تفاصيل مقتل أستاذ مبرز بفاس

شكوك حول مسؤولية الشرطة في وفاته كانت وراء تقديم أسرته شكاية إلى الفرقة الوطنية استأنف قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة بمحكمة الاستئناف بفاس، الأربعاء الماضي، البحث في ملف التحقيق رقم 262/10، المتابع فيه شخصان يوجدان رهن الاعتقال بسجن عين قادوس، لأجل «هتك عرض بالعنف والشذوذ الجنسي والضرب والجرح واستهلاك المخدرات والانتحار»، بعد نحو شهرين من إيقافهما والاستماع إليهما من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. في الثالثة من صباح يوم 27 نونبر الماضي، توفي «ع. إ. أ» الأستاذ المبرز في مادة الكيمياء، بالمركز الاستتشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، بعد ساعات قليلة من العثور عليه ملقى في حافة حي ظهر الخميس، وهو يحمل آثار عنف ببعض أعضاء جسده وآثار تصفيد بيديه، ما أثار شكوك أفراد عائلته حول مسؤولية رجال الشرطة، في هذه الوفاة الغامضة. بعد يومين، تقدم محاميان بهيأة فاس، نيابة عن أخ الضحية، بشكاية تحركت على إثرها الفرقة للوقوف على الحقيقة وإزالة الغطاء عن ظروف وملابسات وفاته. وباشرت تحريات وأبحاث ميدانية، ركزت خلالها على محيط مسرح الجريمة بالحي المذكور، ونتائج التشريح الطبي للجثة، التي أفادت بتعرض صاحبها إلى التعنيف والتكبيل، ومعاينة بقايا سائل منوي على فخذيه وفتحة قضيبه. من أولى بشائر كشف الحقيقة، واقعة نزاع الضحية قبل ساعات من وفاته، مع «م. ش» شاب في ربيعه الثلاثين، اعترف بوجود علاقة جنسية شاذة ربطه به منذ مدة طويلة، إذ لم ينف نشوب شجار بينهما في الخامسة من مساء اليوم المذكور، سرعان ما تطور إلى تعنيف الضحية واستعانته بشخص ثان لتكبيله قبل واقعة سقوطه من حافة الجرف الواقع بكاريان ظهر الخميس.من خلال مسح للموقع، تبين أن المنزل المجاور، معد للدعارة، ما قوى فرضية ممارسة الضحية، الجنس قبل وفاته، بدليل تأكيد التشريح لحقيقة وجود مني بفتحة قضيبه وأعلى فخذه، فيما كلفت مصالح الشرطة القضائية بولاية فاس، بمداهمة المنزل وإيقافها صاحبته «ر. خ» وزوجها «ر. ك» و»ن. أ» عاهرة وزبونها «ن. ب» والحارس «ع. ل»، قدموا جميعا أمام العدالة في ملف آخر. وأقرت «ر. خ» وزوجها والحارس، بحقائق مثيرة حول سقوط الضحية بعد شجاره مع أحد المتسكعين يدعى «م. ش» اشتبك معه بالأيدي وتراشقا بالحجارة قبل أن يتم فض النزاع من قبل السكان. وبناء على تلك المعلومات وإفادات «م. ش»، أوقف «ج. أ» عاطل يبلغ من العمر 24 سنة، بعد الاهتداء إلى منزله قبل أن يتم الاستماع إليه من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. ونفى «ب. م» ضابط شرطة نقل الضحية من نقطة إيقافه إلى مصلحة الاستعلامات ومقر المداومة، تعريض «ع. إ. أ» لأي عنف أو ضرب من قبل عناصر الشرطة العاملين تحت إمرته، بل «نقل دون حاجة إلى تصفيده». وهو التصريح الذي أدلى به، «ع. ف» رئيس الدائرة 11، ومساعده «ع. أ»، باعتبارهما عملا على إحالته على مستشفى ابن الحسن. لم تعاين الطبيبة الفاحصة للضحية حين عرضه عليها في المستشفى، أي آثار عنف أو ضرب عليه، في وقت لم تتضمن الوصفة الطبية التي سلمتها إليه، أي إشارات لإخضاعه إلى علاجات طبية، جازمة بعدم وجود آثار للعنف على الضحية، عكس التشريح الطبي المنجز من قبل ثلاثة أطباء، والمؤكد لحمل جثته لرضوض وآثار عنف على جسده وآثار قيد على يديه...المعلومات المستقاة من تصريحات «م. ش»، تؤكد لقاءه بحي ظهر الريشة قبل يوم من الحادث، بالضحية الذي واقعه جنسيا برضاه، دون أن يستجيب لأن يكون «المفعول فيه»، لينشب نزاع بينهما تطور إلى تبادل للسب واشتباك بالأيدي ورشق بالحجارة، أصاب خلالها «م. ش»، الهالك بحجر كبير في صدره، لينفض الشجار بتدخل من بعض المارة والناس الموجودين بالموقع.اعترف المتهمان بهذه التفاصيل التي تتماشى وما أسفر عنه التشريح الطبي لجثة الهالك، من وجود آثار تكبيل بمعصمي يديه ومنتصف ساعده الأيسر. وأكدا جرهما له من رجليه إلى مكان معشوشب بالخلاء نفسه، للتواري عن أنظار الناس، لكن «ع. إ. أ» حاول مقاومتهما، إذ «كان يترنح أرضا ويصيح مستغيثا طالبا النجدة، ما تسبب في إصابته بجرح جبينه وصدغه». اصطدم وجه الضحية، بحجر، ما أفقده الوعي نسبيا، وسهل الاعتداء الجنسي عليه، بعد ارتخائه وتعبه من شدة المقاومة. وهذا ما أكده الظنينان في اعترافاتهما، إذ مارس «م. ش»، الجنس عليه إلى أن أشبع رغبته، حين كان «ج. أ» يشل حركته وهو ممدد على بطنه، قبل أن يأتي الدور على الثاني، بعد أن تبادلا الأدوار فيما بينهما، ما يفسر وجود مني بين فخذي الضحية. لم يستسغ الأستاذ، ما تعرض إليه، من اعتداء جنسي. وواصل صراخه واستنجاده بعد قضائهما وطريهما منه، قبل أن يلوذا بالفرار، تاركانه مكبل اليدين وسرواله مخلوع. لكن «م. ش» سرعان ما عاد إلى المكان الذي اعتاد الجلوس والسمر فيه، نحو الساعة الثامنة والنصف، ليلتقي صدفة ب»ع. إ. أ» الذي لامه على هتكه عرضه، ما جعله يستعطفه ويعتذر منه ليتصالحا من جديد.سلم الهالك، صديقه «م. ش»، 100 درهم لاقتناء قنينة خمر يحتسيانها سويا. وهو ما تم حيث ظلا يتناولان الخمر إلى ساعة متأخرة من الليل. لكن طارئا عكر صفو سمرهما، بعد رفض «م. ش»، إرجاع 30 درهما المتبقية ل»ع. إ. أ»، ما كان سببا في نشوب نزاع جديد تطور إلى اشتباك بالأيدي، وجه الهالك على إثره، ضربة مفاجئة ل»م. ش» بواسطة بقايا قنينة الخمر المكسرة. تواصل هجوم الطرفين على بعضهما، إلى أن استغل «م. ش»، لحظة سقوط القنينة من يد غريمه الذي كان يوجه له الضربات الواحدة تلو الأخرى، لينقض عليه ويمسكه من ملابسه، ليتدافعا إلى أن تراجع «ع. إ. أ» إلى الوراء دون شعور بسبب تأثير الخمر، ليفقد توازنه ويسقط من أعلى التل الكائن بخلاء المرينيين، قبل أن يلوذ «م. ش» بالفرار مخافة اكتشاف أمره.في عين المكان، ترك «م. ش»، غريمه «ع. إ. أ» الذي استطاع الوقوف دون مساعدة أي شخص قبل أن يبتعد قليلا أمام أنظار «ر. ك» و»ع. ب» اللذين لاحظا احمرارا في عينيه دليل تناوله الخمر، لأن سقوطه لم يكن من مكان مرتفع. وعمد إلى التخلص من سترته التي مزقت بواسطة قنينة الخمر المنكسرة، من خلال رميها في القمامة مباشرة بعد أن بلغ إلى علمه نبأ وفاته. صلى الضحية ركعتين، وتوجه إلى الطريق المؤدية إلى منزله دون أن يجيب عن تساؤلات الزوج «ر. ك» والحارس «ع. ب». وما أن وصل إلى جرف أعلى حتى ألقى بنفسه منتحرا بعدما صاح قائلا: «الله أكبر»، مرتين. ذاك ما أفاد به الشاهدان المعتقلان على خلفية الملف الثاني إثر مداهمة عناصر الشرطة القضائية، لمنزل قريب من المنزل، يستغل في مجال الدعارة. واستكمالا للبحث، استدعت الشرطة، شقيقا للضحية للاستماع له، لكنه رفض معللا ذلك بكون وكيل الملك هو من له الحق في استدعائه والاستماع إليه، فيما قالت «ف. م. إ» مدير ثانوية أم أيمن التي كان الضحية يدرس بها، إن هذا الأخير «كان مدمنا على استهلاك المخدرات وشرب الخمر، إذ سبق له أن حضر إلى الثانوية في حالة سكر، أنجز على إثرها رئيس جمعية الآباء، تقريرا». حميد الأبيض (فاس)

تفاصيل مقتل أستاذ مبرز بفاس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

استئنافية سطات ترفع العقوبة الحبسية لمتهم بالقتل

أمر باعتقال مؤذن بتهمة محاولة هتك عرض

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات