عندما بدأت «حركة 6 أبريل» الدعوة إلى التظاهر في يوم 25 يناير 2011 وهو يوم «عيد الشرطة»، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانتشار الفقر وتزايد معدلات البطالة وتدني الأجور وارتفاع الأسعار وشيوع الفساد، وممارسة الشرطة للقمع ضد المواطنين واستمرار حالة الطوارئ ما يقرب من 30 عاما متصلة وتزوير الانتخابات العامة واحتكار الحزب الوطني للسلطة والثروة وغياب الديمقراطية وانتهاك الحريات العامة والخاصة وحقوق الإنسان. لقد عوض الشباب والرجال والنساء الغياب المتعمد للشرطة، فنظم سكان كل عمارة فرقا تتناوب على حراسة المنازل وتمنع أي غريب من الاقتراب، وفرقا أخرى عند مداخل الأحياء تتأكد من شخصية أي غريب يقترب من الحي وتفتش السيارات الداخلة إليه، وتسلم أي شخص يشتبه فيه أو أي سيارة يكتشفون وجود مسروقات بها إلى الجيش، وشكلوا لجانا شعبية للحراسة والمساعدة حلت محل شرطة النجدة المختفية وحددوا أرقاما للتلفونات يتم الاتصال بها عند وجود أي عدوان على الأمن أو المواطنين أو تهديد به، ولعبت القنوات الفضائية في ظل التعطيل الإجرامي من قبل الأمن لشبكة التليفون المحمول وللرسائل المحمولة وللشبكة الإلكترونية «الإنترنت».كل هذا والحكم غائب تماما، ولم يظهر رئيس الجمهورية، صاحب القرار السياسي والتنفيذي والتشريعي والإداري الوحيد في مصر، طيلة هذه الأيام الأربعة العصيبة (من 25 إلى 28 يناير 2011) إلا في الساعة الأولى من يوم السبت 29 يناير ليلقي كلمة تؤكد أن الحكم في غيبوبة ولم يفهم أو لا يريد أن يفهم ما يجري في مصر، ظهر بعد سقوط أكثر من 100 قتيل وآلاف المصابين وحرق أقسام الشرطة ومقار الحزب الوطني الحاكم وتهديد أمن المواطنين في بيوتهم، ليقول كلاما إنشائيا لا يقدم ولا يؤخر، وليعلن أنه طلب من الحكومة تقديم استقالتها وأنه سيكلف حكومة جديدة اعتبارا من اليوم التالي، ليؤكد المقولة المشهورة «تمخض الجبل فولد فأرا» فالحكومة الجديدة - وهي الحكومة التاسعة في عهده، بعد حكومات «مبارك - فؤاد محيي الدين - كمال حسن علي - د. علي لطفي - د. عاطف صدقي - د. كمال الجنزوري - د. عاطف عبيد - أحمد نظيف» لن تحمل أي جديد طالما أن السياسات لم تتغير، فرئيس الوزراء والوزراء في مصر ليسوا أكثر من مديري مكاتب أو سكرتارية لرئيس الجمهورية، وهل يتصور مبارك أن «إقالة أحمد نظيف» تحتاج أو تستحق انتفاضة شبابية تستمر حتى الآن وكل الضحايا والخسائر التي تحملها شعب مصر خلال هذه الأيام؟!.. وماذا تفعل حكومة جديدة مع استمرار السياسات نفسها؟إن المطلوب واضح ومحدد: رحيل هذا النظام بكل مؤسساته وسياساته، وميلاد نظام جديد ديمقراطي يتم فيه تداول السلطة سلميا عبر انتخابات حرة نزيهة، تتنافس فيها أحزاب حقيقية غير محاصرة ومفروض عليها الإقامة الجبرية في المقار والصحيفة، وما يتطلبه ذلك من صياغة دستور جديد لجمهورية برلمانية ديمقراطية، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات العامة وحل مجلسي الشعب والشورى وإصدار قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية يتم على أساسه انتخاب المجالس التشريعية، وإلغاء حالة الطوارئ المعلنة منذ ما يقرب من 30 عاما، وإلغاء الشروط غير الديمقراطية التي تحصر الترشيح لرئاسة الجمهورية في أشخاص بعينهم.وتحقيق ذلك يفرض على الأحزاب والقوى السياسية وقياداتها أن تثور على المنهج السائد في الممارسة الحزبية والسياسية، وأن تنضم لثورة وانتفاضة الشباب المصري وتنزل إلى الشارع وتحدد مع الشباب خطوات محددة واضحة للانتقال من الوضع الحالي إلى النظام الجديد. حسين عبد الرازق(حزب التجمع الوحدوي التقدمي)عن الأهالي المصرية