تورط مسؤولين وأعوان سلطة في تزوير أعمار عدائين

عداؤون يزورون أعمارهم بحثا عن التتويج والجامعة تتصدى للظاهرة بعقوبات تأديبية أقل فاعلية أرقت ظاهرة تزوير أعمار وأسماء الرياضيين في السنوات الأخيرة المسؤولين بلادنا، والمشرفين على ألعاب القوى الوطنية بشكل خاص، بالنظر إلى الانتشار الواسع الذي عرفته في هذا النوع الرياضي على خلاف باقي الأنواع الرياضية الأخرى، والأشكال المتعددة الذي اتخذته من اجل تحقيق نتائج آنية وتكوين أبطال من ورق، سرعان ما يكسف عن مستواهم الحقيقي بمجرد بلوغهم فئة الكبار.إن ظاهرة التزوير الأعمار عالمية وعرفت بشكل كبير في الأوساط الإفريقية بالنظر إلى سهولة تزوير الوثائق الرسمية للرياضي أو العداء، وعرفت طريقها إلى المغرب منذ فترة الاستقلال عندما كانت الإدارات العمومية تتعامل بوثائق يسهل تزويرها دون حاجة إلى تقنيات ومواد كيماوية تسهل عملية التزوير من أجل المشاركة في البطولات الوطنية ضمن الفئات الصغرى تحديدا، وقبولهم في المنتخبات الوطنية للمشاركة في التظاهرات القارية والدولية.إلا أنه في السنوات الأخيرة بدأ المسؤولون الرياضيون ينتبهون إلى هذه الظاهرة، بعد الاحتجاجات الكثيرة لبعض نظرائهم الذي يحاولون محاربتها عن طريق تجريمها في القوانين الأساسية للجامعات الرياضية، وخاصة ألعاب القوى التي انتعشت فيها الظاهرة أخيرا من طرف بعض السمسارة الساعين إلى تحقيق نتائج في المنافسات الوطنية من جهة، ومن طرف بعض الرياضيين أنفسهم من جهة ثانية.وتختلف أهداف المتورطين في تزوير أعمار العدائين، الشيء الذي دفع جامعة القوى إلى محاربتها عن طريق اتخاذ عقوبات زجرية من اللجنة التأديبية التابعة لها، إلا أنها تفتقر إلى الفعالية من خلال الاقتصار على معاقبة العدائين فقط وسحب النتائج التي حققوها في المنافسات الوطنية، إذ في الوقت الذي يسعى المسؤولون إلى تحقيق أرباح مالية، فإن العدائين يرغبون في دق أبواب المنتخبات الوطنية وولوج المركز الوطني لألعاب القوى. متورطون من مختلف الأعمارأثبتت التحريات التي أجراها بعض أعضاء الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى على الوثائق التي توصلوا بها من طرف بعض الرياضيين والجمعيات والأندية الرياضية أن تزوير أسماء أو أعمار الرياضيين لا يقتصر على فئة معينة، وإنما يتورط فيه الجميع، وأن الظاهرة تنتشر في أوساط الشباب والفئات الصغرى بقدر انتشارها لدى بعض المسؤولين، غير أن الاختلاف الوحيد بينهما يتمثل في الأهداف التي يبتغي المتورط تحقيقها من خلال هذا التزوير.وكشفت التحريات المذكورة أن مجموعة من الشباب يلتجؤون إلى أبطال سابقين أو مسؤولين رياضيين من اجل تقديم مساعدات لهم في هذه العملية، بل إن البعض يستعين ببعض المجرمين في مثل هذه الجرائم لتزوير عقود الازدياد أو جوازات السفر، وفي بعض الحالات البطاقات المدرسية أو ما يقوم مقامها من أجل تصغير السن أو الاسم، إذ أن اللجوء إلى الحالة الأخيرة تفرضها صعوبة تزوير عقود الازدياد، ما يضطر معها الرياضي إلى استعمال عقود الازدياد الخاصة بأخيه الصغير سنا للمشاركة في تظاهرة خاصة بفئة أقل منه سنا، لتحقيق فوز بين على منافسيه.أما بالنسبة إلى المسؤولين الرياضيين، فيمكن القول إن المتعاطين لهذه الظاهرة عادة ما يسعون إلى الظفر بألقاب وهمية لصالح أنديتهم، وتحقيق أرباح مالية في حالة ما إذا ارتبطت المنافسة بتقديم جوائز نقدية، أو في حالة ما إذا انتقل العداء للمنافسة تحت اسم ناد آخر، غير أن جامعة ألعاب القوى تعرف بشكل كبير الأشخاص الذين يلجؤون إلى هذه الآفة، إلا أنها لا ترغب في استبعادهم بصفة نهائية أو تقديمهم إلى العدالة، علما أن بعضهم سبق أن اعترف على نفسه بذلك في الجمع العام للجامعة الملكية الذي عقد سنة 2008.وتجدر الإشارة إلى أن العديد من العداءات تورطن أيضا في تزوير أعمارهن أو أسمائهن ما يؤكد أن الظاهرة لا تقتصر على الذكور فقط. حالات تزويرمن خلال الحالات التي ضبطت من طرف الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، فإن حالات التزوير التي وقفت عليها متنوعة ومتعددة من سباق إلى آخر، وحسب الأهداف التي يسعى المتورطون تحقيقها، وشهدت أوجها مختلفة في المسابقات المنظمة السنة الماضية سواء في العدو الريفي أو ألعاب القوى، لكن أهمها تبقى المشاركة في فئة أقل سنا من الفئة التي ينتمي إليها العداء عن طريق الإدلاء بوثائق مزورة أو تعود إلى شخص آخر أو مقرب أو صديق، وهي الحالة الوحيدة التي ضبطت بنسبة كبيرة في الملتقيات المنظمة من طرف الجامعة، غير أن العقوبة فيها تقتصر على العدائين فقط. ويحتل تزوير الرخص الرتبة الثانية من ناحية الحالات المضبوطة، ويتخذ هذا النوع من التزوير مجموعة من الأشكال، إذ أن العداء قد يتوفر على رخصتين كل واحدة خاصة بفئة معينة ويشارك بهما معا، الشيء الذي يتطلب من الجامعة التوفر على البيانات الكافية لتحديد المشاركين في جميع السباقات الماضية والمقبلة، في الوقت الذي يحتل فيه تزوير الأسماء الذي يرتبط بشكل كبير بتزوير الأعمار الرتبة الثالثة من ناحية الحالات المعتمدة من طرف المتورطين في هذه الظاهرة.نظام التنقيط يرفع وتيرة الاحتجاجات على تزوير الأعماردفعت احتجاجات الأندية والجمعيات المنضوية تحت لواء جامعة القوى على تزوير الأعمار، وما خلفه من أضرار عليها خلال منافسات الموسم الماضي إلى تحرك الجامعة من أجل التصدي إلى هذه الآفة ومعاقبة المتورطين سواء تعلق الأمر بالأشخاص الذاتيين أم المعنويين، خاصة أن اعتماد الجامعة نظاما جديدا للتنقيط والتي على أساسه بدأت توزع المنح على الأندية، رفع من وتيرة الاحتجاجات وأرغم الجامعة على التدخل لمعالجة هذا الوضع الشاذ، وتفعيل النصوص المجرمة لها في القانون الأساسي للجامعة. وانطلاقا من هذا المعطى الجديد أصبح لزاما على الجامعة الخروج بقرارات مكتوبة في هذا الشأن، إذ عمدت طيلة الموسم الماضي إلى إصدار مجموعة من الدوريات التي تدعو من خلالها الأندية إلى تصحيح وضعية العدائين، وهددت المتخلفين عن ذلك باتخاذ إجراءات تأديبية صارمة في شأنه، عن طريق مجموعة من إقرار عقوبات حسب كل حالة، إذ أنها عملت في الحالة الأولى على إنذار الأندية التي لم تستجب إلى الدوريات المنادية بتصحيح وضعية عدائيها، وفي الثانية حرمان النادي من المشاركة في ثلاثة ملتقيات فدرالية، والثالثة خصم نقطتين من كل ناد، وأخيرا التشطيب عليه بصفة نهائية.وخلفت هذه القرارات مجموعة من ردود لفعل المتباينة بعد اقتصرت الجامعة في تأديب المتورطين على حالات معينة، غير أنها لم تطل بعض الشخصيات النافدة في الجامعة، في الوقت الذي طبقت عقوبات صارمة في حق البعض الآخر، الشيء الذي أدى إلى تذمرها ومطالبتها بمراجعة العقوبات التي طبقتها، وإثارة بعض الحالات التي لم يتخذ في حقها أي قرارات تأديبية، كما هو الشأن بالنسبة إلى حالة العداء محمد جدو.إجراءات تأديبية صارمة للجامعةخلفت عدم الاستجابة إلى دوريات الجامعة بخصوص تصحيح وضعية العدائين العديد من القرارات التأديبية في حق أندية محدودة بالجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، إذ أصدرت الجامعة مجموعة من العقوبات على العدائين والأندية على حد سواء، فبعد أن بلغ عدد العدائين المطالبين بتصحيح وضعيتهم 23 واحدا ينتمون إلى أندية أفاق البرنزصي وحسنية بلدية خريبكة ورجاء بني ملال وأولاد عبدون وجماعة الحي المحمدي والفتح الرياضي ووداد صفرو والنجم الرياضي الوجدي ونادي عين حرودة ونهضة بركان، عاقبت اللجنة التأديبية في قرارها الأول سبعة عدائين تراوحت بين التوقيف لمدة سنتين مع سحب جميع النتائج التي حققوها إلى السباقات التي شاركوا فيها، غير أنها في قرارها الثاني ارتفعت شدة العقوبة الموقعة على المتورطين في تزوير أعمار العدائين، إذ بلغت العقوبة التي طالت 27 فردا يمثلون 10 أندية حد التشطيب النهائي من سجلات الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى مع إلغاء جميع النتائج التي حصل عليها، في ما تراوحت عقوبة التوقيف من ثلاث سنوات إلى وإحالة الملف على أنظار اللجنة التأديبية إلى توجيه إنذار على العداء المتورط.وشملت العقوبة المذكورة الأندية المصنفة في القسم الوطني الأول ضمنها الفتح المحتل للرتبة الثانية على الصعيد الوطني والوداد الرياضي الذي حل ثالثا، وجمعية أولاد عبدون المحتلة للرتبة 23 والتي أوقف رئيسها السابق عشر سنوات، واتحاد عين حرودة الذي يوجد في الرتبة 30.استمرار الظاهرةرغم العقوبات الزجرية التي اتخذتها الجامعة للحد من هذه الظاهرة، إلا أن القضاء عليها بصفة نهائية من الصعب بلوغه بالنظر إلى طبيعة العقوبات المتخذة، والتي تراعى فيها النصوص القانونية المطبقة في القانون التأديبي للجامعة، وعدم خضوعها إلى النصوص القانون المطبقة من طرق قانون العقوبات المعمول بها في القانون الجنائي مادام أن التزوير المتحدث عنه يطال الوثائق الإدارية ومحررات رسمية صادرة أجهزة إدارية مغربية بلديات ومقاطعات تابعة إلى وزارة الداخلية، فضلا عن مشاركة الأعوان التابعين للسلطة في تزويرها، الشيء الذي يتطلب التنسيق بين الجامعة والسلطات المحلية من اجل محاربة هذا الظاهرة، وتوقيع عقوبات صارمة من أجل تحقيق الردع العام للقضاء عليهخا بصفة نهائية، وعدم استثنائها من العقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي. صلاح الدين محسن

تورط مسؤولين وأعوان سلطة في تزوير أعمار عدائين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

البطاقة المهنية تخلق جدلا بين مهنيي النقل

برشلونة والريال يقتربان من النهائي بعد 21 سنة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات