لا تتناول هذه الملاحظات صياغة المواد، ولا تقنيات كتابة النص القانوني، بل تتعلق بالمقاربة الدستورية والحقوقية لما يجب أن يتناوله التعديل المراد إدخاله على قانون مهنة المحاماة، علما أن الصياغة تأتي فيما بعد، لأن الاختلاف لا يدور حول صياغة المواد أول الأمر، بل يدور حول التوجه العام للتعديل، أي ما تريده الحكومة وغرضها من تعديل قانون المهنة الجاري به العمل. عبد الكبير طبيح * المادة 35: مهام المحامي تحدثت عن حق وزير العدل في الإذن لمكتب محاماة أجنبي، أحضرته شركة أجنبية تريد أن تستثمر في المغرب بمناسبة مشروع تريد إنجازه بالمغرب، وينتهي الإذن بانتهاء المشروع. الفكرة مقبولة وهي تندرج في ما سبق بيانه بخصوص المكاتب الأجنبية المستقرة بالمغرب، لذلك يجب أن تخضع هي كذلك للقواعد نفسها، وعلى رأسها التعاقد مع مكتب للمحاماة بالمغرب حتى لا نقع في تضارب في الأشكال المتعددة والمختلفة في الممارسة. المستجد الإيجابي في هذه المادة كذلك هو إعطاء النقيب اختصاص المصادقة على توقيع المحامي على العقد العرفي الذي يحرره، لكن هذا المستجد يحمل النقيب مراقبة قانونية العقد عندما استعمل في المادة 35 الفقرة 6 كلمة "بعد إجازته (أي النقيب) للعقود". علما أن شرط إجازة هذا النوع من العقود من قبل النقيب تترتب عليه مسؤولية عن تبعات ذلك العقد. المادة 98: مؤسسة المجلس الوطني أحدثت مؤسسة المجلس الوطني للمحامين وهو مستجد له إيجابيات متعددة، لأنه حان الوقت لإحداث هذا المجلس، بعدما كان النقاش حوله بدأ منذ عدة سنوات وتوقفت عنده هيآت المحامين في حوارها مع وزارة العدل بمناسبة المناقشة والتصويت على قانون المهنة الحالي. غير أن حالة الاستعجال التي عرض فيها ذلك القانون، وقرب انتهاء الفترة البرلمانية اقتضت تأخير النظر فيه. لهذا فتقديمه في هذه المسودة يعتبر مبادرة إيجابية. الوجه الإيجابي الثاني هو أن مسودة المشروع وضعت له هيكلة لن تؤثر على اختصاصات هيآت المحامين المتعددة، بل وضعته في موقع تعزيز أدوارها وجعلته جزءا منها، عندما أسند مسؤولية تدبيره للنقباء أنفسهم المنتخبين والممارسين. الوجه الإيجابي الثالث هو أن مسودة المشروع أسندت للمجلس الوطني الاختصاصات التي يسندها القانون الحالي للقضاء. غير أن تلك المادة تحمل تناقضا يجب رفعه ويتمثل في أنها جعلت من محكمة النقض مختصة فقط في البت في الاستئناف في القرارات المتعلقة بالتحكيم الذي يصدره النقيب، و الطعون المتعلقة بالشطب على محامي معين، بينما القرارات التأديبية الصادرة ضد النقيب، سواء كان ممارسا أم غير ممارس أسندته لغرفة المشورة بمحكمة الاستئناف. لذا من المفيد توحيد المساطر وجهات الطعن. المادة 37: إلزام بعض الشركات بالتعاقد مع محام ما نصت عليه هذه المادة يسير في النهج نفسه المستمد من ضرورة ضمان النجاعة القضائية، غير أنه يجب تخفيض مبلغ 3.000.000.00 درهم، لأن الشركات الصغيرة هي المحتاجة للدعم القانوني. المادة 47: منع تبليغ المحامي نيابة على موكله التمسك بما تنص عليه هذه المادة لأنها ألغت بعض القرارات القضائية التي كانت تعتبر أن تبليغ المحامي بالأوامر أو الاحكام أو القرارات هو تبليغ صحيح، لأنها أوقفت صحة ذلك التبليغ على الموافقة الكتابية على القبول بها. المادة 54: كيفية تحديد أتعاب المحامي هذه المادة نصت على الحق في الاتفاق على أتعاب تكميلية مرتبطة بالنتيجة التي يحصل عليها الموكل. وهي آلية تحمي من جهة، مصالح الموكل الذي قد لا تتطلب قضيته إجراءات معقدة أو طويلة، وتحمي من جهة ثانية، مصالح المحامي الذي قد يفاجأ بتشعب القضية التي كلف بها، خصوصا أن بعض القرارات القضائية تمنع على المحامي التوقف عن النيابة على موكله بسبب عدم أداء أتعابه. ملاحظات تستدعي بعض التدقيق أو التوضيح المادة 3: ما يجب على المحامي احترامه ما المقصود بإضافة جملة "وحسن سير العدالة" كواجب يتعين على المحامي التقيد به؟ متى يكون المحامي مخالفا لحسن سير العدالة؟ وما هي الجهة التي ستقرر أن المحامي أخل بحسن سير العدالة؟ المادة 4: هيأة المحامين الإبقاء على كلمة" يمارس "المحامون مهنتهم، بدل كلمة "يزاول" التي أتت في المسودة. المادة 10: حالات التنافي هذه المادة تحدد حالات التنافي بين ممارسة مهنة المحاماة وممارسة مهام أو مهن أخرى. غير أنها نصت على أن ممارسة التدريس في المعاهد والكليات بصفة عرضية، لا تتنافى مع ممارسة مهنة المحاماة. والمطلوب هو تحديد المقصود بممارسة التدريس في المعاهد والكليات، هل يقصد بها فقط تلك التي يدرس فيها القانون بجميع شعبه أو أي معهد وأي كلية كيف ما كانت تخصصاتهما؟ والمطلوب كذلك تدقيق ماذا تعني جملة " ممارسة التعليم بصفة عرضية"، ومن سيحدد هذا النوع من الممارسة؟ خصوصا وأن بعض المعاهد لا تشترط شهادة القانون نفسها المتطلبة في الولوج الى المهنة. المادة 12: فترة التمرين تنص على أن واجب الانخراط سيحدد بنص تنظيمي، لكن السؤال الذي يطرح هل سيكون موحدا بين جميع النقابات، من جهة، وهل ستنسجم هذه القاعدة القانونية مع مبدأ استقلال المهنة المعبر عنه بمبدأ استقلال تحكم الهيأة في الجدول؟ المادة 13: أداء اليمين جلسة أداء اليمين يجب أن يترأسها كل من الرئيس الأول ويشاركه فيها النقيب بشكل من الأشكال، نظرا لأن القسم الذي يحدده القانون يهم كذلك وجوب احترام الأعراف والتقاليد المهنية التي يعتبر النقيب مسؤولا عن تطبيقها. المادة 30: عقد التعاون بين المحامي المغربي والأجنبي توضيح كما سبق بيانه أعلاه شروط ممارسة المكتب الأجنبي في إطار عقد التعاون: > هل التعاون دائم أم خاص في قضية معينة؟ > هل الرأسية تحمل اسم المحامي المغربي؟ > من يتحمل المسؤولية المدنية؟ > هل الأتعاب تحدد وطنيا أو في الدول الأجنبية؟ > هل تخضع للقوانين الضريبية نفسها؟ > هل ذلك المكتب يخضع لتحكيم النقيب المغربي في حالة الخلاف بين أطراف عقد التعاون؟ المادة 39: حصر مهام النيابة على المتقاضين في المحامي - إضافة فقرة تنص على ما يلي: "لا يعمل بأي مقتضيات مخالفة لما ينص عليه هذا القانون" حتى لا يتم تعديل هذه المادة بواسطة قوانين أخرى لا تتعلق بقطاعات أو مواد أخرى. لكن يجب حذف الاستثناء المذكور فيها، واشتراط نيابة المحامي في كل القضايا، كما سبق بيانه أعلاه في إطار المساعدة القضائية. المادة 44: لوحة المحامي من الضروري النص على حجم اللوحة حتى لا نقع في ما نلاحظه في دول أخرى، التي ينشر فيها بعص المحامين أسماءهم على طول العمارة التي توجد بها مكاتبهم. المادة 52: مهمة الصلح التي يجب أن يقوم بها المحامي يجب أن تكون مرحلة الصلح واجبة بين المحامين مساهمة منا في حل النزاعات خارج دائرة القضاء. وتحدد المحكمة مدة لهذا الصلح في أول جلسة يسجل فيها محامي المدعى عليه نيابته في الملف. تثبت عملية الصلح أو فشلها بمحضر أو تبادل المراسلات بين المحامين. المادة 65: مسك حسابات المحامي يجب النص على "حسابات المحامي يمكن مسكها معلوماتيا أو من طرق خبير في الحسابات". المادة 66: حق النقيب في تفتيش مكتب المحامي يجب النص على أن سلطة النقيب في الاطلاع على حساب الودائع فقط وليس غيرها من الحسابات، لأن مهمة النقيب هي التحقق من ضمان الأموال المودعة لدى المحامي، وليس غيره من الحسابات. المادة 73: حق الهيأة في الانتصاب طرفا مدنيا إذا حصر حق الهيأة في الانتصاب طرفا مدنيا في الحالات التي ينص عليها القانون فقط، فإن انتصاب الهيأة سينحصر فقط في الحالات المنصوص عليها في المادة 7 من قانون المسطرة الجنائية، لأنه المادة الوحيدة التي تحدد من يسمح له بانتصابه طرفا مدنيا في الدعوى العمومية. لذلك يجب توسيع هذه الإمكانية لكي تشمل كل ما يتعلق بالدفاع عن المهنة أو عن المحامي، الذي يتعرض لاعتداء أثناء ممارسته لمهامه. ملاحظات حول القانون المتعلق بالشركات المهنية المادة 2: تأسيس شركات بين محامين ينتمون لهيآت مختلفة تسمح هذه المادة بتأسيس شركة وطنية، من قبل محامين مسجلين في عدة هيآت، وهذه المادة تطرح إشكالية حول النقيب أو المجلس، الذي سيخضع له هذا النوع من الشركات. كما تنص على السماح لهذه الشركة بأن تفتح مكتبا أو عدة مكاتب بهيآت أخرى، وهو ما سيؤدي الى احتكار ممارسة المهنة، من قبل مكتب واحد ضدا على مصالح المحامين المسجلين في تلك الهيآت. بينما لم تتكلم المادة عن إمكانية تأسيس شركة مهنية بشريك واحد حتى يمكنه الاستفادة، مما تستفيد منه الشركة المهنية. المادة 21: حصر أقصى الأصوات التي يتوفر عليها كل شريك هذه المادة تدفع إلى إثارة الملاحظات التالية: < صياغة هذه المادة هي التي حالت دون تشجيع المحامين أصحاب المكاتب الكبرى على إنشاء الشركات المهنية، لأنها تشترط عليه ألا يملك أكثر من النصف. لهذا فالتجربة أبانت عن عدم إمكانية تطبيق هذه القاعدة لذلك يجب حذف هذه النسبة وتركها لإرادة الشركاء. < التصويت يجب أن يخضع للقواعد القانونية التي تنظم الشركات محدودة المسؤولية، أي أن تسيير الشركة يحدده الشركاء، وفق ما ينص عليه القانون. < يجب أن يطبق عليها النظام الضريبي للشركات التجارية في كل ما يتعلق بالامتيازات، المتعلقة بخصم المصاريف والاقتطاعات والاستهلاكات والتحملات، من رقم المعاملات و توزيع الارباح. < يجب وضع إجراءات ضريبية ملائمة لعمل المحامي. < يجب إعفاء الشركات المهنية و المحامي من الضريبة على القيمة المضافة، لأن ممارسة التجارة ممنوعة على المحامي. علما أن حكومة عبد الرحمان اليوسفي كانت مستعدة في 2002 لإعفاء المحامين من تلك الضريبة، لولا عدم تحرك مكتب الجمعية في تلك الفترة، بينما أعفت الأطباء من تلك الضريبة في ميزانية تلك السنة. < يجب احتساب الضريبة على الأتعاب في تاريخ الاستخلاص، وليس من تاريخ رسالة الأتعاب. هذه بعض الملاحظات التي يمكن إثارتها بخصوص مسودة وزارة العدل. * محام بهيأة البيضاء