“اللعب مع الكبار” 

خطفت طنجة أنظار العالم، مساء أول أمس (السبت)، وهي تحتفي بالمنتخب المغربي العائد من استحقاق تاريخي باهر من مونديال 2022 بقطر، كما بادلها الأبطال الحب والعرفان والاحتفاء نفسه، في ملحمة للوفاء ورد الجميل. تزينت عروس الشمال، لاحتضان حدث رياضي كبير على أرضية ملعب بمواصفات عالمية، في مدينة تحقق، يوميا، أرقاما قياسية في مسافات السرعة القصوى، في الطرق والبنيات التحتية والتأثيث الحضري والمنشآت الفنية وفضاءات الاستقبال والأمن والسياحة. قفزة كبرى، يصعب على أي مدينة أخرى مجاراتها، ومنها البيضاء، عاصمة المال والاقتصاد، التي أهدرت فرصا ذهبية مع التاريخ، وجرها مسؤولوها من شعرها إلى فصول محو الأمية في السياسة والتدبير والحكامة، رغم الإمكانيات الهائلة والامتيازات التي وضعت رهن إشارتها منذ 2014. فلا يمكن إلا أن تشعر بالفرح، وأن تتابع لحظات التألق والمجد الذي تحققه طنجة في جميع المستويات، حتى أضحت أيقونة للتباهي أمام الدول والأمم، لكن تشعر بالمغص، وأنت ترى كيف تسير قاطرة مثل البيضاء إلى الهاوية، بفعل فاعل. لهذا بالضبط، تستحق طنجة المنتخب الوطني، أكثر من أي مدينة أخرى، كما يحق لها أن تحتفل وتتألق في ليلة النصر الكبير على منتخب "الصامبا" الذي لا يقهر، في الوقت الذي يبدو حلمنا في احتضان نهائيات كأس إفريقيا 2025 ومباريات ضمن نهائيات كأس العالم 2030 مشروعا. حلم، يحرص "الرجال" من كل مستويات القرار، على تحويله إلى حقيقة تجمد الدماء في عروق الخصوم والحاقدين، الذين قد يصدقون أي "خرافة"، عدا أن المغرب يتقدم إلى الأمام بخطوات ثابتة، ويحصد التتويجات والجوائز والألقاب عن جدارة. وما يقع، اليوم، في كرة القدم هو المرجع والنواة في سيرة هذا الحلم، إذ يقدم رئيس الجامعة، كل يوم، دروسا مجانية في علو الموهبة والعطاء، وربط العمل والمثابرة والمجهود، بالنتائج الملموسة في التكوين والبنيات التحتية والتأطير. ولم تكتف الجامعة، بمرحلة الزرع، بل انتقلت إلى مرحلة القطاف الوفير، إذ وصل منتخب عربي وإفريقي لأول مرة في التاريخ إلى نصف نهائي كأس العالم، ومر منتخبان للنساء إلى نهائيات العالم في اللعبة نفسها، وتوج جلالة الملك بجائزة التميز لـ2022 بفضل كرة القدم. ومع رجل مثل لقجع، تصبح الدسائس والمؤامرات والأجندات الواضحة والمبهمة محركا لمزيد من الاشتغال، ويصبح الغل إلهاما لتحقيق انتصارات أخرى وتدوين صفحات جديدة في التاريخ، إذ لم يكن أحد يتوقع، سابقا، أن يتواجه المنتخب المغربي مع فريق كبير مثل البرازيل، والأحرى الفوز عليه. فكل شيء أضحى ممكنا وأكثر، وكم تمنينا في قرارة الأنفس أن تكون استحقاقات لقجع في الكرة، حافزا ونموذجا في مجالات أخرى وقطاعات حكومية. سننجح جميعا، بكل تأكيد، إذا قررنا السير بالسرعات نفسها وعلى الإيقاع نفسه من "الوطنية". فأحبوا هذا البلد يحبكم، أكثر.

“اللعب مع الكبار”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التحقيق في تحويلات بنكية مشبوهة

22 سنة لقاتل زوجة أخيه بفاس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات