حملات يومية قبل صلاة المغرب وفي ساعات متأخرة من الليل ساهمت في استقرار الوضع تحظى أحياء منطقة الهراويين بالبيضاء، في رمضان بزوار من نوع خاص، يتحدرون من أغلب المناطق البيضاوية. هدف الزيارة ليس التبرك بولي صالح أو القيام بجولة سياحية، بل لاقتناء الممنوعات، إذ تتحصن في هذه الأحياء شبكات تتنافس للسيطرة على سوق المحظورات. إنجاز : مصطفى لطفي تعتبر منطقة الهراويين مشتل الجريمة بكل أنواعها، أبرزها السرقات بالعنف والاتجار في المخدرات. ظلت تشكل أرقا لكل مسؤول سواء في الأمن أو الدرك، إذ بمجرد مباشرة مسؤوليته، يضع خطة محكمة للقضاء على الجريمة، ويحرص على تفعيلها حرفيا، لكن بعد فترة يشعر المسؤول كأنه يسكب الماء في الرمل، إذ ترفض الجريمة بمختلف أنواعها مغادرة المنطقة. حملات استباقية شهد المركز الترابي للدرك بالهراويين هذه السنة حركة تنقيلات، إذ تم تعيين كفاءات شابة، والهدف ضخ دماء جديدة وتغير خطط العمل للقضاء على الجريمة بالمنطقة. تمكن الدركيون الشباب من فرض حضورهم الوازن بالمنطقة، لكن مع مرور الأيام ظهرت جيوب المقاومة، ساهمت فيها عوامل عديدة، قلة العناصر البشرية، مقارنة مع شساعة المنطقة، إذ يشرف على المركز 24 دركيا من مختلف الرتب، يتناوبون على مهام متنوعة، بينها تنظيم السير وإنجاز الوثائق الإدارية والقيام بمهام الضابطة القضائية. ولجعل الجريمة تحت السيطرة، حرص مسؤولو الدرك بالهراويين على وضع خطة محكمة، بدأت بشن حملات استباقية قبل حلول الشهر الكريم بأيام، استهدفت مروجي الممنوعات ولصوصا وأفراد عصابات متخصصة في السرقة بالعنف. علق أحد قاطني المنطقة على الحملات الأمنية الاستباقية، والتي أطاحت بعدد من الجانحين ومبحوث عنهم وطنيا بالقول " اللهما إدوز رمضان في الحبس ولا إحرموا علينا". مراقبة يومية إلى جانب الحملات الاستباقية التي حققت نجاحا متميزا، وضع الدركيون خطة جديدة تتمة لما سبق، وهي القيام بحملات عصرا بعدد من الدواوير التي تعد نقطا سوداء. تهدف هذه الخطة إلى منع حدوث الجريمة، إذ أن الحضور اليومي للدرك يعطي إحساسا بالشعور بالأمن لدى المواطنين، ورسالة في الوقت نفسه لكل من سولت له نفسه خرق القانون ألا تساهل معه. ساهمت هذه الخطوة في تراجع كبير لتجار المخدرات بكل أنواعها، إذ في السابق كان المروجون يعرضون ممنوعاتهم علنا، ما حول المنطقة إلى فضاء للمواجهات المسلحة، سواء بين المروجين ومساعديهم ضد زبناء رفضوا الابتزاز أو بين أفراد الشبكات الإجرامية المتنافسة، وغالبا ما تخلف سقوط ضحايا مصابين بجروح خطيرة. الآن يتم ترويج الممنوعات بطرق سرية، يعتمد فيها المروج على شبكة من المساعدين والجواسيس مهمتهم التوسط بينه والزبناء ورصد أي تحركات مريبة لعناصر الدرك أو الأمن تفاديا لأي عملية مداهمة. تنامي السرقات تسببت السرقات بالعنف خلال رمضان، في استنفار كبير لدى مصالح الدرك، إذ تنخرط عناصره يوميا في حملات لاعتقال المتورطين. المثير أنه بعد كل عملية، يتم الاعتقاد أن العصابات انقرضت، قبل أن تبعث من جديد كطائر الفينق. ورغم وضع مسؤولي الدرك، خططا محكمة لضبط الأمر، من بينها التفاعل الجدي والسريع مع شكايات الضحايا، بحكم أن أي تهاون أو تأخير في معالجتها، سيزيد من عدد الضحايا، ويصعب مأمورية اعتقال المتورطين، فإن النجاح في الحد من السرقات، يلقى صعوبة كبيرة بحكم أن عنوان المنطقة هو الفقر والهشاشة. يختار أفراد العصابات أوقاتا محددة لتنفيذ عمليات السرقة، إذ يتم استهداف الضحايا في الصباح الباكر أو لحظات قبل الإفطار وبعد منتصف الليل، لهذا وضع مسؤولو الدرك خطة مقابلة، إذ تم تقسيم عناصره إلى فرق، تتولى كل منها عمليات تمشيط قبل الإفطار وفي الساعات المتأخرة بالليل والصباح الباكر. إلى جانب الحملات، راهن الدرك على التفاعل السريع مع شكايات الضحايا والتعجيل السريع بتحديد هويات أفراد العصابة، إذ بمجرد تحديد هوياتهم يتم نصب كمين لهم لإيقافهم في حالة تلبس. في الفترة الأخيرة فوجئ مسؤولو الدرك بنوع جديد من الجرائم، وهو ظهور عصابات تستهدف مستعملي الطريق السيار تيط مليل، كان من الضحايا مسؤول كبير في القصر الملكي. تمكنت عناصر الدرك من اعتقال المتورطين، بعدها تعرض سائقون للرشق بالحجارة، وكانت الصدمة بعد التحقيق أن المتورطين ليسا إلا تلميذان بمدرسة ابتدائية. رغم حماس العناصر الدركية لفرض الأمن بالهروايين، إلا أن مهمتها تبدو صعبة للغاية، لأسباب عديدة، إذ صارت المنطقة مدينة جديدة، تمتد على مساحة شاسعة جدا، اختلطت فيها "دواوير عشوائية" مع أحياء عصرية، استفاد منها المرحلون من أحياء الصفيح بالبيضاء. فرغم هذه المساحة الشاسعة، وعدد السكان الذي يتجاوز عشرات الآلاف، أسندت مهمة توفير الأمن للدرك. مهمة تعد شبه مستحيلة بحكم أن عدد الدركيين بالمركز لا يتجاوز 24 فردا، يتم توزيعهم يوميا إلى فرق تشرف على تنظيم السير وإنجاز الوثائق الإدارية والإشراف على عمل الشرطة القضائية.