الرازي… محنة مع الفلسفة

علماء تعرضوا للاضطهاد 3 طبيب العرب لم يسلم من الاتهامات في عقيدته وآرائه كانت لعلماء مسلمين إسهامات بارزة في شتى العلوم ومناحي المعرفة، وساهموا في تطوير العلوم وكان لهم الأثر الكبير في إثراء إنتاجات الأمم السابقة وتطويرها ونقلها إلى العالم الغربي، الذي كان يرزح آنذاك تحت ظلمات الجهل، وظلت مؤلفاتهم مرجعا للباحثين طيلة قرون، ما يزال بعضها محتفظا به في الخزانات العالمية. لكن نبوغهم الفكري والمعرفي لم يحصنهم من التعرض إلى مختلف أنواع الاضطهاد ولم يسلم بعضهم من المحاكمة والتعذيب. تستعرض «الصباح» عبر حلقات نماذج لهؤلاء العلماء، الذين أصبحت مساهماتهم ضمن الإرث الحضاري الإنساني. عبد الواحد كنفاوي ولد أبوبكر الرازي فى مدينة الري، بالقرب من طهران، خلال 250 بعد الهجرة الموافق لـ 864 ميلادية. كان ولعه بالعلوم منذ صغره، إذ نشأ فى بيئة تشجع الشباب والأطفال على التعلم والدراسة، والاطلاع على ما كتب علماء عصرهم ومن سبقهم فى العلم. بدأ مشواره في التحصيل بالعلوم الشرعية، لينتقل بعد ذلك إلى الطب والفلسفة، اهتم بمجالات متعددة من المعرفة، لكنه بزغ بشكل لافت في العلوم، وانتقل إلى بغداد، عاصمة الدولة العباسية، للتخصص فى الطب وتعلم فنونه على يد علي بن زين الطبري. ويعد كتاب الرازي في الطب "المنصوري في الطب"، من أشهر الكتب في القرون الوسطى، الذي ترجم إلى اللاتينية، وأسهم إسهاما كبيرا في شهرة الرازي في أوربا في عصر نهضتها، وتميز في أنه كان أصغر حجما من الحاوي، ما ساعد على انتشاره في العالم الإسلامي. ويذكر المؤرخون أنه كان أول من وصف بدقة ووضوح مرضي الجدري والحصبة، وفرق بينهما، وكتب فيهما كتابه الشهير "في الجدري والحصبة". كما أنه أول من ميز بين السكتة الدماغية والغيبوبة، وهو أول من ذكر أن حدقة العين تتسع في الظلام وتضيق في الضوء، وهو أول من استعمل الأفيون كمنوم في العمليات التي تحتاج إلى التخدير، وأدخل طريقة التبخير والاستنشاق في المعالجة. ولم يمنعه تفوقه في الطب من الإبداع في مجالات أخرى، إذ ألف في علوم ما وراء الطبيعة والفلسفة والكيمياء والطب النفسي وغيره. لكن نشاطه في الفلسفة وحبه لها كان يقارب بشكل كبير حبه ونجاحه في الطب، فدرس كتب سقراط وأفلاطون وكان من المدافعين عنهما ويرى أنهما قدما للبشرية الكثير من الأفكار والعلم. إرث كبير لم يسلم الرازي، مثل نظرائه من الفلاسفة، من الاتهامات والهجوم على عقيدته أو آرائه الفلسفية فعلى قدر نجاحه في الطب واجه العديد من المشاكل بسبب كتابته في الفلسفة، خاصة تلك المتعلقة بنقد الدين، وربما كان ذلك سبب اتهامه بالكفر، إذ لم تكن آراء الرازي لتمر مرور الكرام، خاصة مع تزايد مكانته العلمية فهاجمه العديد من علماء الدين واتهموه بالكفر والزندقة وبعضهم طالب بعدم أخذ العلم منه. لا يمكن، رغم المواقف المختلفة بشأنه، تجاهل الإرث الكبير الذي تركه، بما قدمه من علوم، فكتبه ترجمت إلى كل لغات العالم أما مؤلفاته كثيرة جدا. وتكفي الإشارة إلى أنه ألف 56 كتابا فى الطب، و33 كتابا فى الطبيعيات، و23 كتابا في الكيمياء، و17 كتابا فى الفلسفة، و14 كتابا فى علم الكلام، و10 كتب في الرياضيات، و8 كتب في علم المنطق، و6 كتب في ما وراء الطبيعة، و17 كتابا في علوم أخرى متفرقة. بعد رحلته العلمية الطويلة والغنية في بغداد، عاد إلى الري، مسقط رأسه، مرة أخرى ليعيش بها بعدما أصابه الماء الأزرق في عينيه ولم يتمكن من علاجه حتى فقد بصره ومات.

الرازي… محنة مع الفلسفة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إبراهيم وملك الظل

سقوط بارون دولي حير الأمن

مقالات ذات صلة