فرصة ذلك بأسلوب وطريقة بسيطة في بناء الكلمات والجمل وتعلمها، عكس الطريقة التقليدية والطبيعية في التدريس. قد يبدو الأمر عاديا، لكن غير العادي في تجربة هذه الأستاذة، اعتمادها على الإنصات كثيرا قبل التقليد وتكراره، طريقة للتعلم تمكن المتعلم من فهم المعنى الصحيح وتعلمه واكتساب النطق الصحيح أيضا، ما ساهم في زيادة عدد متابعيها وضاعف ووسع شهرتها وأوجه نجاحها الذي لم يقتصر على إشهار مبادراتها للرفق بالحيوانات في وضعية صعبة. حميد الأبيض (فاس)