أمريكا تستجيب لتقارير استخباراتية بإشراك التيار الإسلامي في الحكم

الإخوان المسلمون يصفون الحوار معها بـ"الضائع" الذي يبحث عن شريعة وعن أجندة وعن مستقبل سواء رحل حسني مبارك قبل أو في شتنبر المقبل، فإن دور حركة الإخوان المسلمين في المشهد السياسي الذي تقبل عليه مصر بكل إصرار، لن يكون هامشيا ولن تكون الحركة مضطرة بعد ثورة 25 يناير إلى الحرص ثم الحرص ثم الحرص حتى لا تلبس عباءة الإرهاب، وحتى لا ترميها الدولة بتهمة إنجاب عشرات الحركات الإسلامية الإرهابية، وهذه هي الصورة التي طالما نقلها النظام المصري عن هذه الحركة للإدارة الأمريكية، فمثلها على أنها «الوحش» الذي لا يمكن ترويضه، وهذا ما كشفته أخيرا وثائق «وكيليكس».وإن كان الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية سابقا وبالضبط مع بعض مؤسساتها غير الحكومية اتسم بحركتي مد وجزر، فإنه يبدو حاليا أن حتى أمريكا أو السياسة الأمريكية تضع حركة الإخوان المسلمين في مصر، وفي الدول العربية الأخرى ، في قلب مخططاتها، ليس كمنظمة «إرهابية»، بل كورقة جديدة تلعبها، حسب عدة تحليلات، لإشراك الحركة في اللعبة السياسية، لكن هذه المرة بدور أكثر أهمية وأكثر فاعلية. وهذا ما تدركه الحركة لذلك فتحت النقاش في الموضوع، وتضاربت آراء أتباعها، وتفرقت بين داع إلى الانخراط في هذا الحوار والاستفادة منه بطريقة ميكيافيلية، وبين من يراه خطرا يحدق بالحركة ومهددا لها، خاصة إذا ما سعت أمريكا إلى استغلال حركة الإخوان المسلمين لامتصاص غضب الجماهير التي تفرخ إرهابيين يقلقون راحة أمريكا. فإذا كان أحد أتباع الجماعة قال، وهو يلقي بدلوه في حديث شاق عن الحوار مع أمريكا، إن «الحوار في حد ذاته أمر مطلوب ومشروع ، بل إن الحضارة الإسلامية هي حضارة الحوار بامتياز ، والله سبحانه وتعالى حاور إبليس وسمح له بمناقشته، بل وسجل له ما قاله من حجج تافهة ومن ثم رد الله عليها في القرآن الكريم ليعلمنا مشروعية الحوار مع الآخر مهما كان – وليس هناك أسوأ من إبليس طبعاً «، وأضاف مسترسلا «هذا من حيث العموم، ولكن لكل حالة حوار ظروفها الموضوعية والذاتية ، و كثير من القضايا تستخدم طبعا في عكس المطلوب منها أو للالتفاف على هذا المطلوب، ومن هنا فالحوار بين الإخوان والأمريكان ليس مجرماً من حيث المبدأ، و لكن علينا أن نتأمل في الظروف الموضوعية – داخليا وإقليميا ودولياً لنحكم على هذا الحوار سلباً أم إيجاباً .» مستعرضا بعض المحطات التاريخية التي سجلت حوارا غير رسمي بين الحركة وأمريكا، قبل أن يخلص إلى أن «الإخوان المسلمين دفعوا ثمناً باهظاً، خاصة من سمعتهم ومصداقيتهم بسبب تلك الخطوة غير الضرورية وغير المبررة و لا يجب بالطبع تكرار الخطأ نفسه». وزاد أن الحوار الإخواني/الأمريكي ليس جديداً إذا ... «والكثير من الروايات حول هذا الحوار أو الرسائل التي يحاول الإخوان إرسالها إلى الأمريكان بأكثر من طريقة بدعوة ضرورة أن نطمئن الآخرين و ندعهم يفهموننا ولا يسيئون الظن بنا أو الخوف منا، هذه الرسائل تم الحديث عنها و كشفها أكثر من مرة، و لكننا لا نميل إلى السير وراء الادعاءات حقيقية أو مفتراة ... و في الواقع العملي فان الإخوان المسلمين أصلاً في العراق شاركوا في سلطة الحكم الانتقالي ، و هذه رسالة واضحة لأمريكا ، و حركة حماس وهي الأكثر راديكالية في إطار حركة الإخوان المسلمين وافقت على المشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية تحت سقف أوسلو ، و هو نوع من الرضا الصامت عن أوسلو أي أنها رسالة بإمكانية القبول بأشكال من التهدئة و القبول بمشروعات أمريكية، وهو أمر له دلالاته، وبديهي أن هناك فرقا بين إفهام وتفهيم الآخرين لمواقفنا و مبادئنا و طبيعتنا وأهدافنا عن طريق الرسائل الإعلامية المتاحة للجميع و بين المواقف العملية أو المفاوضات بين مسؤولين من الطرفين .كما ألحت من جانبها عدة دراسات أجرتها مراكز أبحاث أمريكية تابعة إلى الخارجية والبنتاجون والمخابرات على ضرورة إشراك هذه الحركة في اللعبة السياسية، لأنها، حسب هذه الدراسات «أكثر التيارات الإسلامية قبولا في الشارع المصري والعربي والإسلامي، وأنه لا يمكن ضبط هذا الشارع إلا عن طريق الإسلاميين، ومن ثم يجب تشجيع هؤلاء الإسلاميين على التخلي عن شيء من الثوابت – على غرار التجربة التركية للسماح لهم بالمشاركة في السلطة». وقد لوحت الإدارة الأمريكية بذلك لتحقيق أكثر من هدف، منها الضغط على الحكومات بالتخويف من إخراج المارد من القمقم ومن ثم فعلى هذه الحكومات أن تنبطح أكثر وتنفذ أسرع ما يطلب منها، ومنها أن تلك الإدارة باتت تدرك أن استمرار الديكتاتورية والفساد وانسداد أفق التغيير الديمقراطي سيؤدى إلى المزيد من تصاعد «الإرهاب الإسلامي» ضد أمريكا و»إسرائيل».وبالطبع هذا تفسير جزئي، فالذي يؤدى إلى تصاعد هذا "الإرهاب» هو ممارسات أمريكا و»إسرائيل» قبل أي شيء آخر، ومن ثم حسب رؤية الأوساط الأمريكية فإن من الضروري إحداث نوع من الإصلاح في تلك الدول وتجديد شباب الطبقة الحاكمة وتبحث أمريكا عن بدائل ليبرالية أو قومية أو حتى يسارية، ولكنها تكتشف في كل مرة أن تلك القوى بلا جمهور حقيقي وأنها لن تنجح في أداء المهمة.وهكذا فليس أمامها إلا شرب العلقم والمطلوب تخفيف هذا العلقم أو إلغاء مرارته أو إنهاء وجوده إن أمكن عن طريق مشاركته في السلط، وكلها خلاصات اتفقت عليها هذه التقارير ولمحت إليها نقاشات الإخوان المسلمين أيضا التي باتت تعرف أنها مطلوبة أكثر اليوم للعب دور استراتيجي.أما عصام العريان، وهو أحد أبرز وجوه وقيادات هذه الحركة فأكد في أحد تحليلاته التي أعطاها عنوان «الإخوان المسلمون وأمريكا.. جدل المبادئ والمصالح»، واصفا هذه العلاقة ب»حوار ضائع يبحث عن شريعة وعن أجندة وعن مستقبل!!»، موضحا «... حدَّد الإخوان منذ ثارت الزوابع حول الحوار المفقود موقفَهم بوضوح، فأعلنوا أنهم يرحِّبون بالحوار كقيمة حضارية وإنسانية، وأنهم يمتلكون فكرةً واضحةً وإرادةً جازمةً للإصلاح السلمي، وتأييدًا شعبيًّا يقوِّي ظهورَهم، وقيادةً راشدةً تتبعها حركةٌ ناشطةٌ ومنضبطةٌ، وأن مواقفهم معلَنةٌ حول القضايا المثارة حولهم، مثل الديمقراطية، والتعددية الحزبية، وحقوق الأقباط كمواطنين، ومساواة المرأة مع الرجل في الحقوق السياسية والمدنية، في إطار رؤيتهم التجديدية للإسلام وتطبيقهم المرن للشريعة الإسلامية بالتدريج».وأوضحوا والكلام لعصام العريان في تحليل سابق له، «أنهم يرحِّبون بالحوار مع كافة مكوِّنات المجتمع الأمريكي في العلن وأمام الجميع باستثناء الإدارة الأمريكية، وهم يستقبلون بصورة دورية باحثين وأكاديميين وصحفيين وإعلاميين أمريكيين منذ أكثر من 30 عامًا»، كما عرض مجموعة من هذه الحوارات والتي لم تكن تنته بأي اتفاق، وذلك لأن شكوك الحركة قوية حول نوايا الإدارة الأمريكية من هذا الحوار المقترَح؟! «هل هو جادٌّ يهدف إلى مصلحة مشتركة أم هو لاستخدام الإخوان كفزَّاعة يتم تهديد النظام المصري بها كي يرضَخَ للشروط الأمريكية، خاصةً في الملفات الإقليمية الصعبة (العراق وفلسطين والسودان)، بعد أن استسلم للشروط الأمريكية في الملفات الداخلية المتعلقة بالإصلاح الاقتصادي دون الإصلاح السياسي، ثم هناك السياسة الأمريكية الواضحة نحو توظيف المعارضة العربية ضد النظم الحاكمة: حدث ذلك في العراق، وكانت الكارثة التي ستؤدي بالعراق إما إلى حرب أهلية أو فوضى عارمة أو خروج الذين دخلوا على الدبابات الأمريكية مع أول جندي أمريكي يغادر بعد شهور، ويحدث ذلك الآن مع سوريا، والإخوان يرفضون مثل هذا التوظيف رفضًا قاطعًا، سواءٌ في سوريا أو في مصر أو في أي مكان». كما تحدث العريان عن القضية المبدئية وهي المتعلقة ب» السيادة الوطنية والكبرياء القومي والعزة القومية، وإذا كان بعض النظام لديه استعدادٌ للتفريط في هذه القضايا فلا أعتقد أن الإخوان- وهم يقومون ببناء مشروعهم الكبير للإصلاح والتغيير والنهضة- على استعداد للتفريط في هذه المبادئ، خاصةً بعد التأييد الشعبي الكبير الذي حصلوا عليه». ضحى زين الدين

أمريكا تستجيب لتقارير استخباراتية بإشراك التيار الإسلامي في الحكم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

هكذا تعامل الإسلاميون المغاربة مع ثورتي الفل والياسمين

سياسيون يجمعون على ارتباك الإخوان أمام الثورة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات