الجزائـر تلعـب ورقـة ابتـزاز الـدول

الباحث المتخصص في ملف الصحراء أكد أن المغرب نجح في توظيف الدبلوماسية الاقتصادية لصالح القضية الوطنية أكد محمد سالم عبد الفتاح، الباحث المتخصص في ملف الصحراء، أن الجزائر اختارت نهج سياسة الابتزاز وتوظيف سلاح النفط، لمواجهة الإستراتيجية المغربية القائمة على سياسة تعاون جنوب -جنوب، وتنشيط الدبلوماسية الاقتصادية. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني < نجح المغرب الى حد كبير في كسب تأييد مجموعة من الدول الإفريقية عبر التأسيس لشراكات اقتصادية هامة، كان بعضها إما منخرطا في المعسكر الداعم للانفصال، أو مترددا في إبداء موقف صريح من قضية الصحراء المغربية. واستطاعت الدبلوماسية المغربية استمالة العديد من تلك الدول، أو على الأقل تحييد مواقفها، كما هو الشأن بالنسبة إلى نيجيريا باعتبار أهمية الأدوار التي تطلع بها لأنها تشكل الاقتصاد الاكبر في القاره والقوة الديمغرافية الأكبر أيضا فيها. ومارس المغرب إنزالا اقتصاديا كبيرا عبر مجموعة من الأذرع الاقتصادية، المرتبطة بقطاعات استثمارية حساسة في عديد من الدول الإفريقية، من قبيل الاتصالات، والبنوك، والتأمينات، وخدمات الطيران، والبناء، وصناعة الأسمدة...، فضلا عن التغلغل الكبير الذي يكرسه في عمقه بغرب القارة، بفضل تنافسية منتجاته الغذائية، إلى جانب مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي، الذي يمر عبر بلدان غرب القارة. < مقابل سياسة بناء التحالفات والشراكات الإستراتيجية التي ينتهجها المغرب مع البلدان الإفريقية، بما يحقق المصالح القومية له ولتلك البلدان، تقتصر الجزائر على ابتزاز الدول عبر توظيف البترودولار، وتقديم المنح المالية، وشراء ذمم المسؤولين بريع النفط وأموال دافعي الضرائب. وكان لسياسة الابتزاز دور حاسم في اضطراب الموقف التونسي التاريخي وتذبذبه، بعد أن كان يتميز بالحكمة وتبني الحياد الإيجابي، إزاء نزاع الأشقاء، لينخرط الرئيس قيس سعيد في التصعيد الجزائري بشكل مجاني، والتفريط في سيادة تونس واستقلالية قرارها ضاربا عرض الحائط قيم الجوار المشترك ومبادئ الاتحاد المغاربي، الذي لا يعترف بالكيان الانفصالي المزعوم. < كان للمقاربة الدبلوماسية التي تبناها المغرب أخيرا دور كبير في حسم قرارات العديد من الدول، حيث ربطت الخطابات الملكية ما بين تأسيس شراكات اقتصادية وتجارية مع المغرب، بإبداء مواقف صريحة حول قضية الصحراء، وهو ما ظهر جليا من خلال تغير الموقف الإسباني باعتبار الأدوار الهامة التي تلعبها مدريد في دعم مساعي وجهود المجتمع الدولي لطي ملف النزاع، فضلا عن الموقف الألماني الصريح إلى جانب عديد من القوى الدولية الأخرى. < يظل العامل الحاسم في معادلة النزاع هو السيطرة الميدانية التامة للمغرب على كافة تراب أقاليمه الجنوبية، والتي تعززت بعد قرابة نصف قرن من الزمن من ممارسته لسيادته الكاملة على الصحراء، من خلال تلك العملية التاريخية التي شنها الجيش المغربي في 13 نونبر 2020، بالإضافة الى التطورات الأمنية والميدانية التي أعقبتها، حيث تكرست السياد المغربية عمليا. إن حسم المغرب لمعركة الاعتراف الدولي لصالحه لم يكن سوى ترجمة لحسمه الميداني، خاصة مع احتراق كل الأوراق التي كانت في حوزة خصومه، ومن بينها ورقة غلق معبر الكركرات، التي لم تعد متاحة كما في السابق، وورقة إعلان الحرب بعد فشل الدعاية العسكرية التي يتخبط فيها أعداء وحدة المغرب الترابية. < اليوم تبدو بوليساريو متجاوزة في لعب الحرب بالوكالة التي كانت توظفها فيها الجزائر ضد المغرب، بعد المكاسب وانتصارات الدبلوماسية المدوية التي يحققها المغرب، وفي مقدمتها اعتراف عديد من القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة، وتأييد دول أخرى لمبادرة الحكم الذاتي، فضلا عن مسلسل فتح القنصليات الأجنبية في العيون والداخلة، وسحب دول أخرى اعترافها بالكيان المزعوم، آخرها كينيا، بالإضافة الى الشراكات الاقتصادية والتجارية والأمنية التي تجمعه بدول وازنة، تشمل الصحراء في تكريس عملي لسيادة المغرب عليها. < اليوم تبدو مبادرة المغرب الرامية لمنح الصحراء حكما ذاتيا المبادرة الجدية الوحيدة المطروحة على طاولة المفاوضات كما يجمع كافة المتدخلين الدوليين على سقف السيادة المغربية في ظل نجاحه في ضمان الأمن والاستقرار والأدوار الهامة التي يضطلع بها في جواره ومحيطه الإقليمي بفضل مقدراته الهامة وموقعه الإستراتيجي المتميز. إن حالة حسم النزاع التي يحققها المغرب لصالحه، يقابلها تراجع كبير لمشروع الانفصال في الصحراء، وفشل مدو لسياسات أعداء وحدته الترابية، في ظل تراجع حضور المعسكر الداعم للانفصال في المحافل الدولية، وحالة الفوضى الأمنية التي يشهدها تدبير مخيمات تندوف، في تكريس لدور بوليساريو عاملا مهددا للأمن والاستقرار في المنطقة، وتضعضع الجبهة الداخلية لحاضنتها وممولتها الرئيسية. هذه الأوضاع باتت تدفع الجزائر الى الظهور بوجه مكشوف طرفا رئيسيا في نزاع الصحراء، بعد أن ظلت طيلة عقود من الزمن تقدم نفسها مجرد داعم لـ»مبدأ تقرير المصير»، رغم تعارض سياساتها الاقصائية والاستبدادية في تدبير مخيمات تندوف مع ذلك المبدأ، لتتجاوز دور بوليساريو ضمن لعبة الحرب بالوكالة ضد المغرب. الهروب من الحقيقة لم تعد الجزائر تكتفي بالتصعيد ضد المغرب وضد مصالحه، والمتجسد في قطع العلاقات الدبلوماسية، وسحب السفير الجزائري من الرباط، وغلق الأجواء الجزائرية في وجه الطيران المغربي، وتصدير البيانات التي تتهم المغرب زورا بالضلوع في مخططات توصف بالمعادية للجزائر، بل باتت الجزائر تصعد حتى ضد حلفاء المغرب وداعميه، كما هو الحال بالنسبة إلى الأزمة التي تشهدها العلاقات الجزائرية مع إسبانيا، والتي انعكست على علاقاتها حتى مع الاتحاد الأوربي، بسبب تغير موقف مدريد من قضية الصحراء لصالح المغرب. ومن الواضح استحالة تحقق مشروع الانفصال في الصحراء، بعد التغير المسجل في موازين القوى بالمنطقة في السنوات الأخيرة لصالح المغرب وحلفائه. لكن خصوم المغرب اختاروا التصعيد، وتوظيف حالة الصراع الإقليمي في المنطقة المغاربية ضمن أجندات داخلية، باعتبارها مشجبا لتعليق الأزمات التي تكاد تعصف بها، وتأجيل النقاش العمومي حول التحديات الحقيقية التي تواجه تلك الأنظمة، سيما بعد الحراك الاحتجاجي الشعبي العارم الذي تشهده الجزائر منذ منتصف العقد الماضي.

الجزائـر تلعـب ورقـة ابتـزاز الـدول

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس بالرباط المباراة النهائية للدورة الأولى لكأس العرش للبولو

أساتذة التعليم العالي يقاطعون الدخول الجامعي

مقالات ذات صلة