زلزال قضائي سيضر بمصالح كل طالبات التطليق (الحلقة الأولى)

قراءة في مدى قانونية وصوابية قرار للمجلس الأعلى صدر حديثا أخرج العدد 72 من مجلة القضاء المجلس الأعلى، وهو العدد الأخير لهذه المجلة المعطاء بالمناسبة، قرارا مثيرا قد يقلب كل أحكام محاكم الموضوع في شقه المتعلق بمستحقات طالبات التطليق رأسا على عقب، بل يمكن أن نقول إن هذا القرار سيمس طالبات التطليق في أهم مستحق بعد أن يحكم القاضي بالتطليق المطلوب من المرأة، وبالخصوص في طلبات التطليق للشقاق وهو واجب المتعة، وهذا القرار يمكن أن يحرك ملفات نائمة منذ صدور المدونة، ستدفع الأزواج الذين كانوا محل مسطرة تطليق خصوصا التطليق للشقاق بطلب من زوجاتهم إلى استئناف الأحكام التي قضت عليهم بأداء المتعة، إذا كانت هذه الأحكام غير مبلغة ، ونحن نعلم جيدا أن هذه الأحكام لا تبلغ إلا في ما ندر. التوجه الذي سار عليه هذا القرار سيدفع الآلاف من الرجال إلى استئناف أحكام التطليق خصوصا للشقاق من أجل الحكم لهم باسترجاع المتعة التي حددتها لهم المحاكم، مستندين في طلباتهم تلك على هذا القرار، ومما يعطي انطباعا قويا لا مجال للشك بشأنه، بأنه توجه اقتنعت به الغرفة الشرعية بالمجلس الأعلى، أن هذا القرار تم تذييله بتعليق يثني على هذا القرار من طرف أحد كبار قضاة القضايا الشرعية، وهو الأستاذ إبراهيم بحماني رئيس الغرفة الشرعية بالمجلس الأعلى، الذي جزم بحزم ودون تريث بأن المتعة يحكم بها فقط في ملفات الطلاق والتطليق التي يكون فيها المدعي هو الزوج، أما إذا كانت الزوجة هي المدعية فلا مجال للحكم بالمتعة وإنما يبقى للزوجة طالبة التطليق المجال فقط لطلب التعويض، إن كان هناك تعسف من الزوج جعلها تلجأ إلى طلب التطليق . كما أن رئيس المجلس الأعلى الأستاذ مصطفى فارس في كلمته يوم الخميس 2011/01/20 أكد أمام وزير العدل ومجموعة من المسؤولين « أن أهم قرارات المجلس الأعلى شملت على الخصوص مجالات تحديد استحقاقات الزوجة عند الطلاق « كما أن مجموعة من المسؤولين القضائيين بمناسبة افتتاح السنة القضائية، نبهوا القضاة الى القرار الجديد الصادر عن المجلس الأعلى الى عدم الحكم بواجب المتعة اذا كانت الزوجة طالبة التطليق، وطلبوا منهم ضرورة التقييد به ، نذكر منهم الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالجديدة الأستاد محمد القمري .من خلال هذا المقال، سنحاول أن نقدم قراءة بعيون مفتوحة على الفقه والقانون مقدمين النازلة التي ولدت لنا هذا القرار بعملية قسرية، لنخلص في الأخير إلى مدى قانونية وصوابية هذا القرار وحسن استيعابه للفلسفة الإنصافية للمرأة المغربية التي جاءت بها مدونة الأسرة أصلا .لذلك، سنعتمد لتفكيك هذا القرار القضائي وإعادة تجميعه على الفقرات التالية : 1 ـ نظرة نقدية موجزة على الوقائع والحيثيات التي أفرزت لنا قرار المجلس الأعلى هذا.2 ـ حكم القرار القضائي وفق قانون مدونة الأسرة.3 ـ حكم القرار القضائي وفق الفقه الملكي وباقي المذاهب المعروفة في الشريعة الاسلامية.4 ـ حكم القرار القضائي وفق فلسفة مدونة الأسرة.5 ـ خاتمة الأحكام على هذا القرار .1 ـ نظرة نقدية موجزة على أهم الوقائع والحيثيات التي أفرزت لنا قرار المجلس الأعلى تتلخص موجز الوقائع حسب معطيات القرار في أن سيدة تقدمت بدعوى التطليق للشقاق ملتمسة تطبيق مقتضيات المواد 83 و 84 و 85 بالإضافة إلى ذلك، وبما أنها تزعم بأن سبب طلبها التطليق للشقاق يعود للزوج فقد طلبت الحكم لها بتعويض قدره أربعون ألف، بعد الردود بين الأطراف صدر لها حكم قضى لها بواجباتها المترتبة عن التطليق للشقاق ومنها واجب المتعة وهو محدد في مبلغ 8000 درهم، استأنف الطرفان هذا الحكم فتم تأييده أمام محكمة الاستئناف .بعد ذلك تقدم الزوج الذي كان مدعى عليه في مسطرة للتطليق للشقاق ومستأنفا عن الواجبات التي حددت في مواجهته المترتبة عن التطليق، ومنها المتعة بعريضة طعن بالنقض يعيب فيها في المقطع الأول من الوسيلة الثانية خرق المحكمة للمادة 84 من مدونة الأسرة، مقرا أن المحكمة لم تتكلم عن أسباب ومسؤولية الزوجة في إيقاعه، لأن طالب النقض، أي الزوج أدلى بما يفيد امتناع الزوجة عن الرجوع إلى بيت الزوجية، وأنها مسؤولة عن التطليق ومع ذلك حكم لها بمبلغ 8000 درهم ، معتبرا أنها المسؤولة الوحيدة عن طلب التطليق .هذا كان ملخص للمقطع الأول من الوسيلة الثانية لطالب النقض، والآن نصل إلى تعليل المجلس الأعلى بخصوص هذه الوسيلة ، فقد علل المجلس الأعلى جوابه على الوسيلة بأنه ثبت صحة ما أشار اليه طالب النقض، وأكد على أن المطلوبة في مقالها الرامي إلى التطليق للشقاق طلبت الحكم لها بتعويض بمبلغ 00 ، 40000 درهم باعتبار الطاعن هو المسؤول عن سبب الفراق، وأن المحكمة قضت لها بمتعة قدرها 8000 درهم ، وزاد في حيثياته بالقول إنه بمقتضى المادة 84 من مدونة الأسرة فإن المتعة إنما يحكم بها في حالة الطلاق أو التطليق التي يتم بطلب من الزوج ، والمحكمة لما حكمت لها بالمتعة رغم أنها طلبت الحكم لها بالتعويض ، ودون أن تحدد مسؤولية طالب النقض عن الفراق لترتب على ذلك ، التعويض المستحق لها عند الاقتضاء فإنها تكون قد خرقت المادة المحتج بها وعرضت قرارها للنقض . ذ. وهابي رشيد: محامي بهيئة الجديدة

زلزال قضائي سيضر بمصالح كل طالبات التطليق (الحلقة الأولى)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أمينة السوسي ضيفة حلقات برنامج مذكرات

إيقاف إجراءات انتخاب رئيس المجلس الجهوي للمفوضين بالبيضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات