تُحيي مؤسسة الأمن الوطني، اليوم (الثلاثاء)، الذكرى 67 لتأسيسها، بشعار واحد، وعناوين مختلفة للتشبث بثوابت ومقدسات الوطن ومصالح المواطنين، يجسدها آلاف الرجال والنساء والأطر وجنود الخفاء الذين يواصلون العمل طيلة ساعات النهار والليل، من أجل مهمة واحدة: ضمان الاستقرار الأمني للمغرب. فقد تبدو العبارة (الاستقرار الأمني للمغرب)، مجرد كلمات عابرة في حديث المواطنين، أو جملة في خطاب سياسي ومنشور حزبي، لكن تمثل بالنسبة إلى المديرية العامة للأمن الوطني، برنامج عمل ميداني ينجز بالثانية والدقيقة، ومجهودات استثنائية جبارة لحماية حياة المواطنين والبلد وصون الممتلكات، والتصدي إلى الجريمة بأنواعها، ومحاربة الإرهاب والوقوف في وجه المخاطر. لذلك، لم يكن "عبثا" أن يختار المجرمون والإرهابيون الذكرى 47 لتأسيس هذا الصرح الأمني الوطني، من أجل زرع الرعب بالعاصمة الاقتصادية، وإطلاق سلسلة انفجارات دموية، إذ كان الهدف الهامشي إسقاط أكبر عدد من الأبرياء، لكن الهدف المركزي، هو استهداف مؤسسة الأمن في رمزيتها واحتفاليتها، وهو الهدف الذي ارتد على المخططين والمنفذين والشيوخ على حد سواء. لقد شكلت 16 ماي 2003، البداية والمنطلق لتعقب خلايا الدمار، ودعاة الإجرام والدم والإرهاب في أي نقطة في المغرب، وتجفيف المنابع، والتصدي إلى الضربات في المهد، حتى أصبح رجال ونساء الأمن، شبحا لمجموعات الإرهاب، ليس فقط داخل البلد، بل في دول أخرى بعيدة، لا يمكن أن تتحرك، أو تبادر، دون استشارة الأجهزة المغربية. وقد تأكد، مع مرور الأيام والسنوات، أن التنظيم الإرهابي الدموي، بغض النظر عن الأسماء والتوجهات والانتماءات والاختلافات والمرجعيات، أخطأ حين فكر في الاقتراب من المغرب، أو استفزاز مؤسسة وطنية عريقة ارتبط تاريخها بالأمجاد والبطولات، وشكلت صمام أمان واستقرار في مراحل دقيقة، قدم فيها رجال الأمن ونساؤه تضحيات بلا حصر. فعلى مدى 20 سنة من الأحداث الدموية للبيضاء، اكتسبت الأجهزة الأمنية ما يكفي من المناعة والتجربة والخبرة في مجال دقيق ومعقد يتطلب كثيرا من التراكم في مجال تنسيق العمليات وتبادل المعلومات والسرية والتعقب التقليدي والمعلوماتي، ما يظهر من خلال عدد الخلايا المفككة سنويا، التي تتضاءل سنة بعد أخرى، بسبب الفعالية واليقظة. وتعتبر الذكرى السنوية، مناسبة للإشادة بالرصيد الإيجابي من المبادرات والعمليات النوعية والمشاريع وبرامج التطوير والدعم المنجزة في عهد المدير العام الحالي، ومختلف الفرق والإدارات التي تشتغل بجانبه، سواء في المديرية العامة للأمن الوطني، أو إدارة مراقبة التراب الوطني، إذ تكمل الواحدة الأخرى في عدد من الجوانب. وإضافة إلى تجفيف منابع الإرهاب، التي تحول فيها المغرب إلى مرجع دولي تطلب خبرته من كبريات مؤسسات الأمن العالمية، تواصل المديرية العامة الاشتغال بالنفس نفسه في أوراش أخرى لا تقل أهمية، مثل إرساء آليات الحكامة الأمنية وتوطيد التخليق المرفقي، ما ظهر في عدد من القرارات ذات الوقع الكبير. وإذ نشد بحرارة على كل هذه المجهودات، لا يفوتنا التنويه بترسيخ البعد الحقوقي في الوظيفة الشرطية بما فيها إجراءات الحراسة والمراقبة في أماكن الإيداع، حفاظا على الكرامة، واحترام مبدأ قرينة البراءة. إنها الشرطة المغربية باختصار شديد.. قد نحتك بها في الشارع أو الإدارة، أو الملعب، لكن لا أحد ينكر أفضالها ومجهوداتها تحت الشعار الخالد: الله، الوطن، الملك.