مساجد ممتلئة بالمصلين و"مبليون" يفضلون مقاهي "الشيشة" وسهرات منزلية يحضر فيها الجنس والكوكايين والقمار تعكس الأنشطة التي يقوم بها جزء كبير من المغاربة في ليل رمضان، "السكيزوفرينيا" والنفاق السائد في المجتمع عموما. ففي الوقت الذي تكون فيه المساجد خاوية على عروشها في سائر أيام السنة، تنتعش "تجارتها" فجأة في الشهر الكريم، فتستقطب كل ليلة جحافل المصلين الراغبين في أداء صلاة التروايح وأخذ الأجر، حتى يظن السائر أمامها أن المغاربة من أكثر الشعوب تدينا وحرصا على العبادات في العالم، قبل أن يفاجأ، على بعد كيلومترات بسيطة فقط، بجحافل أخرى، لا تقل أهمية عن الأولى، متوجهة نحو المقاهي والعلب الليلية، للاستمتاع بالموسيقى على نغمات "عاود دردك زيد دردك"، مصحوبة بأنفاس من "الشيشة" وسجائر الحشيش أو باقي الممنوعات، التي تعوض غياب الكحول والمشروبات الروحية. ويعجز أعتى المحللين والمختصين في الأنثربولوجيا وعلم الاجتماع، عن تصنيف المغاربة ضمن هذه الخانة أو الأخرى، أو فهم طبيعة مشاعرهم وعقلياتهم. فالساجد المتعبد نفسه الذي كان يبكي تخشعا أثناء التراويح، سرعان ما يخلع ثوب التقوى ويرتدي بذلة "النشاط"، ويقصد مقهاه أو علبته الليلية المفضلة، وكله حماس لقضاء ليلة باذخة في "الشطيح" و"الرديح" و"التصياد" و"التلواز"، ولسان حاله يقول "شوية لربي وشوية لعبده"، ليستيقظ في الغد وصدره عامر ب"الإيمان"، يستغفر ربه ويتوب إليه، ولسان حاله، يقول، هذه المرة، "الله يسمح لينا، الله يلعن الشيطان الرجيم". ليالي رمضان، ككل سنة، هي مساجد ومقاهي وعلب ليلية وكباريهات "حلال". هي أيضا سمر وتسلية في المنازل والبيوت، وسهرات خاصة يحضر فيها الطرب والغناء والكوكايين والجنس والقمار أيضا، وتستمر إلى حين أذان الفجر، لتتكرر الليلة الموالية، إلى أن يعلن "النفار" حلول العيد، فتعود "حليمة إلى عاداتها القديمة"، في انتظار رمضان جديد. في الملف التالي، ترصد "الصباح" بعض المظاهر المنتشرة في ليالي رمضان، والتي تتشابه في كل المدن تقريبا، من خلال ربورتاجات في الشوارع والمساجد والمقاهي، وشهادات مواطنين يعطون رأيهم حول ظاهرة العبادة من جهة، و"النشاط"، من جهة أخرى، التي يتقن المغاربة اللعب على حبليها. نورا الفواري