عندما بدأت «حركة 6 أبريل» الدعوة إلى التظاهر في يوم 25 يناير 2011 وهو يوم «عيد الشرطة»، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانتشار الفقر وتزايد معدلات البطالة وتدني الأجور وارتفاع الأسعار وشيوع الفساد، وممارسة الشرطة للقمع ضد المواطنين واستمرار حالة الطوارئ ما يقرب من 30 عاما متصلة وتزوير الانتخابات العامة واحتكار الحزب الوطني للسلطة والثروة وغياب الديمقراطية وانتهاك الحريات العامة والخاصة وحقوق الإنسان. لم تتوقف المظاهرات بل تصاعدت في كل مدن مصر، وتعاملت الشرطة مع التظاهر السلمي بعنف غير مسبوق، وسقط 4 قتلى في مدينة السويس، وشرطي في ميدان التحرير بالقاهرة نتيجة الاختناق من قنابل الغاز التي أطلقتها الشرطة.وكالعادة كان لابد من البحث عن المندسين الذين استغلوا تحرك الشباب السلمي وركبوا الموجة لتحقيق أجنداتهم الخاصة وتسببوا في لجوء المتظاهرين إل العنف، في عام 1977 كان المحرضون والمتسببون في التخريب والعنف هم اليسار خاصة حزب التجمع والشيوعيين، وكان شعار الشرطة «امسك شيوعي»، وفي أيامنا هذه أصبح الشعار «امسك إخواني»، فاتهمت وزارة الداخلية جماعة الإخوان المسلمين بالدفع بالآلاف من عناصرها إلى تلك المظاهرات، وقالت في بيان لها «إن قوات الشرطة التزمت منذ بداية هذا التحرك «يوم 26 يناير» في حوالي الحادية عشرة صباحا بتأمين تلك الوقفات وعدم التعرض لها، إلا أنه في حوالي الساعة الثالثة عصرا دفعت جماعة الإخوان المحظورة أعدادا كبيرة من عناصرها، خاصة بميدان التحرير بالقاهرة إذ تجاوز عدد المتجمهرين عشرة آلاف شخص، وكانت الصورة على أرض الواقع تكذب بيانات الداخلية، فحضور شباب ينتمي إلى لإخوان المسلمين بين المتظاهرين لم يشكل ظاهرة، فأعدادهم كانت قليلة مثلهم في ذلك مثل الموجودين من الأحزاب السياسية، ولم يرفع خلال هذه المظاهرات أي شعار للإخوان، ولم يكن لهم أي دور قيادي في الحركة، فالقيادات كانت من الشباب الذي تجمع منذ يوم 25 يناير في القاهرة وكل مدن مصر.وبعد تصاعد المظاهرات يوم الجمعة 28 يناير الذي أطلق عليه «جمعة الغضب»، وفشل الشرطة بمنهجها القمعي العنيف في وقف موجة الغضب وتصاعد المظاهرات، لجأ الحكم إلى سلاحه الأخير، فأصدر الرئيس حسني مبارك بصفته الحاكم العسكري طبقا لحالة الطوارئ المعلنة منذ 6 أكتوبر 1981، قرارين في الخامسة مساء الجمعة بإعلان حظر التجول في القاهرة الكبرى والإسكندرية والسويس، وأعطى أوامره بنزول القوات المسلحة إلى الشارع لغرض النظام والأمن وحماية الممتلكات العامة والخاصة، على أن يبدأ حظر التجول من السادسة مساء إلى السابعة صباحا.في ضوء هذا القرار ونزول مجموعات من الحرس الجمهوري والشرطة العسكرية لحراسة بعض المواقع الإستراتيجية، كان من الطبيعي أن تنسحب قوات الأمن المركزي وفرق الكارثية التي كانت تتصادم مع المتظاهرين، وأن تواصل قوات الشرطة دورها في الحفاظ على الأمن العام وحراسة الممتلكات العامة والخاصة، ولكن ما حدث كان شيئا آخر تماما، مؤامرة بكل معنى الكلمة على الوطن وناسه، انسحبت الشرطة بكل أجهزتها من الشوارع تماما، وصدرت الأوامر لمأموري الأقسام والنقط بترك مكاتبهم ومعهم كل الضباط العاملين معهم في إجازة مفتوحة لتصبح الأقسام خالية منهم، وتم إطلاق سراح كل الموجودين بالحجز من مجرمين وقتلة وبلطجية وأصحاب السوابق، لينطلقوا في الشوارع بمجرد بدء حظر التجول يسرقون وينهبون ويشعلون الحرائق ويثيرون الفزع في البيوت، وزاد الأمر خطورة تسهيل هرب المسجونين من سجون طرة وأبوزعبل وغيرها، ومن السجون شديدة الحراسة في وادي النطرون.ورغم بشاعة ما حدث والفزع الذي أثاره في نفوس المصريين جميعا، خاصة عقب هجوم بعض المجرمين المسلحين بالأسلحة البيضاء أو النارية التي حصلوا عليها من أقسام الشرطة علي المحال ونهبها وتهديدهم سكان بعض المنازل لسرقتها، فقد كشفت هذه الجريمة عن مدى تحضر هذا الشعب وعظمته. حسين عبد الرازق(حزب التجمع الوحدوي التقدمي)عن الأهالي المصرية