تحقيق أهداف المنظومة التربوية رهين بالتحكم في العمليات المهنية الأساسية للتدريس التخطيط التربوي هو عملية التوجيه العقلاني للتعليم بشكل استباقي، عن طريق إعداد مجموعة من القرارات القائمة على البحث والدراسة، تمكينا لهذا التعليم من تحقيق الأهداف المرجوة منه بأنجع الوسائل وأكثرها فاعلية مع استثمار أمثل للوقت. ويعتبر التخطيط إستراتيجية عامة للتدريس، يعدها المدرس طبقا لبرنامج وحسب وضعية معينة، إذ تقدم خطة الدرس مقتضيات الإنجاز والتكيفات الضرورية لما تستلزمه خصائص الأفراد وكذلك الوسائل المتوفرة والشروط الخاصة للتعليم والتعلم. وتتحدد كفاية التخطيط في أن يخطط المدرس للتعلمات ومحطات التقويم والمعالجة والدعم على مدى بعيد (سنة دراسية، دورة)، أو مدى متوسط (مرحلة، وحدة دراسية...)، أو مدى قريب (أسبوع، يوم، ...)، بمراعاة المنهاج الدراسي المعتمد، مع الانفتاح على مقاربات منهاجية مختلفة، والمحيط السوسيو اقتصادي والثقافي والبيئي والخصوصيات المرتبطة بالمؤسسة التعليمية للمتعلمين، مع العمل ما أمكن على توظيف تكنولوجيا المعلوميات والاتصالات في التعليم. أما التدبير، فأن يدبر المدرس نشاطا فصليا للتعلم، ويعدل ممارسته التعليمية آخذا بالاعتبار التخطيط المنجز وتعديله وفق المنهاج الرسمي وطبيعة ونوعية الأنشطة الخاصة بكل مادة دراسية، والطوارئ والمستجدات التي تبرز خلال التفاعل والتواصل داخل جماعة القسم، مع الأخذ بعين الاعتبار المحيط السوسيو اقتصادي والثقافي والبيئي وخصوصيات المتعلمين، مع توظيف تكنولوجيا الإعلام والتواصل في التعليم كلما كان ذلك ممكنا. وينقسم التدبير عموما إلى قسمين رئيسيين يتعلقان بتدبير المادة الدراسية التي سيتم تقديمها، أي كل ما يتعلق بالجانب الديداكتيكي، وتدبير الفصل باعتباره الفضاء الذي سيتم فيه تصريف هذه المادة الدراسية، أي كل ما يرتبط بالجانب البيداغوجي وبالتفاعلات والعلاقات داخل هذا الفضاء. بالنسبة إلى تدبير المادة الدراسية، فإنه يرتبط بتخطيط التعلمات، وهو يمكن من مقاربة المادة الدراسية من عدة زوايا، وتدقيقها عبر تحديد الأنشطة التعليمية التعلمية، والأخذ بعين الاعتبار تمثلات المتعلمين والأخطاء المتوقعة، والتفكير في الوضعيات وطرق التنشيط والوسائل التعليمية. أما في ما يخص تدبير الفصل فيهم كل ما يتعلق بالتفاعلات الصفية، من خلال تعاقد بيداغوجي بين الأستاذ والمتعلمين يخص مجموعة من القواعد التي تساعد في توفير مناخ ملائم للتعلم، زيادة على تدبير فضاء الفصل عن طريق تحديد وضعيات الجلوس ومكان السبورة، وكيفية تدبير الوسائل الديداكتيكية المساعدة كالحاسوب والموارد الرقمية. ومن المهم أن يكتسب الأستاذ الأدوات الكفيلة لتقويم التعلمات ومستوى نماء الكفايات، حتى يتمكن من معرفة مدى تحقق الأهداف التي حددها خلال عملية التخطيط، ليعالج بعد ذلك تعثرات المتعلمين عن طريق تخطيط محكم لحصص الدعم، التي تعتمد أساسا على تفريغ نتائج عملية التقويم وتفييء المتعلمين حسب الحاجة من الدعم. إن التحكم في الكفايات المهنية الأساسية للتدريس، يقتضي من الوزارة الوصية الاهتمام أكثر بالتكوين في مختلف مستوياته (أساسي، مستمر) واعتماد آليات وطرق متنوعة تسمح بالانخراط السلس والميسر في هذه التكوينات، وذلك بتنويع أشكالها (حضوري، عن بعد، بالتناوب...)، دون إغفال التحفيز المستمر للأساتذة ولباقي المتدخلين في العملية التربوية، وهو ما من شأنه أن يحقق الأهداف المتوخاة، وبالتالي المساهمة في النهوض بالمنظومة التربوية ببلادنا وتحقيق التنمية المنشودة. حميد المكاوي (باحث في علوم التربية)