انهيار قنطرة يعري الواقع الصحي المزري بمشرع بلقصيري

تحويل المستشفى المحلي إلى مركز صحي حضري زاد تدهور الخدمات الصحية المقدمة للسكان مازالت اللجنة التقنية المكلفة بتحديد أسباب تهاوي القنطرة الرابطة بين بلقصيري وجماعة الصفاصف ، قبل أيام ، لم تتوصل إلى الأسباب التي أدت إلى هذا الحادث الذي خلف قتيلين و14 مصابا بجروح متفاوتة الخطورة، نقل 6 منهم إلى المستشفى العسكري بالرباط، في حين نقل آخرون لتلقي العلاج بالمستشفى الإقليمي بسيدي قاسم. بعض المسؤولين أكدوا أن الطريقة التي سقطت بها القنطرة تثير أكثر من سؤال، إذ انغرست دعاماتها بالكامل في النهر في حين أن طرفي القنطرة ظلا متماسكين، ما جعل سائقي السيارتين يعتقدان أن القنطرة سليمة، إثر الضباب الذي كان يخيم على المنطقة، ساعة وقوع الحادثة، إذ واصلا سيرهما حتى فوجئا بالسيارتين اللتين كانتا تسيران في الاتجاهين المتقابلين تهويان في النهر.خدمات صحية مترديةوإذا كانت الأسباب لم تتوضح بخصوص انهيار القنطرة، فإن هذا الحادث كشف الخصاص الحاد في الخدمات الصحية بمدينة بلقصيري، إذ نقل الضحايا المصابون بجروح إلى المستشفى المحلي، أو بالأحرى المركز الصحي ببلقصيري، ولم تقدم إليهم أي إسعافات أولية، إذ ظلوا في المستشفى ولم تتم تغطيتهم من أجل تدفئتهم بعد أن تبللت ثيابهم إثر سقوطهم في النهر، علما أن المستشفى يتوفر على أغطية لكنها كانت مركونة في إحدى القاعات ولا يمكن استعمالها إلا بإذن من الطبيبة الرئيسة، التي لم تحضر إلى المستشفى كما أكد ذلك عدد من الناشطين في جمعيات المجتمع المدني، سوى في الساعة العاشرة والنصف، علما أن الحادثة وقعت في الساعة السادسة والنصف صباحا.وفي هذا الإطار أكد عبد الله بودمام، عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية وناشط في المجتمع المدني ببلقصيري، في تصريح للصباح، أن الطبيبة الرئيسية لم تحضر إلى المستشفى حتى الساعة الحادية عشر صباحا، وناب عنها زوجها، الذي يعمل طبيبا بالقطاع الخاص بالمدينة نفسها، في إعطاء بعض الإسعافات، لكن بفعل ضعف الإمكانيات تقرر إرسال الضحايا إلى المستشفى الإقليمي بسيدي قاسم.وأوضح المصدر ذاته أن وضعية المستشفى المحلي ببلقصيري تدهورت أكثر إثر القرار الوزاري الصادر خلال 2007، الذي أعاد تصنيف المستشفى ليصبح مركزا صحيا حضريا مع وحدة التوليد، ما نتج عنه تقليص تدريجي للطاقم الطبي وتدني الخدمات العلاجية المقدمة للسكان، الذين يتجاوز عددهم 30 ألف نسمة، وإذا أخذنا بعين الاعتبار المناطق القروية المحسوبة على المدينة، فإن عدد السكان يتجاوز 200 ألف نسمة. الأمر الذي يجعل من الصعب تلبية حاجياتهم في هذا المجال.وأمام الوضع المتردي نظمت جمعيات المجتمع المدني عدة لقاءات تشاورية وجهت إثرها العديد من المراسلات إلى السلطات العمومية والصحية على المستويات المحلية والإقليمية والجهوية والوطنية. لكن لم تلق، حسب ناشطين في المجتمع المدني، الاهتمام المطلوب، ما دفع فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة إلى تشكيل لجنة تنسيقية محلية، نظمت وقفة احتجاجية إنذارية في 18 نونبر الماضي، وأصدر المحتجون بيانا حملوا فيه مسؤولية ما آل إليه الوضع الصحي بالمدينة إلى السلطات المحلية والإقليمية ولوزارة الصحة ومندوبها على إقليم سيدي قاسم، إضافة إلى المجالس المنتخبة.وتجدر الإشارة إلى أنه قبل تنظيم الوقفة الاحتجاجية تقرر تنقيل مندوبة وزارة الصحة وعين مندوب جديد، كما عين باشا جديد على المدينة، وبعد ذلك بأيام عين عامل جديد على إقليم سيدي قاسم. وفي ظل هذه التغييرات استعاد السكان بريقا من الأمل وتطلعوا أن تترجم هذه التغييرات على مستوى الإدارة المحلية إلى تحسين الخدمات الاستشفائية بالمنطقة. وبالفعل وجهت اللجنة المحلية التنسيقية مراسلة إلى باشا المدينة من أجل عقد لقاء تواصلي، واستجاب المسؤول الجديد إلى الطلب وعقد لقاء يوم 2 دجنبر الماضي، وتبادل الطرفان وجهات النظر، وتقرر إثر هذا الاجتماع تنظيم زيارة إلى المركز الصحي ببلقصيري للوقوف على الوضع، وحدد تاريخها في 3 دجنبر 2010.وضع مترد وآليات معطلة لسنواتوقف أعضاء اللجنة المكونة من باشا المدينة واللجنة المحلية للدفاع عن الخدمات الصحية وعضو من المكتب المسير للمجلس البلدي والطبيب الرئيس آنذاك، خلال زيارة المركز الصحي ببلقصيري، على مجموعة من النواقص، ساهمت في تردي الوضع بالمستشفى وتدني الخدمات الصحية المقدمة لسكان المدينة والمناطق القروية المحسوبة عليها.وتبين من خلال هذه الزيارة أن مختبر التحليلات يعاني نقصا في قنينات أخذ العينات، علما أنها لا تكلف سوى بضع سنتيمات، ورغم أن جمعية "جميعا من أجل الصحة" تبرعت بوسائل إجراء الاختبار «الرياكتيف»، فإن العاملين بالمختبر لا يمكنهم إجراء الاختبارات، نظرا لنفاد القنينات، ما يتعذر معه أخذ عينات الدم. وفي غياب هذه القنينات، فإنه يتم إتلاف وسائل إجراء الاختبار لأن مدة صلاحياتها تكون محدودة وتتراوح بين ثلاثة وخمسة أشهر. كما تشكو آلة الفحص بالأشعة عطلا منذ يونيو 2009. وتعاني مصلحة الفحص الطبي والمستعجلات عددا من الاختلالات، من أهمها نقص في الأطر الطبية التي تؤمن المداومة، ما يؤدي إلى اكتظاظ بهاتين المصلحتين. ويعاني المستشفى، كذلك، نقصا حادا في وسائل التطبيب من قبيل الأمصال، خاصة المصل المضاد للكزاز، والخيط المخصص لإجراء العمليات الجراحية البسيطة والأدوات شبه الطبية.من جهة أخرى، أكد تقرير زيارة اللجنة أن هناك تعثرات في تنفيذ البرنامج الصحي الوطني 2008/2012، الذي يهدف إلى تقليص وفيات الأمهات، من خلال تتبع حالات الحمل وضمان مجانية النقل والتوليد. وهكذا لم يفعل البرنامج الدوري من أجل الكشف عن حالات فقر الدم، لغياب وسائل إجراء الاختبارات. ويشكو جهاز التصوير بالصدى من عطل منذ فترة طويلة، كما لا تستفيد، حسب التقرير، النساء الحوامل من مجانية التنقل، وتفتقر الصيدلية للأدوية، إذ ينفد المخزون باستمرار، خاصة ما يتعلق بالأدوية المستعملة للوقاية من فقر الدم.مصائب قوم عند قوم فوائدأوضح محمد جسوس، رئيس المجلس البلدي لمشرع بلقصيري، في تصريح ل»الصباح»، أنه إثر عمليات إعادة تصنيف الوحدات الاستشفائية بمقتضى القرار الوزاري الصادر خلال 2007، أعيد تصنيف المستشفى المحلي بالمدينة إلى درجة مركز صحي حضري مع وحدة التوليد، ما يعني أن التصنيف الحالي للمستشفى لا يسمح بتقديم الخدمات التي تؤمنها المستشفيات المحلية، إذ يتطلب ذلك توفير محاسب ومصالح للتدبير المالي، كما تنص على ذلك القوانين المنظمة للمالية العمومية. وأكد أن المجلس تدارس مشروع بناء مستشفى محلي، وأن الوعاء العقاري موجود وتصل مساحته إلى هكتارين، كما تم إعداد التصميم، وينتظر حاليا أن تنجز الدراسات الطبوغرافية والهندسية وتخصيص الإمكانيات المالية لإنجاز المشروع.وفي انتظار تحقيق هذا المشروع، الذي قد يتطلب سنوات أخرى، فإن سكان المنطقة سيظلون يعانون الخصاص الملحوظ في العرض الصحي. ويظل المستفيد الأول من هذا الوضع عيادات الطب الخاص، إذ في غياب توفير الخدمات الصحية وتأمين التحليلات والكشف بالأشعة والصدى بالوحدة الصحية العمومية، فإن المرضى يضطرون إلى اللجوء إلى القطاع الخاص لإجراء هذه العمليات التي تكلف كثيرا، علما أن أغلب المترددين على المركز الصحي من محدودي الدخل. وهناك بعض الحالات المستعجلة، التي لا تجد من ملجأ سوى جمعيات المجتمع المدني، التي تظل بدورها عاجزة، بسبب قلة الإمكانيات، لتقديم وتأمين العون لكل هذه الفئات، بفعل الخصاص الهام في الخدمات الاستشفائية، التي يؤمنها المركز الصحي بالمدينة.وأمام هذا الوضع، فإن السكان يتعرضون لمساومات من أجل الاستفادة من بعض الخدمات، على غرار ما حدث لأب تلميذ تعرض ابنه لكسر في اليد اليسرى، إذ يؤكد الأب في تصريح يحمل توقيعا مصادقا عليه، أنه في غياب الخدمات الطبية بالمركز الصحي، اضطر إلى التوجه إلى المستشفى الإقليمي بسيدي قاسم، حيث طلب منه أداء مبلغ 3 آلاف درهم لإجراءالعملية. ويؤكد الأب في شكاية وجهها إلى كل من عامل إقليم سيدي قاسم ومدير المستشفى الإقليمي، أنه بالفعل توجه إلى المستشفى الإقليمي، يتوجيه من المستشفى المحلي لمشرع بلقصيري، وعرض ابنه على الجراح الاختصاصي بتاريخ 10/12/2010، الذي أكد له أنه يتعين إجراء عملية جراحية عاجلة، وطلب منه أداء مبلغ 3 آلاف درهم لأحد الموظفين. وفي 15/12/2010، زار المختص من جديد، فطالبه مرة أخرى بأداء المبلغ. الأمر الذي دفع الأب، بعد تدهور الوضعية الصحية لإبنه، إلى تدبر المبلغ، إذ أدى للموظف مبلغ 1000 درهم، إضافة إلى مبلغ مماثل في اليوم الموالي، فحدد له موعد العملية الجراحية في 20/12/2010. وفي الموعد المحدد، فوجئ الأب بالطبيب الجراح يؤكد له أنه لا علم له بأي عملية وصرح له أنه لن يجريها. لكن بعد تدخل السلطات المسؤولة وفعاليات المجتمع المدني تقرر أخيرا إجراء العملية.وبغض النظر عن خلفيات هذا الحادث ومدى صحته، فإن الشيء المؤكد أن سكان المنطقة يعانون خصاصا حادا في الخدمات الصحية، وأن معاناتهم لن تنتهي إلا بالإسراع في إنجاز مستشفى محلي وفق المعايير والمواصفات المطلوبة، خاصة أن المدينة بمحاداة الطريق الوطنية رقم 413 الرابطة بين سوق الأربعاء الغرب ومكناس، التي تعرف حركة مرور مكثفة، وغالبا تعرف حوادث سير خطيرة، ما يتطلب تشييد مستشفى بقسم مستعجلات يتوفر على الأطر الطبية الضرورية، أو في انتظار أن ينجز ذلك، تمكين المركز الصحي الحالي من الأطر الطبية الضرورية والتجهيزات المطلوبة، علما أنه يتوفر على قسم المستعجلات. إنجاز : عبد الواحد كنفاوي

انهيار قنطرة يعري الواقع الصحي المزري بمشرع بلقصيري

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فلاحو اللكوس يحتجون على نظارة الأوقاف

سفير المغرب يؤكد تأمين السفر للعالقين بالقاهرة

مقالات ذات صلة