600 درهم لليلة حميمية بشقق بآسفي

ترتدي آسفي، أحسن ثيابها خلال فصل الصيف، لاستقبال زوار مدينة المحيط، على حد تعبير ابن خلدون، إذ بهذا الصيف، تنشط مناحي الحياة وتزدهر التجارة، ويتضاعف الإقبال على الفنادق والدور المعدة للكراء، وترى جحافلا من الناس يتسابق الزمن، للظفر بلحظات من المتعة والاستجمام بشواطئ المدينة ومحيطها، في حين يسابق آخرون لقضاء لحظات من المتعة الجنسية رفقة فتيات منهن القادمات من مدن مجاورة، يرغبن في عرض أجسادهن، والتقلب فوق جمر الهوى، وتحقيق الظفر المادي وقضاء عطلة في مدينة بدأت جاذبيتها السياحية تبرز في الثلاث السنوات الأخيرة، على أفق أن تساهم العديد من المشاريع المهمة في تحويلها إلى منطقة جذب سياحي وطني بامتياز...فبهذه المدينة، ترتسم ملامح الصيف على وجه آسفي، من خلال العديد من الأمكنة والوجوه أيضا، وتفيض أسواقها حيوية ونشاطا، تعكسه حالة الاكتظاظ كتلك التي تشهدها أسواقها. ولمن لا يعرف أغوار آسفي، فإنها هي تلك المدينة القابعة وراء المحيط الأطلسي، التي قال عنها لسان الدين الخطيب «آسفي لطف خفي ووعد وفي، ودين ظاهره مالكي، وباطنه حنفي، الدماثة والجمال، والسذاجة والجلال، قليلة الأحزان، صابرة على الاختزان، وافية المكيال والميزان، رافعة للداء بصحة الهواء، بلد موصوف برفيع ثياب الصوف، وبه تربة الشيخ أبي محمد صالح، وهو خاتمة المراحل لمسورة ذلك الساحل..». فكل من يزور المدينة صيفا، لابد وأن يقف مبهورا لبنيات أثرية تخفي وراءها ذكريات وأحداثا تاريخية كقصر البحر، الذي سقط جزء منه، ورغم ذلك مازال شامخا، يحيي زوار المدينة، الذين لا يفهمون سر إهمال هذه المعلمة من طرف القائمين على الشأن المحلي.وغير بعيد عن قصر البحر، يوجد ضريح الشيخ أبي محمد صالح واحد من المعالم الدينية، إذ أن أغلب زوار المدينة، لابد أن يدلفوا إلى الداخل لتحية هذا العالم الورع، الذي ترك بصمات مهمة في تاريخ الإسلام، واختار الاستقرار الأبدي بآسفي.«محمد» واحد من أبناء آسفي، قادته ظروف العمل إلى البيضاء واستقر هناك، لكنه حريص على العودة إلى مدينته الأصل خلال كل صيف، وقضاء العطلة رفقة الأهل والأحباب، ويسترجع ذكريات الصبا والزمن الجميل الذي غادر أهل آسفي، إذ ينطلق في التجوال مشيا على الأقدام، بدءا من شارع الرباط، الذي وصفه أحد الكتاب بأحسن المماشي، وقال مخاطبا من يتجول بهذا الشارع «يا ذارعا شارع الرباط تمهل، وإن كنت راكبا فترجل».ومن شارع الرباط، مرورا بساحة أبو الذهب إلى المدينة القديمة، وصولا إلى باب الشعبة التي تزخر بالأواني الخزفية التي أبدعتها أنامل صناع تقليديين يغازلون الطين ويداعبونه، ليستخرجوا منه أواني تنطق بالجمالية.من يمر من هذه الشوارع، لابد أن يتذكر سينما سنطرال التي انمحت وتحولت إلى ذكرى، ومعها خزانة المسجد الأعظم، ومكتبة البوخاري، ومنازل أعيان آسفي ورجالاتها ممن كانت شاهدة على أحداث ووقائع تاريخية راسخة.وغير بعيد عن هذه الأماكن، التي تنبض بالتاريخ، ينتصب شاطئ آسفي، الذي يرتدد عليه الكثيرون يقضون به، ساعات من الاستجمام.وحتى من يرغب في الهروب من ضجيج المدينة، فإنه يقصد شواطئ أخرى غير بعيد عن آسفي، كشاطئ لالة فاطنة، الذي يبعد ببضعة كيلومترات، أو الكاب (البدوزة)، أو يتجه نحو شاطئ الصويرية التي تبعد عن المدينة بحوالي 32 كيلو مترا. كما أن انعقاد مهرجان العيطة، خلال صيف كل سنة، يلهب صيف المدينة، ويجعلها قبلة كل عشاق هذا الفن الغنائي الذي تتميز به مدينة آسفي.هذه الحيوية والحركية الكبيرة التي تعيشها آسفي صيفا، تجعل أثمنة الدور المفروشة المعدة للكراء، ترتفع كثيرا، إذ تقفز من مائتي درهم إلى 350 درهما مثلا، كما هو الحال بلالة اهنية الحمرية، ويدخل وسطاء على الخط، من إعادة كراء هذه الدور، إذ أن الأثمنة تصل في الليلة الواحدة إلى أزيد من 600 درهم، خصوصا إذ كان الأمر يتعلق بالراغبين في قضاء الليل رفقة فتيات. ولم تخف عدة مصادر أن مجموعة من السماسرة والوسطاء، يقومون بكراء شقق للدعارة، ويجنون من ذلك مبالغ مالية مهمة في ظل غياب المراقبة، وعدم تدخل السلطات المختصة، لفرض احترام القانون. وتكثر هذه الظاهرة بشكل كبير بالصويرية القديمة غير بعيد عن آسفي، إذ أن الراغبين في اللذة الجنسية، يقصدون هذا الفضاء، لعلمهم المسبق بالتساهل الذي يبديه بعض الوسطاء هناك.وتشير عدة معطيات، إلى تراجع معدل الجريمة بآسفي، خلال صيف هذه السنة مقارنة مع الفترة نفسها من الثلاث سنوات الأخيرة، نتيجة العمل الاستباقي الذي تقوم به الأجهزة الأمنية، والتمركز بكل النقط السوداء.تلك هي حالة آسفي في فصل الصيف، إذ تتزين المدينة لتحكي عن نفسها، في حين يجد أهلها وهم يسترجعون ذكريات الماضي، أن أشياء كثيرة ضاعت خلسة من هذه المدينة..محمد العوال (آسفي)

600 درهم لليلة حميمية بشقق بآسفي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الجديدة المدينة التي لا تنام

دعارة الصيف تستنفر فرق "الأخلاق العامة"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات