الحسيمة… قرية رياضية دون رياضة

كرة القدم تحتضر ورياضات أخرى توارت ومركب مع وقف التنفيذ حين كانت الحسيمة لا تتوفر سوى على فضاءات محدودة، كانت الرياضات الجماعية والفردية حاضرة بقوة، منها كرة القدم وكرة اليد والسلة والجمباز والسباحة وألعاب القوى والدراجات والكرة الطائرة والشطرنج وكرة الطاولة، مع وجود مؤطرين اثنين من الشبيبة والرياضة يشرفان على تأطير شباب المدينة في مختلف الرياضات. لكن اليوم ورغم إحداث قرية رياضية بمنطقة أيت قمرة تضم ملعبا كبيرا ومسبحا وقاعة مغطاة، وحلبة مطاطية، ووجود ملاعب القرب ومسابح بالحسيمة، باتت الرياضة مهددة بالاندثار، بعدما تكالبت بعض الأيادي الملطخة بالفساد على هذا القطاع، وأسقطته بالضربة القاضية. وعانت الرياضة في الحسيمة في السنوات الأربع الماضية تراجعا كبيرا، رغم وجود بنيات تحتية رياضية مهمة، منذ توقيع اتفاقيات بين العديد من القطاعات الحكومية، في مقدمتها وزارة الشباب والرياضة ووكالة تنمية الأقاليم الشمالية وبعض المؤسسات، ما جعل المهتمين يدقون ناقوس الخطر ويطالبون بإعادة الاعتبار إلى مختلف الرياضات. ورغم حجم الاستثمارات التي أنفقت من أجل تأهيل البنيات التحتية بالحسيمة، فإن ألقاب الأندية والجمعيات الرياضية المنتمية إلى المنطقة، باتت ضعيفة مقارنة مع السنوات السابقة، بل منها ما جمدت نشاطها الرياضي، علما أن هذه البنيات تواجه مشكلا كبيرا يتعلق بغياب اعتمادات قارة لصيانتها بالشكل اللائق. وتأخرت الحسيمة كثيرا في رد الاعتبار إلى شبابها، سواء على المستوى الاجتماعي أو الرياضي، رغم أنها تتوفر على كل المؤهلات، لجعلهم يتألقون في مختلف الأنواع الرياضية كما في السابق، حين أنجبت أبطالا، خاصة في السباحة والدراجات وألعاب القوى. ملعب العرصي عاشت الحسيمة أزهى أيامها الرياضية، إذ كانت تتوفر على فرق ونواد في كل الرياضات الجماعية والفردية، منها كرة اليد وكرة السلة والكرة الطائرة، رغم أنها لم تكن تتوفر سوى على ملعب واحد وهو الملعب البلدي، الذي أصبح يسمى ملعب ميمون العرصي أحد مؤسسي ولاعبي فريق شباب الريف الحسيمي لكرة القدم، والقاعة المغطاة 3 مارس. كان الملعب البلدي في السبعينات من القرن الماضي، يشهد توافدا قياسيا لشباب الحسيمة، لممارسة مختلف أنواع الرياضات، خاصة الجمباز ورمي الجلة والقفز الطولي والعالي والمسافات الطويلة والقصيرة، إلى جانب كرة القدم وكرة اليد وكرة السلة، في الوقت الذي كان يشهد فيه المقر السابق للشباب والرياضة، إقبالا من قبل هواة وممارسي لعبة الشطرنج وكرة الطاولة. وبات ملعب ميمون العرصي يعاني الإهمال في الوقت الراهن، خاصة بعد نزول شباب الريف الحسيمي إلى قسم الهواة، وهو الذي كان يستقطب إليه قبل خمس سنوات أزيد من 10 آلاف متفرج. وتتحدث بعض المصادر عن احتمال إغلاق الملعب في وجه الممارسين والجمهور، بعد تدشين الملعب الكبير بأيت قمرة، ما قد يخلق العديد من المتاعب، خاصة للجمهور الذي يجد صعوبة في التنقل إلى هناك. رياضات تتوارى تسير بعض الرياضات نحو التواري، مثل ألعاب القوى وكرة السلة، فيما انقرضت أخرى ككرة اليد والدراجات والسباحة والجمباز وكرة الطاولة والكرة الطائرة، رغم أن بعض الغيورين يحاولون مكرهين إحياء هذه الأصناف. وهناك رياضات أخرى، يقاوم المنتسبون إليها ويحاولون الحفاظ على حضورها رغم المشاكل والمعيقات المالية، في غياب الدعم اللازم. ويتجلى تدهور مختلف الرياضات في الحسيمة، في توقف الجمعيات الرياضية عن التأطير لانعدام الإمكانيات المادية، وانعدام التشجيع وعدم المواظبة على تنظيم تظاهرات ومسابقات وعزوف الشباب عن الممارسة لعدم تمكينهم من شروط الممارسة، رغم وجود قاعتين وملعبين، وحلبة مطاطية بمنطقة أيت قمرة تستجيب لتطلعات ممارسي ألعاب القوى. ونفى مصدر مطلع أن يكون هناك انقراض للطاقات الموهوبة في مختلف الرياضات، خاصة ألعاب القوى والشطرنج والسباحة والجمباز في الحسيمة التي كانت من المدن المتميزة في هذه الرياضات، موضحا أن المواهب موجودة، لكن تنقصها الإمكانيات، كما أن الأطر التي كانت تنقب عن المواهب أصبحت في خبر كان. وباستثناء فريق المغرب الحسيمي لكرة القدم المصغرة الذي صعد الموسم الماضي للقسم الممتاز التابع لعصبة جهة طنجة تطوان الحسيمة، فإن نتائج باقي الأندية المحلية ضعيفة، خاصة شباب الريف الحسيمي لكرة القدم الذي نزل للقسم الأول هواة، وبات مهددا للنزول منه إلى القسم الثاني، وشباب الحسيمة لكرة السلة الذي توقف عن الممارسة، والأمل الرياضي للعبة ذاتها الذي يعمل جاهدا للحفاظ على وجه الرياضة بالمنطقة. كرة القدم في الحضيض لم تعد تحظى كرة القدم بالحسيمة بالاهتمام اللازم كما في السابق، ويعكس ذلك نزول شباب الريف الحسيمي للقسم الأول هواة، وبات مهددا الموسم الجاري بالنزول نحو القسم الموالي، بعدما ظل متمسكا منذ بداية البطولة بالمركز الأخير. وانحدر رجاء الحسيمة للقسم الجهوي الممتاز التابع لعصبة جهة طنجة تطوان الحسيمة، في الوقت الذي بات نشاط باقي الأندية كالنادي الحسيمي وميراضور يقتصر على الأقسام السفلى بالعصبة ذاتها. وفقد شباب الحسيمة هويته التي كسبها طيلة مساره الكروي، الذي عرف فيه بقهر العديد من الأندية والاستقرار المالي والإداري واللوجيستيكي بمساعدة العديد من المؤسسات والمجالس المنتخبة. ورفع محتضنو الفريق أيديهم عن النادي بعد رحيل إلياس العماري، وولوج أشخاص آخرين، وإبعاد عدد من الأطر والمدربين الذين صنعوا استقراره. وفرط شباب الحسيمة في التكوين الذي كان إحدى نقاط قوته، من خلال تهميش أطر وأساتذة التربية البدنية، وانتقال لاعبين سابقين للاشتغال في فرق أخرى كاتحاد إمزورن واتحاد الخميسات واتحاد ابن الطيب. وتراجع مستوى التنقيب الذي كان يقوم به بعض المدربين السابقين المحليين. كما ابتعد الفريق أيضا عن لاعبي الحسيمة، وانتدب في كل موسم عشرات اللاعبين من أندية أخرى، كما تراجع مستوى التسيير بشكل لافت في المواسم الثلاثة الماضية، الأمر الذي انعكس على نتائج الفريق. وحسب مهتمين، فإن شباب الحسيمة ورث مشاكله من الماضي، فضلا عن تسيير فاشل خلق مشاكل، حالت دون بناء فريق قوي يصارع من أجل العودة إلى قسم النخبة. ودعا المهتمون إلى اعتماد سياسة التكوين والاعتناء بالفئات الصغرى، وتعيين مدربين أكفاء ينقبون عن المواهب الصاعدة، وبرمجة تظاهرات رياضية على الصعيد الإقليمي لاكتشاف اللاعبين الموهوبين، إضافة إلى اختيار مسيرين يملكون رؤى ثاقبة ويضعون برامج عمل محددة الأهداف وفق ميزانية تراعي خصوصيات الفريق، مع البحث عن بناء مشاريع للفريق تضمن موارد مالية قارة، باستغلال البقعتين الأرضيتين اللتين منحهما الملك محمد السادس للفريق. ملاعب القرب تردت أوضاع بعض ملاعب القرب بالحسيمة بشكل كبير، حيث بلغ ملعب الشباب والرياضة أسوأ حالة له منذ أن زرع فيه العشب. وتظهر أولى علامات الوضعية المزرية التي آل إليها الملعب من بابه الذي يغطيه الصدأ، مرورا بمدرجاته الإسمنتية بعدما فقدت كراسيها. وتحولت أرضية الملعب الذي كان يشكل في وقت سابق قبلة لعشاق كرة القدم المصغرة من جميع أحياء المدينة، إلى مساحات خالية من العشب، تؤثثها الحفر، إلى درجة أن عددا من المواطنين أصبحوا يمنون النفس لو أعيد هذا الملعب إلى وضعيته الأصلية بدون عشب، خوفا من الإصابات التي قد يتعرضون لها. ولم تعد ملاعب القرب بالحسيمة باستثناء الملعب التابع للمركب السوسيورياضي، تشكل كما في السابق أرضية خصبة للتنقيب عن الأبطال وتكوينهم. ويحتضن الأخير تكوين اللاعبين تشرف عليه مجموعة من الأطر التقنية من أساتذة التربية البدنية ولاعبين قدماء، على أسس متينة من الدراية بفنون وتقنيات كرة القدم. "فوتسال" نقطة ضوء رغم ما تعانيه الحسيمة بسبب غياب واضح للأندية المتألقة، إلا أن فريقي المغرب الحسيمي لكرة القدم داخل القاعة، وجاره بني بوعياش يشكلان نقطتي ضوء، بالنظر إلى نتائجهما التي حققاها في بطولة القسم الجهوي الممتاز التابع لعصبة جهة طنجة تطوان، والقسم الثاني. ويتمتع الفريقان بسمعة طيبة داخل الأوساط الرياضية بالحسيمة، وتستقطب مبارياتهما جمهورا غفيرا من عشاق هذا النوع من الرياضة، بعدما لم تعد كرة السلة تخطف إليها الأنظار، كما كان عليه الحال قبل سنوات، بعدما جمد شباب الحسيمة نشاطه. وتعد الحسيمة مدرسة في رياضة كرة القدم داخل القاعة، من خلال بروز العديد من الفرق في الثمانينات، بصمت على حضور جيد على المستوى المحلي والجهوي والوطني، كفريق "مانكس» و»الأحباس" وفريق نجم الريف الحسيمي، الذي بلغ نهائي بطولة المغرب مرتين، في الرباط وأكادير. تفويت مركب "ميراضور" فرضت النهضة الرياضية التي شهدتها الحسيمة في الفترة بين 2007 و2017، والزيارات المتتالية للملك محمد السادس للمنطقة، على مسؤوليها تعزيز البنيات التحتية الرياضية بمركب سوسيورياضي بمنطقة ميراضور بالحسيمة. ويضم المركب ملعبا معشوشبا ومسبحا وقاعة للندوات وأخرى لممارسة بعض الرياضات ومقصفا، لكنه لا يساهم في تطوير الرياضة بالمنطقة عبر تكوين لاعبين شباب في بعض الرياضات خاصة السباحة وكرة القدم والجمباز. ومن أهم الإكراهات التي تحول دون قيام المركب بالدور المنوط به، انعدام الرؤية لدى مجلس بلدية الحسيمة، الذي مازال متعنتا بخصوص تفويت هذا المركب للقطاع الخاص لتسييره، أو البحث عن صيغ إدارية وقانونية ملائمة لتشغيل المسبح والقاعة متعددة التخصصات واستفادة أندية وجمعيات منها. ويتخوف العديد من المهتمين بقطاع الرياضة بالحسيمة، من تفويت المركب لإحدى الجمعيات المقربة لتدبير شؤونه، والاستفادة من مداخيله. إنجاز: جمال الفكيكي (الحسيمة)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو

سلبيات تدليل الأطفال

4 نصائح ليعتاد الطفل على القراءة

مقالات ذات صلة