ترتيب الأوراق السياسية لتفادي التكلفة الباهظة للإرهاب

لم ينقطع، يوما، حبل الود بين الإدارة الأمريكية والجماعات الإسلامية، إلا أنها عرفت بين الفينة والأخرى، مراحل شد وجذب تمثل آخرها في أحداث 11 شتنبر حين أعلن جورج بوش القطع النهائي مع "الإسلاميين" فيما سمي بالحرب على الإرهاب.قبل فترة الرئيس الأمريكي جورج بوش ظل الحوار بين الطرفين (الإسلاميين والولايات المتحدة الأمريكية) قائما، حفاظا على التوازنات الدولية والإقليمية، وتشكيل رؤية واضحة حول الصراعات والتوافقات التي ينبني عليها مستقبل كل منطقة، بل لمس المتتبعون توظيف الإدارة الأمريكية بعض التيارات الإسلامية في إطار الصراع حول المصالح، إلا أن أحداث 11 شتنبر أعادت الحسابات إلى نقطة الصفر، والتعامل بحذر، فتم اللجوء إلى القوة سرعان ما ثبت أنها لم تسعف إلا في ضبابية العلاقات الأمريكية وتذمر دافعي الضرائب من التكلفة الباهظة للحرب.تعددت، خلال السنين الأخيرة، التقارير الأمريكية التي تتحدث عن الخسائر المالية للولايات المتحدة الأمريكية في حروبها ضد الإرهاب، وقدرت إحداها عملية إعادة إعمار العراق ب 100 مليار دولار انتهت الى الفشل، في حين قدرت الحرب في أفغانستان بمئات الملايير، واحتل النقاش حول تكلفة الحرب واجهة الصراع الانتخابي بين الديمقراطيين والجمهوريين.وقال وزير الخارجية الامريكي السابق «كولن باول» في أحد التقارير إنه «وبعد أشهر من اجتياح العراق سنة 2003، قامت وزارة الدفاع الامريكية باختلاق الأرقام حول عدد المنتسبين الى القوى الأمنية العراقية وقفز نحو 20 ألفا في كل اسبوع»، في حين أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أنه بعد خمس سنوات فقط على بدء مشروع إعادة إعمار أظهرت الولايات المتحدة الأمريكية تبين أن أمريكا لا تملك السياسات والقدرات التقنية والهيكلية التنظيمية لانجاز مشروع بهذا الحجم، وحملت الصحيفة ضمنيا الإدارة الأمريكية مسؤولية هدر أموال دافعي الضرائب في حرب خاسرة.وتناول تقرير الصحيفة وجهات نظر قادة البانتغون قبل غزو العراق والتكاليف الباهظة لباقي الحروب الأخرى، ما أدى إلى إعادة الاستراتيجية الأمريكية إلى نقطة البداية، وأخيرا قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إن إدارة الرئيس باراك أوباما قررت التخلي عن استخدام مصطلح "الحرب على الإرهاب" ، علما أن الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، استخدم هذا المصطلح بعد الهجمات على الولايات المتحدة في 11 شتنبر، أي أن خطة مواجهة خطر «الإسلاميين» أصبحت من الماضي. بالمقابل لجأت الولايات المتحدة، من جديد، إلى فتح قنوات الاتصال مع جماعات إسلامية على امتداد الوطن العربي، ففكرة»الحرب على الإرهاب» كانت «خطأ» لأنها أكدت كثيرا على دور القوة العسكرية، حسب وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند، لأنها وحدت الجماعات الارهابية معا ضد الغرب، في حين أن رد الفعل الصحيح تجاه التهديد كان من الأفضل أن يتركز حول إعلاء قيمة القانون وحقوق الانسان وليس التقليل من شأنهما.بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها في إعادة ترتيب أوراق اللعبة، من خلال التعامل مع جماعات العنف على أنها كيانات مختلفة لها دوافع مختلفة، والموضوع لا ينحصر في اطار المعتدلين والمتطرفين، أو بين الخير والشر، وكان من الخطأ التعامل معه على هذا النحو، حسب ما صرح به الوزير نفسه.ونتيجة لهذا التحول لمس المتتبعون أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تنفض يدها من بعض الأنظمة العربية، بصفتها غير ديمقراطية، علما أن الأخيرة طالما لعبت دورا كبيرا في التضييق على تحركات «الإسلاميين»، وطموحاتهم في الوصول إلى السلطة، ونجحت، إلى حد ما، في الإعتراف بهم قوة اجتماعية وسياسية مشروعة، فتهاوت مشروعية بعض الأنظمة التي بنت حلفها وصداقتها مع أمريكا على أساس الحد من انتشار التيار الإسلامي، وقمع انسيابه في اتجاه التغيير.في آخر تقرير لمجلة «تايم» أن الولايات المتحدة في موقف صعب حاليا، بسبب الأوضاع الموجودة في مصر، فواشنطن تجد نفسها محرجة أمام دعم مطالب فرض الديمقراطية في بلد حليف لها تنقلب الأوضاع فيه إذا وصل التيار الإسلامي إلى السلطة. وفاقم هذا التخبط إعلان تنظيم «الإخوان المسلمون» نزوله إلى الشوارع لمواجهة النظام المصري، لكن تصريح أوباما بأن الإخوان المسلمين مجرد حركة لا تمثل كل الشعب المصري كشف عن تحالفات «سرية» بين الطرفين انبنت على المصالح الشخصية أكثر من مصالح الشعوب. خالد العطاوي

ترتيب الأوراق السياسية لتفادي التكلفة الباهظة للإرهاب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سياسيون يجمعون على ارتباك الإخوان أمام الثورة

الإخوان المسلمون ... الخصم المزعج

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات