المتشردون… قنابل موقوتة بمكناس

أدمنوا المخدرات وتورطوا في سرقات وضحايا كحول مسمومة أماطت فاجعة مصرع تسعة أشخاص لاستهلاكهم كحولا مغشوشة، اللثام عن ظاهرة انتشار المتشردين بمكناس بجل أحياء وشوارع المدينة، ما جلعها بؤرا سوداء تثير خوف المواطنين، سيما بالليل، فإدمانهم على المخدرات والكحول الحارقة والتسول، جعلهم تورطين في جرائم عديدة، بعضها بشع وصل إلى القتل حرقا. إنجاز: حميد بن التهامي (مكناس) رغم أن ظاهرة التشرد منتشرة بجل المدن، إلا أن مكناس تعد حالة خاصة، نتيجة عوامل اجتماعية عديدة، أبرزها ضعف احتواء هذه الشريحة من المجتمع من قبل مؤسسات الرعاية الاجتماعية والفعاليات التي تهتم بالمجال، وهو الأمر الذي ساهم في اتخاذ العديد من الأطفال واليافعين إلى جانب فئة أخرى من مختلف الأعمار، ومن الجنسين، من شوارع وأزقة العاصمة الإسماعيلية، مأوى لهم. بؤر سوداء حول المتشردون عددا من المراكز الحيوية بمكناس إلى بؤر سوداء، رغم المجهودات الكبيرة التي تبذلها السلطة المحلية ومصالح الأمن الوطني لطردهم منها وفرض الأمن. وتبقى المحطتان الطرقية والقطار الأمير عبد القادر وسط المدينة، أبرز نقطتي تجمع للمتشردين من كلا الجنسين ومن جميع الأعمار، فشلت جميع محاولات طردهم منهما، إذ سرعان ما يعودون للانتشار بجوانبهما. اختيار المحطتين معا ليس اعتباطا من قبل المتشردين فهما تستقبلان يوميا عددا كبيرا من المسافرين، وبالتالي فرصة للتسول وفي الوقت نفسه اقتناص فرصة تعريض ضحية للسرقة، خصوصا في الساعات المتأخرة من الليل. إضافة إلى ذلك، أن موقع المحطتين قريب من أحياء شعبية شهيرة بمكناس، من قبيل برج مولاي عمر وسيدي بابا وغيرهما، حيث تعد هذه الأحياء مشاتل للجريمة، وفضاء لترويج الممنوعات بكل أنواعها. سرقات ومخدرات وكحول يتطلب التجول ليلا في بعض الأماكن التي تشهد انتشارا للمتشردين بمكناس، حذرا من نوع خاص، فرغم أن عددا منهم يجنح للسلم ويستسلم لنوم عميق بعد استنشاقه لـ"السيلسيون" أو احتساء كحول الحريق، إلا أن آخرين يتحينون الفرصة لاعتراض سبيل ضحاياهم، سيما من يوجدون وحيدين في "قطاعهم"، إذ في البداية يتسلمون منهم مبالغ مالية وفي حالة الرفض، لا يتوانون في تعريضهم للسرقة تحت التهديد. الحاجة اليومية لتعاطي المخدرات، سيما "السيليسيون" واقتناء كحول الحريق، تتطلب مبالغ مالية، ليس بمقدور التسول وحده توفيرها، سيما أن أغلب المواطنين يتحفظون على التصدق عليهم إما لقناعة أنها ستنفق في المحرمات، أو بسبب التمييز الطبقي، لهذا لا يتردد المتشردون، سيما الشباب واليافعين منهم، وفي إطار مجموعات، في نصب كمائن للضحايا، مستغلين ظرف الليل لتنفيذ جرائمهم. مواطنون عديدون تعرضوا للسرقات بالعنف من قبل متشردين، خصوصا في أماكن خاصة من قبيل المحطة الطرقية ومحطة القطار الأمير عبد القادر. بعضهم لا يتردد في تقديم شكايات إلى مصالح الأمن، في حين يتفادى آخرون ذلك، ربما لقناعتهم أنهم ضحايا ظروف اجتماعية صعبة تستدعي التعاطف معهم أكثر من زجرهم. جرائم بشعة ما يميز الجرائم التي يتورط فيها المتشردون، البشاعة، إذ ربما تكشف عن حقد دفين لرفضهم واقعهم المزري الذي يعيشونه يوميا. لا ينسى المكناسيون واقعة العثور على جثة محروقة معلقة قرب "صهريج الصواني"، خلصت التحريات إلى أنها تعود لمتشرد، وكشف التشريح أن الضحية اغتصب قبل قتله وحرق جثته بمادة حارقة. وجد كل المتشردين أنفسهم في قفص الاتهام بحكم أنهم الوحيدون الذين يتورطون في مثل هذه الجرائم، سيما حرق الجثة لتوفرهم على مواد حارقة من قبيل "الدوليو". فعلا تأكدت فرضيات المحققين بعد اعتقال متشردين، أقروا أنهم تناوبوا على هتك عرض الضحية، وبسبب مقاومته لهم أجهزوا عليه، ومن أجل التخلص من آثار الجريمة، سكبوا عليه مادة حارقة وغادروا المكان. بعدها تورط متشرد بمنطقة المنصور بمكناس، في اقتحام مسجد، وهو في حالة غير طبيعية، يحمل سلاحا أبيض بهدف السرقة، فحاول إمام المسجد منعه، فوجه له المتشرد طعنه تسببت له في جروح بالغة، فتدخل حارس ليلي بدوره للدفاع عن الإمام ووقف الاعتداء، فتعرض بدوره لطعنات بسكين، قبل أن تتدخل عناصر الدائرة الأمنية العاشرة، التي تمكنت من شل حركته ونزع السكين منه. كحول الحريق ... السم القاتل تصاحب هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة بعض الوقائع المأساوية التي يتعرض لها المتشردون، أبرزها أنهم غالبا ما يكونون ضحايا تسمم جماعي، قد ينتهي بوفاة العديد منهم نتيجة تناول بعض السوائل والمواد الكحولية التي تكون غير صالحة للاستهلاك. وهو ما حدث هذا الأسبوع، عندما اهتزت المدينة على وقع وفاة 9 متشردين بأحياء مختلفة نتيجة تناولهم لمحلول كحولي تم اقتناؤه من أحد المحلات المخصصة لبيع العقاقير بحي بابا الجديد بالمدينة العتيقة. وتعتبر الوفاة الجماعية للمتشردين بسبب التسمم، إشارة الى أن مؤشر التشرد في العاصمة الإسماعلية يعرف ارتفاعا ملحوظا رغم المجهودات التي يتم القيام بها لمحاولة احتواء الأوضاع، إذ استعصى أمر ذلك على السلطات المعنية بسبب الأعداد المرتفعة التي تحل بالمدينة، والتي تأتي من بعض المناطق المجاورة، إضافة إلى أعداد أخرى من نزلاء إحدى أكبر مؤسسات الرعاية الاجتماعية، والذين يتم تسريحهم منها بسبب بلوغهم سن الرشد، وهو ما يحول الشارع المكناسي إلى حضن لجحافل من المتشردين على شكل مجموعات، يؤثثون بعض الفضاءات ويتخذونها مأوى لهم شتاء وصيفا .

المتشردون… قنابل موقوتة بمكناس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"سوسـة" الأسـر

طغيان الذات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات