“حزب” أغنياء الدعم

محاباة ومحسوبية في توزيع منح سنوية بالملايين على جمعيات مقربة طوى مسؤول بارز في أحد أقاليم جهة الرباط سلا القنيطرة، الملف الذي فجره جمعويون أخيرا، المتمثل في وجود أكوام من الملفات والوثائق الرسمية داخل المراحيض، تتعلق بدعم الجمعيات من قبل مجلس منتخب. ولحظة تصفح الملفات، التي عثر عليها في مراحيض العمالة، من قبل نشطاء جمعويين، تبين أن هذه الوثائق، التي تتضمنها، تحوي مراسلات وطلبات جمعيات المجتمع المدني الموجهة لرئيس أحد المجالس المنتخبة، من أجل الحصول على منح الدعم أو تقديم مشاريع للمجلس، لكن عوض دراسة هذه الملفات يتم التخلص منها بالمراحيض لاستعمالها من قبل الزوار بديلا للورق الصحي المفقود داخل هذه المراحيض نفسها. وحصل نشطاء جمعويون على أشرطة مصورة لهذه الملفات مكدسة داخل مرحاض المجلس نفسه، وهو السلوك الذي أثار سخط المجتمع المدني، حيث قررت جمعيات مراسلة عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية لإرسال لجنة تفتيش إلى المنطقة حيث يوجد مقر المجلس الذي اهتز على وقع الفضيحة المذكورة. وبعدما قررت جمعيات حرمت من الدعم، بسبب هذا السلوك، خوض معركة مفتوحة ضد الرئيس المعني، تراجعت عن قرارها، بعد تدخل شخصي من عامل الإقليم، الذي فتح تحقيقا، من أجل احتواء المشكل، وجعل كرة ثلجه لا تكبر. وخلص التحقيق الذي فتح في طريقة انتقاء الجمعيات المستفيدة من الدعم، إلى وجود اختلالات ومحسوبية وزبونية، ما استوجب إعادة النظر في الدعم نفسه، وتعليقه، إلى حين الاستماع إلى رئيس المجلس المنتخب، الذي اختل ميزان توزيعه للدعم نفسه، على الجمعيات التي لم يتعامل معها بمنطق المساواة وتكافؤ الفرص. ووجه رؤساء الجمعيات المقصية من الدعم، أصابع الاتهام إلى من وصفوهم بالسماسرة الذين يلجون مقر العمالة بدون حسيب ولا رقيب، يتاجرون في ملفات الجمعيات مقابل حصولهم على مبالغ مالية، ماعجل بفتح تحقيق عاجل في لائحة الجمعيات المقدمة للجنة الإقليمية، خاصة أن عضوا باللجنة مقربا من رئيس المجلس، يحرض الجمعيات على مسؤول بارز، بأنه هو الذي يقف وراء إقصاء ملفاتها بدعوى أنها تضم أشخاصا غير مرغوب فيهم من قبل السلطة. ويعرف العمل الجمعوي في العديد من الجهات اليوم صحوة كبيرة، ومن دون أن ندخل في لعبة الأرقام عن الحجم الكمي للجمعيات بالمغرب والفورة التي عرفها هذا الإطار التنظيمي، حيث تقدره الكثير من المصادر ما بين 40 ألف جمعية و60 ألفا. إلا أن المتأمل في واقع العمل الجمعوي ببلادنا اليوم، يقول أحد الجمعويين، يدرك جيدا أنه يوجد ضمن هذه الإطارات الغث والسمين، الفاعل والجامد، الناجع والمجرد من كل تأثير، ذو المصداقية وفاقدها، المنضبط للقوانين والمستهتر بها، الذي يخدم الصالح العام والذي يخدم مصالح خاصة وفئوية، الانتهازي والمتجرد من الذاتية. وبات العمل الجمعوي يعيش على إيقاع انحرافات بالجملة عن تعريفه ومفهومه وعن وظائفه وخصوصياته وجوهره وأهدافه ومراميه النبيلة، من قبل جمعيات أصرت على تمييعه وإفراغه من لبه وتميزه الخاص حتى أضحى الميدان يجد نفسه وسط دوامة ، اذ انحرف عن مساره، وأفرغ جانب كبير من محتواه لينتشر في جسده المريض سرطان الفساد ، وهكذا أصبحت بعض الجمعيات نوادي فساد بامتياز يمارس فيها المفسدون هوايتهم المعهودة للكسب غير المشروع ، والنتيجة إذن أننا أصبحنا أمام مظهر جديد من مظاهر الفساد في المغرب يمكن تسميته بالفساد الجمعوي، حيث أن خطورة هذ الظاهرة التي بدأت تستشري في بلادنا، هي مأسستها وتحولها إلى سرطان ينهش جسد المجتمع المغربي، ويزرع سلوكا انتفاعيا يضرب في الصميم القيم النبيلة والأصيلة للعمل الجمعوي ويهدمها. عبد الله الكوزي

“حزب” أغنياء الدعم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تواطؤ منتخبين وتساهل السلطة

مطلب شعبي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات