موسم طانطان يستعيد أسئلة صيانة التراث غير المادي احتضنت طانطان، نهاية الأسبوع الماضي، ندوة في موضوع "الثقافة الحسانية: رهانات حفظ الذاكرة وصيانة التراث غير المادي"، شارك فيها العديد من الباحثين والأساتذة والمهتمين بالتراث. ودعا المتدخلون، خلال الندوة ضمن الدورة السادسة عشرة لموسم طانطان، إلى تثمين وحفظ الثقافة الحسانية وتدوين وتوثيق هذا الموروث وجعله رافعة أساسية للتنمية. وفي هذا السياق قال فاضل بنعيشي رئيس مؤسسة الموكار، أن اعتراف الأمم المتحدة بموسم طانطان، عبر وكالتها اليونسكو، كممثل لثقافة وتراث المجتمع الصحراوي البدوي، شكل طفرة نوعية ساهمت في حمايته وتثمينه والتعريف به كموروث ثقافي غير مادي إنساني. فيما أكد أحمد مولود أيدة الهلال باحث وخبير في التراث والتنمية الثقافية بجامعة نواكشوط، أن الثقافة الحسانية تشكلت جراء اندماج بين مجموعتي صنهاجة الصحراء الملثمين وقبائل بني حسان العربية.وأضاف أن المجال الجغرافي للبيضان شكل واسطة عقد بين جنوب المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء، مما مكن الثقافة الحسانية بفعل رحابة مجال ترحالها من تنوع الروافد المغذية لها، وأكسبها بحكم التثاقف مع شعوب وأعراق الجوار تنوعا ثقافيا فريدا. وطرح إبراهيم الحيسن، كاتب عام اتحاد كتاب المغرب بالعيون، مجموعة من الأسئلة، من قبيل ما هي علاقة الثقافة الحسانية بالتنمية عموماً وبالتنمية المجتمعية على وجه الخصوص؟ وكيف يشتغل سؤال التنمية والانماء في هذه الثقافة البدوية الخالصة المؤسسة على قيم فاضلة متفاعلة على امتداد تراب الصحراء؟ وما السبيل لجعل الثقافة الحسانية رافداً من روافد التنمية المجتمعية؟ وهل من تدابير واقتراحات عملية ناجعة لتأكيد هذا الدور وتكريسه؟ أما أحمد البشير ضماني باحث في التاريخ والتراث، فأكاد على ضرورة العمل على تحديد السبل الكفيلة بتثمين الثقافة الحسانية وحفظ ذاكرتها وصيانة تراثها اللامادي في ظل تصاعد وتيرة التحولات السوسيواقتصادية، اعتبارا لحيوية المحافظة على التراث بمختلف أشكاله وضرورة إحيائه ونقله إلى الأجيال المستقبلية كشاهد على تجربة الإنسان وطموحاته. وأعتبر فعراس عبد العزيز، مدير كرسي الألكسو للتربية على التنمية المستدامة والموروث الثقافي المبدع، ان المعجم يحتل مكانة متميزة عند جميع الأمم، خاصة حينما يتعلق الأمر بالرغبة في المحافظة على تراث يتعدى الحمولة اللغوية إلى الحمولة الثقافية وتعزيز الشعور بالهوية، كما هو الشأن بالنسبة للثروة المفاهيمية الجغرافية البيئية المتوارثة والتي تزخر بها مختلف المناطق الجغرافية داخل البلد نفسه أو بين البلدان التي تجمعها قواسم مشتركة كاللغة والهوية. من جانبها اعتبرت زليخة بابا الباحثة في الثقافة الحسانية، أن الحديث عن الثقافة الحسانية يقودنا الى سؤال التدوين، فهي ثقافة تتميز بطابعها الشفوي، الذي يشكل عائقا أساسيا أمام التعريف بها. وكشفت زليخة أنه رغم كل المحاولات والجهود المبذولة في هذا الصدد، فإنها مازالت في حاجة الى التدوين، خاصة وأن الكثير من معالم هذه الثقافة بصدد الاندثار، وهو رهين ذاكرة المشايخ، تلك الذاكرة الراحلة وهذا ما يؤكد أن الثقافة الحسانية تعاني الكثير من العوائق وتواجه الكثير من التحديات. وقال لحبيب عيديد باحث في التراث الثقافي الحساني، أن رقمنة التراث الثقافي الحساني خطوة ناجعة نحو الخروج من دائرة المحلية المحدودة إلى السياقات الإقليمية والعالمية، والترويج للمنتج الثقافي الحساني، خاصة مع إمكانية إدراج أو تصنيف هذا المخزون الثقافي الإنساني المشترك، والذي يحمل أبعادا حضارية وتاريخية تشترك فيها مختلف الحضارات التي وجدت في جغرافية هذا المجال، إضافة إلى تحقيق تنافسية أفضل للتراث الثقافي المحلي مع مختلف الخصوصيات الثقافية التي تجسد الهوية الفعلية على الصعيد الوطني. عبد الجليل شاهي (موفد "الصباح" إلى طانطان)