الجديدة… خدمات صحية متردية

مستشفياتها تعاني خصاصا في البنيات التحتية والتجهيزات والموارد البشرية إذا كانت المعايير العالمية التي تتحكم في تصنيف الدول وترتيبها، تفرض تخصيص طبيب واحد لكل 1000 نسمة، حسب المنظمة العالمية للصحة، فإن المعدل بإقليم الجديدة وسيدي بنور، يصل إلى طبيب واحد لكل 6878 مواطنا، وهو معدل يظل بعيدا، حتى على المعدل الوطني الذي يخصص طبيبا واحدا ل 3704 مواطنين، إذ لا يتعدى عدد الأطباء بالإقليم، 160 طبيبا وعدد الممرضين 850 ممرضا، أي بمعدل ممرض واحد لكل 10 آلاف مواطن. أما فيما يتعلق بمجال التخصصات، فإن الوضع أكثر قتامة، إذ يخصص طبيب واحد لتوليد حوالي 50.000 امرأة، في الوقت الذي يصل فيه المعدل الوطني إلى حوالي 13.000 امرأة لكل طبيب توليد... يشكل إقليم الجديدة وسيدي بنور، جزءا مهما من جهة دكالة عبدة عامة ومنطقة دكالة خاصة، يتوزع على مساحة تقدر ب6000 كيلومتر مربع، وسكان يناهز عددهم مليونا و120 ألف نسمة، إلا أنه لا يتوفر إلا على حوالي 160 طبيبا، و850 ممرضا، وثلاثة مستشفيات، وبضعة مراكز صحية منتشرة على 47 جماعة بعضها مغلق وبعضها الآخر ضعيف المردودية بسبب النقص الكبير الذي يعرفه قطاع الصحة العمومية وطنيا بصفة عامة وإقليم الجديدة بصفة خاصة على مستوى الموارد البشرية. يعرف قطاع الصحة العمومية بإقليمي الجديدة وسيدي بنور، خصاصا كبيرا على عدة مستويات، من حيث التجهيزات الأساسية، والأدوية والبنيات التحتية والموارد البشرية. ورغم أن مشروع بناء مستشفى جديد وفق مواصفات حديثة، من المنتظر أن يخفف العبء والضغط الحاصل على المستشفى الإقليمي الوحيد بدكالة، الذي يرجع تاريخ إنشائه إلى منتصف القرن الماضي، فإن هناك إكراهات جمة تقف في وجه تنفيذه وتتعلق أساسا بالجانب المالي...خصاص في التجهيزات تعاني مجموعة من المراكز والمستوصفات الصحية والمستشفيات المحلية بكل من إقليمي الجديدة وسيدي بنور من عدة اختلالات ترتبط بالتجهيزات والبنيات التحتية. وفي جولة ل"الصباح"، وقفت على نوعية الخصاص وحالات التردي التي تشهدها هذه البنايات بكل من الزمامرة والبئر الجديد وسيدي بنور وأولاد افرج وآزمور والواليدية وسيدي إسماعيل ومولاي عبد الله والعونات وسيدي بنور وغيرها من الجماعات. وتشكو من قلة الممرضين والأطباء على السواء، إذ لا يتم احترام المعيار الذي تفرضه المنظمة العالمية للصحة، والتي تقترح طبيبا واحدا، لكل ألف نسمة، إذ يصل المعدل بإقليم الجديدة وسيدي بنور في بعض المناطق النائية، التي تقع في عمق دكالة السحيق، إلى أكثر من 15 ألف نسمة لكل طبيب، دون الحديث عن غياب أبسط الشروط الحيوية كالماء والكهرباء والمسالك وسيارة الإسعاف، إذ كثيرا ما يتسبب غياب هذه المعدات والتجهيزات، في عدة وفيات خاصة عندما يتعلق الأمر بالنساء الحوامل.وكانت وثيقة صادرة عن المندوبية ذاتها، أشارت إلى تسجيل وفيات نتجت عن غياب سيارات الإسعاف، كما حدث منذ شهرين حين تم رفض ولوج امرأتين للمستشفى المحلي بسيدي بنور وتم توجيههما إلى الجديدة، حيث فقدتا جنينيهما هناك. وتم تسجيل حالات وفيات في صفوف الأطفال عقب تعرضهم للسعات العقارب، التي يحتل فيها إقليم الجديدة المرتبة الثالثة على الصعيد الوطني، بعد سطات وقلعة السراغنة.تردي البنيات التحتيةيشكو كل من مستشفى محمد الخامس بالجديدة والمستشفى المحلي بسيدي بنور والمستشفى المحلي ومستشفى سيدي بلعياشي بآزمور من ضعف التجهيزات وتردي البنايات التحتية، التي تلاشى أغلبها ولم يعد صالحا لتقادمه من جهة ولغياب الصيانة والترميم من جهة ثانية، إذ يرجع بناء الأول والرابع إلى منتصف القرن الماضي، وبالتالي تّأثرت الجدران والسقوف والمرافق الصحية وتعرضت البنايات ككل للضرر، وأقفلت العديد من مرافقهما، مما جعل الرطوبة تفعل فعلها فيهما. ويشكو مستشفى محمد السادس بسيدي بنور، رغم حداثة إنشائه من الخصاص في الموارد البشرية، خاصة في جانب التخصصات. ولا تقف لائحة الخصاص عند هذا الحد، بل تشمل الأدوية، رغم أن المندوب الإقليمي لوزارة الصحة العمومية بالجديدة، أقر، أخيرا، أنها متوفرة بشكل كبير. وتشمل لائحة الخصاص بالدرجة الأولى الأدوية والمواد المستعملة في العمليات الجراحية كالبنج مثلا والخيط والإبر، مثل (الأنترنيل) التي تستعمل في تمرير السيروم إلى المصابين في مختلف حوادث السير أو غيرها وكذا السيروم المضاد للكزاز (انتيتيتانيك) والأدوية المتعلقة بأمراض القلب والضغط الدموي، وداء السكري، الذي يتطلب الأنسولين بكميات كبيرة، نظرا للطلب المتزايد عليه. أما في جانب التجهيزات فالأمر، كما يقول رئيس قسم المستعجلات بمستشفى محمد الخامس بالجديدة، يخص ضرورة تمكين المستشفى من سكانير وآلة خاصة بحرق النفايات الطبية، التي يصل ثمنها إلى مليونين من الدراهم. كما يحتاج المستشفى أيضا إلى آلة الكشف بالصدى، وكثيرا ما يضطر المرضى إلى السفر إلى البيضاء للقيام بكشوفات عبر السكانير، نظرا لعطل هذه الآلات، علاوة على أنها غير متوفرة أيضا في المصحات الخصوصية التي يتم توجيه المرضى قسرا إلى بعضها.هجرة العام نحو الخاصيعاني قطاع الصحة العمومية من إشكالية مركبة يعجز المسؤولون عن إيجاد حل لها، بل يغضون الطرف عنها. فأغلب المستشفيات تعاني ظاهرة هجرة الأطر الطبية العاملة بالقطاع العام نحو القطاع الخاص. أطباء عامون يشتغلون بالقطاع العام، يتركون مكاتبهم بالمستشفيات العمومية ويلتحقون بالمصحات الخاصة للعمل على حساب وقت المرضى بالقطاع العمومي، بل إن المريض حينما يحتج على غياب الطبيب المعالج، يقال له، إنه في "البلوك". الحال أن هناك أطباء يوجهون المرضى بعد الكشف عليهم إلى مصحات خاصة بدعوى أن التجهيزات غير متوفرة بالمستشفى. مشاكل أخرىاعترف المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بوجود اختلالات متعددة الأوجه، بعضها يتعلق بالوسائل اللوجستكية المعتمدة في التنقل، وبعضها مرتبط بحالة الترقب في انتظار الانتقال إلى المستشفى الكبير الذي من المنتظر أن يفتح أبوابه نهاية السنة الجارية حسب المندوب الإقليمي، إذ من الصعب تجديد الآليات والتجهيزات في مستشفى لم تعد بنياته تسمح بذلك، نظرا لتقادمه من جهة وعزم الوزارة التخلي عن جل مرافقه من جهة ثانية.وقالت مصادر طبية، إن مستشفى محمد الخامس، سيتم استغلال بعض مرافقه في الجانب الإداري والإبقاء على بعض الأقسام الخاصة بالطب النفسي وقسم التحاليل. وتطرح مسألة تقادم الآليات والتجهيزات المرتبطة أساسا بالنقل عدة مشاكل للعاملين بقطاع الصحة العمومية، وهو ما يطرح عدة صعوبات، تظهر في الحالات المستعصية، كنقل الحوامل إلى المستشفيات، أو في حالة وقوع حوادث سير في القرى والمداشر التابعة للجماعات المحلية، التي تشكو هي الأخرى من غياب سيارات الإسعاف، بل إن البعض من المستشارين الجماعيين، وجد ضالته وراحته في استعمال سيارات الإسعاف كسيارة خاصة يحمل عليها أبناءه إلى السوق وكذا الأغنام. وبالحديث عن مظاهر الفوضى العارمة في العالم القروي، يتضح أن غالبية الأطباء والممرضين، يتعاملون مع المرضى بنوع من اللامبالاة، فقد استمعت "الصباح" إلى جملة من الانتقادات والشكايات الموجهة للمندوب الإقليمي لوزارة الصحة، الذي كان يجد نفسه في موقف حرج، فبالإضافة إلى ضعف البنيات التحتية وغياب الماء والكهرباء والنقص في الموارد البشرية وكثرة الطلبات على العنصر النسوي بالنظر إلى طبيعة وتكوين الإنسان بالبادية وغياب الأطباء غير المقيمين بالمراكز والمستوصفات الصحية رغم توفير السكن الوظيفي وغياب سيارات الإسعاف، بالإضافة إلى هذا كله، فإن قطاع الصحة العمومية مفروض فيه تأهيل العنصر البشري وتوفير التجهيزات والأدوية للرقي بالخدمات الصحية المقدمة للعالم القروي. أحمد ذو الرشاد (الجديدة)

الجديدة… خدمات صحية متردية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مينـاء جديد بآسفـي بأربـعة أرصـفة

بلكندوز: مجلس الجالية أخل بواجبه

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات