المقر الجديد قرب الميناء والاستقبال الجيد يحير المرتفقين لا تُخطئ العين ما أصبح عليه مركز تسجيل السيارات الشمالي بالبيضاء، ففي السابق كان الاكتظاظ وسوء استقبال المرتفقين، أما الآن فالابتسامة تستقبلهم بداية من حراس الأمن الخاص وباقي الموظفين، حتى أنك تشك فعلا في المكان وطبيعة التحول في المركز. فماذا حدث؟ وهل مست الرحمة "قلوب" المسؤولين عن المركز لتسيير شؤون المرتفقين؟ أم أن للأمر علاقة بانتقال المركز من بناية شبه مهجورة تخنق الأنفاس إلى أخرى أشد رحابة وتستجيب للمعايير المتعامل بها؟ في زاوية متفرعة عن شارع "الجيش الملكي" وقرب أحد أبواب ميناء البيضاء تقع البناية الجديدة لمركز تسجيل السيارات الشمالي بالبيضاء. ورغم تشييدها في منطقة تشهد حركة للمرور كبيرة، إضافة إلى صعوبة الحصول على مكان لركن السيارات، إلا أنها استطاعت أن تجد لنفسها مكانا مميزا، فاللونان الأزرق والأبيض اللذان طليت بهما البناية وواجهتها الناصعة وبابها الكبير جعل منها معلمة في المكان لا تتيه في العثور عليها، كما كان في البناية السابقة. الساعة تشير إلى الواحدة، بعد زوال الاثنين الماضي، وهو وقت يفترض أن يشهد فيه المركز إقبالا كبيرا، بناء على تجارب سابقة، لكن الصدمة كانت كبيرة جدا. فتاة تتقدم بريبة إلى حارس أمن خاص. شاب أنيق في منتصف عقده الثاني، وهي مرتابة ربما من خبرتها الطويلة في مراكز تسجيل السيارات، يبتسم لها الشاب فتطمئن، ثم تفتح ملفا كبيرا يتضمن وثائق كثيرة، ثم تشرع في سؤاله عن كيفية إنجاز وثائق تخصها، حينها يشرع الحارس الشاب بعفوية في تبسيط الأمور، وعيناه لا تكفان عن مراقبة باقي القادمين إلى المركز، ثم يشير بيديه إلى قاعة في الداخل من أجل إتمام الإجراءات. باحة المركز كبيرة وفسيحة تنيرها أشعة الشمس من كل الجهات (في المقر القديم لا توجد باحة أصلا وتشعر بالاختناق وتفضل العودة تفاديا للسقوط مغمى عليك)، ووسطها مكتب لموظفة مكلفة بالإرشادات وفي جانبيها مداخل لمكاتب إدارية وممر يقود إلى القاعة الرئيسية. "تصميم أنيق"، تقول الفتاة، التي ودعت جو الاندهاش من أولى زيارتها للمركز، وقصدت القاعة، حيث استقبلها حارس أمن خاص ثان مكلف بتوزيع الأرقام والإرشاد، ثم حثها على الجلوس على كراسي طويلة توجد أمام شبابيك الموظفين في انتظار دورها (في المركز القديم كان العثور على كرسي شاغر يشبه الحصول على إبرة في كومة من القش). اختفى موظف شهير من الشبابيك، هكذا علق أحد المرتفقين، إذ يقسم أن الموظف المعني سبب كل أزمات المركز، لأسباب لم يفصح عنها، وتمنى الشاب أن يحصل الموظف على التقاعد، وليس على إجازة فقط. الموظفون خلف الشبابيك قلة، وعدد المنتظرين لا يتجاوز أصابع اليد، علما أن جائحة كورونا فتحت الباب أمام إجراء عدد كبير من المعاملات إلكترونيا، وأصبح الحضور يقتصر على الحصول على بعض الوثائق أو إنهاء الإجراءات، وهو ما يفسر قلة عدد الحاضرين في القاعة، حسب الشاب نفسه، الذي لم يتوقف عن الالتفات يمينا ويسارا، بحثا عن الموظف غير المرغوب لديه. أضاءت لوحة إلكترونية بأرقام المنتظرين، فتوجهت الفتاة إلى أحد الشبابيك، وفي دقائق قليلة غادرت المكان، بعدما زالت الحيرة عنها، إذ أنجزت المهمة بنجاح، كما أخبرت حارس الأمن الخاص التي أعادت شكره، فرد عليها "مرحبا". غادرت الفتاة مركز تسجيل السيارات فتاهت في صخب الشارع، فحادثة سير أدت إلى عرقلة المرور، لكن الاستقبال الجيد داخله أنساها معاناة حركة المرور. خالد العطاوي