ضرورة تليين موقف المجلس الأعلى

أشيبان: على الجهات الحكومية أن تتعبأ ليس للتحسيس فقط وإنما للإشعار بخطورة عدم توثيق الزواج دعا الدكتور مصطفى أشيبان المحامي بهيأة البيضاء إلى وجوب التعبئة الشمولية لتحقيق أهداف المادة 16 من مدونة الأسرة، إذا كان الأصل والقاعدة في مدونة الأسرة أن وثيقة عقد الزواج تعتبر الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج، فإنه استثناء ترفع دعوى الزوجية أمام محكمة قضاء الأسرة، إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته. ويضيف أن المادة 16 من المدونة أتاحت للمحكمة اعتماد كافة وسائل الإثبات بما في ذلك الخبرة، غير أن المشرع حدد فترة قصيرة لرفع الدعوى المذكورة لا تتعدى خمس سنوات، ابتداء من 4 فبراير 2004، وبالتالي انتهت في 4 فبراير 2009 ليمددها مرة أخرى بعد عدة مطالب ونداءات من المجتمع المدني وبكافة مستوياته وجمعياته المهتمة بمجال الأسرة وصونا لحقوق الطفل والزوجة، خاصة المتعلقة بالنسب والإرث والنفقة وما إلى ذلك.ذهب مصطفى أشيبان إلى أنه من الواجب على السلطات الحكومية التي لها علاقة بالمجال الحقوقي للأسرة كوزارة العدل ووزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن والوزارة المكلفة بالجالية المغربية، أن تولي اهتماما إضافيا بآثار المادة 16 من المدونة، وأن تعمل قدر الاستطاعة على تعميم مقتضيات تمديد الفترة الانتقالية لسماع دعوى الزوجية حتى يتم تحسيس الأسر داخل المملكة وخارجها والمعنيين بأمر توثيق عقد الزواج بخطورة المسألة وانعكاسها على مستقبل أفرادها سواء من الناحية القانونية أو الإدارية أو الاجتماعية. ويتجلى ذلك من الناحية القانونية أنه بنهاية فترة الخمس سنوات المحددة لرفع الدعوى لسماع الزوجية سوف يوصد باب القضاء أمام إثبات الزوجية، وما لذلك من آثار شرعية، وسوف يترتب عن ذلك فقدان الصفة في المطالبة بالحقوق المتعلقة بالإرث أو النسب أو النفقة ومن الناحية الإدارية فإنه نظرا لأن عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزوجية. واضاف أشيبان أنه لا يمكن بغير ذلك الرسم المطالبة بالحقوق الإدارية الناتجة عن ذلك كالمطالبة بالدفتر العائلي أو المطالبة بالتعويضات المتعلقة بالأمراض أو الحوادث أمام الجهات الرسمية كالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وحتى أمام مؤسسات التأمين الخاصة، وما يدخل في حكمها، وفضلا عن ذلك عدم إمكانية تسجيل حقوق الإرث أمام المحافظات العقارية، بل وحتى المطالبة بذلك أمام المحاكم.وقال أشيبان في حديث أجرته معه «الصباح» إن الأمر لا يتعلق بالأسر الموجودة داخل المغرب فحسب، وإنما الموجودون بخارجه أيضا، فإن على الجهات الحكومية وغيرها أن تتعبأ لشن حملة تحسيسية ليس للإعلام بأهمية توثيق الزواج أو رفع دعوى إثباته، بل بوجوبه وخطورة انعكاس على الأسرة من الناحية الحقوقية كما ذكر أعلاه.ونبه الدكتور في الحقوق إلى أنه لا يكفي مجرد رفع دعوى الزوجية، وإنما إثباتها بالوسائل القانونية والشرعية، وفي هذا الصدد قضى المجلس الأعلى بتاريخ 2006/5/17 في القرار عدد 303 «لئن كانت المادة 16 من مدونة الأسرة أجازت بصفة انتقالية سماع دعوى الزوجية بالبينة الشرعية، فإنه يجب أن تستجمع هذه البينة شروطها المقررة فقها، ومنها التوفر على المستند الخاص لعلم شهودها المتمثل في حضورهم مجلس العقد ومعرفة الولي والصداق وأن تحول أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، والمحكمة لما قبلت بينة استند فيها الشهود إلى المخالطة والمجاورة وشدة الاطلاع تكون قد خالفت ما هو مقرر فقها وعرضت قرارها للنقض». كما استشهد بالقرار عدد 465 بتاريخ 2006/7/19 انه لئن كانت المادة 16 من مدونة الأسرة أجازت بصفة انتقالية سماع دعوى الزوجية، وإثباتها بجميع وسائل الإثبات ومنها شهادة الشهود، فإنه يجب أن تتوفر الشهادة على النصاب الشرعي المتمثل في شاهدين عدلين أو ما يعادلهما من لفيف يتكون من اثني عشر شاهدا كما هو مقرر في المشهور من الفقه المالكي، والمحكمة لما استندت في إثبات العلاقة الزوجية بين الطرفين على مجرد ثلاثة شهود غير عدول، تكون خرقت القواعد الفقهية المقررة وعرضت قرارها للنقض.لنتهي إلى تواتر قرارات المجلس الأعلى في هذا الصدد على التشدد في تطبيق القواعد الشرعية التي ينبغي على المعنيين أخذها بعين الاعتبار منذ رفعهم لطلباتهم أمام قضاء الأسرة، تحت طائلة عدم سماع دعواهم، كما يجب على السلطات الحكومية والجمعيات ذات الصلة بهذا الجانب الاجتماعي أن تركز على وسائل الإثبات في حملاتها التحسيسية حتى تفي بالمطلوب ويكون مجهودها مبني على أساس متين.ولاحظ مصطفى أشيبان المحامي بهيأة البيضاء أن المادة 16 فتحت الباب أمام إثبات هذه الواقعة المادية (الزواج) بجميع الوسائل وحتى بالخبرة التي تعد وسيلة من وسائل التحقيق في الدعوى، في حين أن المجلس الأعلى يتشدد في تطبيق القواعد الفقهية ويستبعد تصريحات الشهود الذين يقل عددهم عن اثنى عشر، بل ويتطلب شروطا أخرى ينبغي توفرها في الشاهد من بينها حضوره مجلس العقد ومعرفة الولي والصداق، وهي أمور ليس من السهل التعرف عليها من طرف الشاهد ولو حضر مراسيم الزفاف نظرا لخصوصية الموقف احيانا واعتبارا لبعض العادات والتقاليد في بعض المناطق أحيانا أخرى.ودعا المتحدث نفسه إلى تعديل المادة 16 من مدونة الأسرة بشكل يزيل منها لفظ «الخبرة»، لأن الخبرة تعد إجراء من إجراءات التحقيق في القضية، إلى جانب البحث والاستماع إلى الشهود والمعاينات طبقا للفصل 55 من قانون المسطرة المدنية، وليس وسيلة من وسائل الإثبات المقررة قانونا في الفصل 404 من قانون الالتزامات والعقود وهي الإقرار والحجة الكتابية وشهادة الشهودوالقرينة واليمين والنكول عنها، كما ينبغي على المجلس الأعلى تليين موقفه بخصوص عدد الشهود والأخذ بشهادتهم ولو كانوا أقل من اثنى عشر، وبذلك تتاح للمحكمة في سماعها لدعوى الزوجية اعتماد جميع وسائل الإثبات دون أن يكون حكمها عرضة للإبطال وذلك تغليبا لدرء المفاسد وجلب المصالح.كما خلص إلى توصيات منها دور الإعلام بكافة أنواعه، في إبراز دوره في التحسيس بتعديل المادة 16 وبمضمونها وضرورة توثيق الزواج أو استصدار حكم بثبوته. وأن المجلس الأعلى مدعو أيضا إلى تليين موقفه بخصوص عدد شهود إثبات الزواج، وإلى إيجاد توازن بين شروط صحة العقد (عقد الزواج) وحالة الاستثناء المنصوص عليها في المادة 16 والمتعلقة بالأسباب القاهرة، وضرورة تعميم الجلسات المتنقلة لقضاء الأسرة بخصوص دعاوى ثبوت الزوجية وتكثيف الجهود بالتنسيق مع السلطات المحلية (سيما في المناطق الجبلية والمعزولة وما شابهها) والجمعيات والجماعات المحلية أيضا نظرا لخصوصية المطلب وآثاره، والأهم تسريع الجلسات وتبسيط المسطرة وتفعيل المساعدة القضائية بهذا الشق من الطلبات المرفوعة إلى قضاء الأسرة اعتبارا لفقر الأسر في المناطق النائية. المصطفى صفر

ضرورة تليين موقف المجلس الأعلى

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

آلاف الزيجات في البوادي تتم بالفاتحة

واكريم: قلة العدول أحد أسباب عدم توثيق الزيجات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات