قيادة منتهية الصلاحية

لزرق حذر من وصول العدالة والتنمية إلى نقطة اللا عودة والغرق في مستنقع الخرافة والشعبوية نبه رشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، إلى أن «بيجيدي» يسير في اتجاه اللاعودة تحت قيادة منتهية الصلاحية تحاول جاهدة تصدير الفشل الانتخابي عوض القيام بنقد ذاتي بخطاب معتدل، ما أعاد الحزب إلى الوراء، وأغلق منافذ إمكانية تطوره نحو الأحسن. وفي ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: ياسين قُطيب كيف تفسرون ما يقع في «بيجيدي» بعد «بلاغ» عقوبة الزلزال ؟ > يلجأ العدالة والتنمية للتوظيف الخرافي للدين كلما ضاق عليه الخناق، وفي ذلك تأكيد على العجز عن طرح مشروع بديل، خاصة في ظل تصاعد الانتقادات في تبعات سياسته بعد عقد من ترؤسه للحكومة. فقد اضطرته صدمة 8 شتنبر2021 إلى الرد بمقولة العودة إلى الوراء، عوض التجديد، ما شكل نكوصا في التراكم السياسي المفترض داخل العدالة والتنمية، وهو ما تجسد على أرض الواقع بعودة، عبد الإله بنكيران، عكس قانون التطور الحزبي، ومبدأ دوران النخب، فصنع لنفسه عرفا سياسيا مكن القيادات الحزبية الحالية من التمديد، ضد تيار التحول السياسي المحقق بالمغرب. لذلك أعتبر أن «بيجيدي» ارجع المنظومة الحزبية إلى الوراء، وأغلق منافذ إمكانية تطوره نحو الأحسن، مكرسا حالة عامة من ركود السياسة خاصة في ما يتعلق بالنقاش السياسي الذي أعدمته عودة الشعبوية. لم تكن ردود الفعل مهادنة مع بنكيران، هل يعني ذلك وجود معارضة داخلية؟ > التفسير الخرافي للزلزال محاولة للعودة بالركوب على الخوف الذي تولده الكوارث الطبيعية، ما أعاد النقاش في البنية الداخلية للعدالة والتنمية بعد تراجع الجناح البراغماتي العقلاني الذي انتقم منه بنكيران رادا صفعة العزل، وذلك بعد فشل محاولات كثيرة من قبل أجنحة الحزب من أجل الوصول إلى مخرج يحول دون بلوغ نقطة اللاعودة، وبلغت لغةُ التخاطب السياسي مستوى عاليا من التشنج، في محاولة من بنكيران تصدير الفشل الانتخابي عوض القيام بنقد ذاتي بلغة الاعتدال والحكمة، وضع حكم على الجناح البراغماتي بعدم القدرة على مجاراة خطاب الأمين العام الذي يعتمد على التحريض وتغييب السياق الوطني والدولي. هل تتفقون مع الرأي القائل ببداية دخول الحزب تحت عباءة الحركة؟ > الأحداث الجارية في الحزب حاليا تؤكد بالملموس أن الاستقطاب الدائر داخل العدالة والتنمية يرفض أصلا فكرة التمايز بين السياسة والدعوة، هذا إذا ما افترضنا أن هناك جناحا براغماتيا احتك بالممارسة العملية والواقعية للسلطة فقد أبعد سعد الدين العثماني من منظري فكر الدمقرطة داخل التنظيم الحركي. ومن المؤسف أن يكون الصراع الدائر اليوم داخل العدالة والتنمية بعيدا عن دوران النخب، لأن هذا الأمر يفرض تجديد الأفكار والمشاريع والقيام بالمراجعات اللازمة والنقد الذاتي البناء وفصل المجال الدعوي عن الفضاء الحزبي، وذاك ما لا نجده في ما يسمى بالنخب الشابة داخل العدالة والتنمية، لدينا فقط ما يمكن أن نصطلح عليه سيكولوجيا «شباب يستنسخ عقلية شيوخ»، إذ لا نجد الاقتصادي البارز الذي يحمل برنامجا اقتصاديا، ولا ذاك الحقوقي المؤمن بحقوق الإنسان وحرية المعتقد، ولا القيادي المتخلص من الأساطير المؤسسة للجماعة الأم، فشتان بين الاستنساخ والتجديد. كيف تتوقعون المستقبل القريب للحزب؟ > يمكن القول إن الديمقراطية، في مفهومها الإجرائي، قد تنتج ارتباطا عاطفيا بشخصيات قيادية تحت مبرر انتصار «الزعيم»، الذي يحق له إصدار الأوامر والنواهي، حتى ولو جاءت ضد قيم وروح الديمقراطية، وعارضت الحريات والحقوق، لأن ثقافة الزعيم تتعارض مع فكرة المؤسسات. وهذا ما وقع للجناح البنكيراني داخل العدالة والتنمية، الذي يختزل الديمقراطية في شخص بنكيران. ولاشك أن ذلك يعود إلى جملة من الأسباب والمبررات، منها غياب مفهوم الديمقراطية المرتبطة بالمؤسسات، وحصر مفهوم التعاقد في الولاء الأعمى للزعيم، حينها يصبح أي رأي مخالف لرأي الزعيم خيانة عظمى، وهذا المفهوم هو ما حاول بنكيران تكريسه في لاوعي شباب حزب العدالة والتنمية. هل يشكل «بيجيدي» استثناء في أزمة الأحزاب المغربية؟ > يتضح أن تطبيق مبدأ دوران النخب داخل الأحزاب السياسية، وما تثيره من قضايا فرعية يعد من أهم القضايا التي يطرحها واقع الشأن السياسي الشديد التعقيد، وما تفرزه هذه القضية من ظواهر، بعضها طارئ عن الفعل السياسي، والبعض الآخر معتاد عرفه الفعل السياسي في السابق وعانت بسببه المنظومة الحزبية، رغم تخيل البعض انتهاءه وعدم عودته مجددا. كل ذلك يعبر عن حاجة الفعل السياسي لفهم حقيقي لما تعانيه المنظومة الحزبية من انتكاسات على مستويات عدة، ومحاولة الوصول إلى حلول فعلية للمشكلات، التي تواجهها الأدوات الحزبية، التي تدفع باتجاه استخدام العنف اللفظي والتعبيري للوصول إلى السلطة، وتجعل المؤسسة الحزبية تبتعد عن دورها الطبيعي، وهو الدفاع عن مشاريع مجتمعية بما لا يسمح، من ناحية، بتطور هذه المؤسسة بصورة طبيعية، ويؤدي، من ناحية أخرى، وفي الوقت نفسه، إلى إساءة استخدام هذه القيادات للأداة الحزبية، وهو ما ينذر بمزيد من المسخ السياسي، وبتهديد أخطر للاختيار الديمقراطي. إقصاء العقلاء هناك من يقول إن مشكلة «بيجيدي» في الخطاب، أين يكمن بالضبط أصل الأزمة ؟ > لقد فقد "بيجيدي" القدرة على التجديد الفكري والسياسي والتنظيمي، على اعتبار أن بنكيران تجاوزه الزمن، بفعل إصراره على شعبوية منتهية الصلاحية واستخدام مقولات تجاوزها الزمن، وسلوك انغلاقي تجاه مختلف المتغيرات وما يقع للحزب حاليا رجة أحدثها خروج الجناح البراغماتي قد تنفع في وقف الانهيار والتدهور، والآن يوجد الحزب حاليا أمام مفترق طريقين، إما مؤتمر اسثتنائي ينهي الاستهتار بمكانة الحزب والاستهانة بقيمته في المشهد السياسي وضعف الكفاءة والمحسوبية على جناح بنكيران، لذلك وجب التعامل مع هذه الرجة بالهدم ثم إعادة البناء والقطيعة الكاملة مع الماضي لفتح الباب أمام بروز حزب جديد، لكن إقصاء الجناح العقلاني خلف منطقة فراغ، صحيح أنها لن تفكك الحزب لكن ممارسات بنكيران جعلته يوكل إلى قيادات صغرى لم تكن لها تجارب خارج الحزب، لذلك يمكن القول بأن إبقاء العدالة والتنمية في خدمة أهواء بنكيران أخرج الحزب من المعارضة بعد خروجه من الأغلبية. في سطور - أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية. - رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية - خبير دستوري ومتخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية. - مستشار سابق لدى وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني. - حاصل على دكتوراه في القانون الدستوري والعلوم السياسية بمراكش.

قيادة منتهية الصلاحية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تحت حكم "الأوليغارشية"

انبعـاث سـؤال الهويـة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات