أزمة الماء… شبح العطش الداهم

مخطط إستراتيجي لتدبير الندرة ومطالب بمراجعة السياسة الفلاحية خففت التساقطات الأخيرة من مخاوف استمرار موجة الجفاف، التي ضربت المغرب خلال السنتين الأخيرتين، وعمقت أزمة الماء الشروب والسقي على حد سواء، مخلفة أضرارا كبيرة على مستوى حقينة السدود، التي تراجعت إلى أقل من 26 في المائة، بل جفاف عدد منها، مهددة عددا من المناطق بأزمة في توفير الماء الشروب. وتسارع الحكومة الزمن، من أجل وضع مخطط استعجالي للتزود بالماء الشروب، ومكافحة النقص في الموارد المائية، عبر مشاريع لتحلية مياه البحر، ومعالجة المياه العادمة واستعمالها في السقي، ومحاربة مختلف الممارسات التي تهدر استعمال الماء الشروب. وتأمل اللجنة التوجيهية للبرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي برئاسة رئيس الحكومة، من خلال عملها المتواصل في تقييم وضعية السدود، ومراقبة المخزون المائي بعد التساقطات الأخيرة التي ساهمت في توفير 1.7 مليار متر مكعب من المياه، ليرتفع معدل ملء السدود بأكثر من 30 في المائة. وأكد نزار بركة، وزير التجهيز والماء، أن الاجتماع الرابع للجنة التوجيهية مناسبة لإنعاش برنامج 2020-2027 لبرمجة السدود وتحلية مياه البحر، مشددا على أن المخطط يأخذ بعين الاعتبار برنامج الاستثمار الأخضر، الذي قدمته مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط أمام الملك محمد السادس، والذي سيمكن من إنتاج 560 مليون متر مكعب المياه الخاضعة للتحلية، إذ سيتم تخصيص جزء منها لتلبية الاحتياجات من المياه الصالحة للشرب في بعض المدن وكذا للري. وشكلت قضية الماء موضوعا آنيا للحكومة والبرلمان، ولكل الفاعلين الاقتصاديين، بالنظر إلى آثاره على القطاع الفلاحي، وتأثر السدود بالجفاف، ما عمق معاناة بعض المناطق مع قلة الماء الشروب، وتهديد قطعان المواشي وعدد من الأنشطة الزراعية، بسبب تراجع التساقطات المطرية. وأضحت قضية الماء قضية وطنية ذات أولوية قصوى، إذ حرص الملك في خطابه بمناسبة افتتاح البرلمان على التأكيد أن وضعية الإجهاد المائي تقتضي التحلي بالصراحة والمسؤولية، إذ تشير كل الدراسات إلى أن المغرب يتجه نحو الإجهاد المائي، وتصنيفه دوليا بـ "البقعة الساخنة"، بسبب تراجع معدل ملء السدود والعجز المتواصل في التساقطات المطرية، بالإضافة إلى الاستغلال المفرط للفرشات المائية. وباتت أزمة الماء تشكل شبحا حقيقيا، تقتضي تغيير الاتجاه، لأجل تدبير الندرة، وضمان الأمن المائي الوطني، مع ما يرتبط به من أمن غذائي. ويرى فريق التقدم والاشتراكية في البرلمان، أنه حان الوقت لتعديل نموذج الإنتاج الفلاحي المستنزف للماء، والمعتمد حاليا على التوسيع، عوض التثمين، وعلى الفلاحة التصديرية، ومراجعة النموذج الفلاحي، حتى لا يصبح المغرب بلدا يصدر الماء، معتقدا أنه بالخطأ أنه يصدر منتوجات زراعية. وأكد الفريق البرلماني أن معالجة موضوع الماء يقتضي الجرأة السياسية في اتخاذ القرار الذي يعطي الأولوية للماء الصالح للشرب، بالموازاة مع توجيه الفلاحة نحو تلبية الاكتفاء الذاتي الوطني، والحفاظ على الموارد المائية، مشيرا إلى أن الفلاحة تستنزف أكثر من 80% من الموارد المائية. كما تستدعي وضعية الإجهاد المائي إجراء التــحول نحو البدائل المائية غير التقليدية، مثل توسيع إنجاز محطات التحلية، وإعادة استعمال المياه العادمة بعد معالجتها، وتجميع مياه الأمطار، وتغيير جذري في ثقافة المجتمع إزاء الماء، وتطبيق القانون بصرامة في التصدي للاستعمال غير القانوني للماء. والأكيد أن المشاريع المائية تحتاج إلى استثمارات ضخمة، لا تستطيع الميزانية العامة تحـمـلها لوحدها، ما يجعل الحكومة أمام محك البحث عن التمويلات الضرورية، سيما عن طريق الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص، دون التفريط في أن الماء يظل حقا دستوريا وملكا عموميا وشأنا إستراتيجيا تحت مسؤولية الدولة. برحو بوزياني

أزمة الماء… شبح العطش الداهم

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرياضة... الشعب يريد كأس إفريقيا

التحقيق مع سجناء في ملف أمنيي سلا

مقالات ذات صلة