العروسي… صوت الجبل : كان مدرسة تخرج منها عشرات الفنانين

زرع الفنان الراحل محمد العروسي أيقونة الطرب الجبلي، حبه عن سبق إصرار وترصد في قلوب عشاقه بفضل ريبرتواره الغني بأغاني جبلية خالدة تغنت بجمال الطبيعة وحب الوطن والمرأة، وخلدت اسمه في مسار فني يركع الجميع إجلالا لغزارته وأهميته، فيما شكلت وفاته في "عيد الحب"، صدفة جميلة اعتصرت فيها قلوب عشاقه قبل الأهل والأقارب والأصدقاء مشيعيه في جنازته. ولم يكن مجرد فنان مبدع، بل تحول إلى مدرسة تعلم فيها وعلى يده نسبة مهمة من فناني هذا التراث الفني، قبل أن يعانقوا الشهرة بمختلف المدن والأقاليم خاصة بتاونات الشاهدة على احتضانه لمواهب تفتقت منذ الصغر بمن فيهم عبد الرحيم التاوناتي، وبوعلام الصنهاجي ابن بني قرة وعلى الدكري المعروف ب"علي التاوناتي" اللذين حظيا بالتكريم في الدورة الثالثة لمهرجان العيطة الجبلية.وتعد شامة الزاز أو "نجمة الشمال" كما تلقب، التي شغفت بالغناء منذ نعومة أظافرها وبدأت مسيرتها الفنية مع المسيرة الخضراء التي شاركت فيها بروح وطنية عالية، من أهم الأسماء التي رافقت الراحل منذ التحاقها بفرقته بعد مسار فني مغمور استغلت فيه أبشع استغلال، قبل أن يحضنها وتتكرر لقاءاتهما الفنية في نسبة مهمة من السهرات، وتأديتهما "دويتويات" بمواضيع وتيمات مختلفة. واعترافا بفضله وقيمته لديها، آثرت شامة المرأة الأصيلة المرتبطة بجذورها فنيا وإنسانيا، إعداد ألبوم غنائي وفاء لروح الحاج محمد العروسي كواحد من شيوخ العيطة الجبلية الذين آثرت عدم التنكر لهم في إطار مواصلتها لمشوارها الفني بعصامية سيرا على ما عهده المتلقي فيها من حرص على الانتماء لكل ما هو أصيل إن من اللباس أو المواضيع والآلات المواكبة لها وبقوة صوتها. هذه المرأة المتحدرة من أسرة متواضعة لكن "شموخها الفني يعادل شموخ جبال تاونات الشاهقة"، صنعت الحدث في الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للعيطة الجبلية الذي تألقت فيه كالعادة بما أدته من أغاني استحضرت فيها روح الفقيد، رفقة فرقة اسم "المرحوم محمد العروسي" بعد وفاته، ويترأسها عبد الرحيم الدادون أحمد تلامذته ومقربيه، والمكونة من عدة عناصر رافقته في مسيرته. وتقدم هذه الفرقة نفسها بكونها اشتغلت مع المرحوم لما يقارب نصف قرن أي منذ سنة 1965، و"رغم وفاته فهي مستمرة بفضل غيرة عائلته الصغيرة والكبيرة"، بعدما "تظافرت جهود محبيه لمواصلة العمل حتى تضمن استمرارية عطائه المنقطع النظير"، إذ تم ضخ دماء جديدة فيها لإخراج ما تراكم للمرحوم من إبداع فني أصيل، وإخراج بعض العيطات التي لم يكتب لها أن تخرج لمحبيه.وتعتبر هذه الفرقة، الموروث الفني للمرحوم الحاج محمد العروسي، "أمانة في عنقها وتعمل على ضمان استمراريته وتوارثه من جيل إلى آخر"، في وقت اختار فيه فنانون تتلمذوا على يد "أيقونة الطرب الجبلي"، الانفصال في فترات سابقة وتأسيس أجواق خاصة بهم لم يكتب لبعضها الظهور الإعلامي اللازم، اللهم من إحيائها حفلات الزفاف بقرى ومناطق الإقليم في غياب المهرجانات الخاصة. ولم يكن لتأثير العروسي حدود، إذ توجد فرق اشتهرت بعدما بصم أعضاؤه بداياتهم معه، بينها فرقة عبد السلام الساحلي التي أكدت حضورها القوي في مجال العيطة الجبلية بالقصر الكبير طيلة 25 سنة راكمت خلالها تجربة مهمة عززتها بعشرات الأغاني التي تستوحي كلماتها من الموروث الشعبي والديني والاجتماعي واستحضار سيرة الأولياء ومقاربة ظواهر اجتماعية من قبيل الغربة. جل أعضاء هذه الفرقة التي توظف آلات تقليدية معروفة في هذا اللون الفني، تتلمذوا على يد العديد من شيوخ العيطة الجبلية من قبيل الحاج محمد العروسي والمختار الساحلي، على غرار فرقة "ولد محجوبة" بمدينة وزان برئاسة عبد الكريم كريول ذات 40 سنة من الإبداع الذي تزاوج فيه بين الآلات العصرية والتقليدية المتوارثة في أداء أغانيها ذات البعد الوجداني والمتغناة بالمرأة والهجرة.وتأثرت فرقة عبد الرحمان رميش التي بزغت للوجود قبل 30 سنة، بتجربة الفنان محمد العروسي الذي كان واحدا من الشيوخ الذين استمدت مقوماتها الفنية منهم بينهم حاجي السريفي وأحمد الكرفطي، شأنها شأن فرقة احساين لبراهمي الحديثة التأسيس، التي تعتبر امتدادا لرواد العيطة من قبيل العروسي وإدريس الزهراوي والمرحوم الكرش بوبطانة، وتستمد أغانيها من الطبيعة وتاريخ المغرب.وتقدم فرقة رشيد البوزيدي الإدريسي من تاونات، المعروفة بطابعها التقليدي الأصيل في العيوط والآلات واللباس، نفسها على أن أفرادها حظوا بشرف تلقن مبادئ فن العيطة من المرحوم، شأنها شأن فرقة "محمد الكوشي" التي تشبعت بالعروسي والكرفطي في إبداع ما راكمته طيلة نحو ثلاثة عقود من أغاني عبارة عن محاورات ذات بعد اجتماعي ونفسي، للصراع بين المرأة والرجل. ولا يقتصر الأمر على ما ذكر من فرق تتلمذ أعضاؤها بالفنان العصامي محمد العروسي، بل امتد تأثيره المباشر واحتضانه للمواهب إلى فرق أخرى اشتهرت كثيرا بما أنتجته من ألبومات غنائية مقتبسة من الطبيعة والمرأة والحب والجمال، بينهم فرقة تلميذته راضية التازي ذات 16 شريطا ذات اهتمام بالطبيعة وصراع المرأة والرجل والحب بينهما، تعتمد في أدائها على لون فني قريب من الهيتي. حميد الأبيض (فاس)

العروسي… صوت الجبل : كان مدرسة تخرج منها عشرات الفنانين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المقاومون الشجعان : ماء العينين مات بسم دسه له أحد العملاء

محطات في تاريخ السينما المغربية : مخرجو التسعينات الأكثر جرأة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات