قال الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة الوكيل العام لمحكمة النقض، إن قضاة النيابة العامة قدموا ملتمسات برفض الإذن بزواج القاصر، لـ 20 ألفا و200 قاصر، السنة الماضية، مقابل 12 ألفا و773 ملتمسا في 2020، وهو ما يفسر الانعكاس الإيجابي لمقاربة النيابة العامة لموضوع زواج القاصرات. وأضاف رئيس النيابة العامة، خلال افتتاح أشغال دورة تكوينية منظمة لفائدة المسؤولين القضائيين في موضوع «تعزيز دور قضاة النيابة العامة في توفير حماية ناجعة للمرأة»، الذي نظم بطنجة، أن هذا الموضوع يكتسي أهمية بالغة لأنه انشغال أساسي دائم لكافة أطياف المجتمع من أجل إعادة الاعتبار للمرأة وضمان مساواتها بالرجل واضطلاعها بالأدوار نفسها للإسهام في التنمية، والاستجابة للتوجيهات الملكية الرامية إلى تعزيز المركز القانوني للمرأة في المجتمع، مشيرا إلى أن توفير الحماية الناجعة للمرأة والقضاء على كل أشكال التمييز ضدها يعد انشغالا أساسيا للنيابة العامة والسياسة الجنائية في المملكة المغربية. وأكد الداكي أن منظور رئاسة النيابة العامة للعنف ضد المرأة والفتاة يتسع ليشمل موضوع زواج القاصر بوصفه انتهاكا لحقوق الفتاة، يحرمها من حقها في النمو السليم ويعترض سبيل بناء شخصيتها المستقلة، مسجلا أن النيابة العامة جعلت مكافحة الزواج المبكر من بين أولوياتها ووجهت عدة دوريات للنيابات العامة تحثها على اليقظة اتجاه طلبات زواج القاصر من أجل الحرص على احترام الشروط التي فرضها المشرع لقبول هذا الزواج ومن أجل عدم التردد في التماس رفض الطلب متى تنافى مع المصلحة الفضلى للقاصر. ولم يفت الوكيل العام لمحكمة النقض الإشارة إلى أن المركز القانوني للمرأة شهد تحولا كبيرا بعد صدور دستور 2011، الذي كرس مبدأ المساواة بين الجنسين وجعله مبدأ دستوريا، بالإضافة إلى رفع المملكة المغربية جميع تحفظاتها بشأن اتفاقية سيداو، والمصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، موضحا أن الجهود التي بذلها المغرب توجت بصدور العديد من القوانين المعززة للوضع القانوني للمرأة وحمايتها من كافة الانتهاكات المحتملة لحقوقها، مشددا على أن حماية المرأة تعد من أولويات تنفيذ السياسة الجنائية بالمغرب، ما يفرض تفعيل مختلف القواعد الإجرائية والموضوعية التي يتضمنها القانون الوطني، وفي مقدمتها القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وتفعيل المستجدات التي تضمنها، والحرص على حسن تطبيقه، وتحديد الإشكاليات التي تتعلق بفهم أحكامه. وشدد الداكي على أن ظاهرة العنف ضد النساء تعرف نوعا من عدم الاستقرار، من حيث عدد القضايا المسجلة على المستوى الوطني والتي بلغت خلال سنة 2021 حوالي 23879 قضية، داعيا كافة المتدخلين في الموضوع إلى مضاعفة الجهود بهدف تطويق كل الأسباب المؤدية إلى هذا العنف وفي الوقت ذاته مواجهة المتورطين فيه بكل صرامة وبما يلزم من جزاءات قانونية، داعيا المشاركين في اللقاء العلمي إلى استثمار أشغاله لتعميق النقاش حول مختلف المحاور والمداخلات والنقاط التي ستطرح خلاله، وذلك بهدف توحيد الرؤى والتوجهات والتوافق حول أنجع السبل لتحقيق تكفل ناجع بالنساء ضحايا العنف. كما طالب المشاركين باستحضار ما يزخر به القانون المغربي من إمكانيات تفسح المجال للانتصار للحقوق الإنسانية للمرأة والاضطلاع بالمسؤوليات التي جعلها المشرع على عاتق كل المعنيين بهذا الموضوع، سواء من خلال الدور المتمثل في تدبير الدعوى العمومية، أو من خلال رئاسة اللجن المحلية والجهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف. كريمة مصلي