الهيلولـة… احتفـالات وصلـة رحـم

طقوس خاصة أعادت يهود أوربا وأمريكا إلى مقبرة بمكناس احتضن فضاء المقبرة اليهودية بحي الملاح القديم بمكناس، بحر الأسبوع الماضي، وللمرة الأولى منذ 60 عاما، احتفالات بطقوس دينية يهودية لمناسبة «الهيلولة»، التي تعني «سبحوا لله» باللغة العبرية، تم خلالها إشعال الشموع طلبا للبركة، وتنظيم حفل غنائي بهيج وحفل عشاء على شرف العشرات من المدعوين، معظمهم يهود مغاربة وأجانب من مختلف أقطار العالم (أوربا ،أمريكا..) وغيرهما. إعداد : حميد بن التهامي (مكناس) / تصوير: (عبد المجيد بزيوات) «هيلولة» مناسبة تخلد لدى لليهود لموت أحد الأولياء الصالحين الذي ما تزال بركته تشع وتجلب المنافع الأخلاقية والطبية والبركات، تتخللها لحظات فرح واحتفال متميزة. خلال هذه السنة اختار اليهود مقبرة بمكناس للاحتفال، خاصة أنها تضم أضرحة مجموعة من الأولياء اليهود تحظى بعناية خاصة، إذ قصدتها وفود من اليهود من كل حدب وصوب. يحتفل اليهود ب»الهيلولة» في المقبرة، باعتبار أن لها شأنا دينيا كبيرا عندهم، ولاقتناع اليهود المغاربة بأن زيارة أوليائهم وموتاهم تحقق لهم منافع كبيرة، كالتماس الشفاعة، والتشافي من الأمراض المزمنة أو المستعصية وتحقيق الرغبات والأحلام والآمال، وكذا لتجاوز كثير من آلامهم، وفق معتقداتهم، حيث يأتي المرضى والعواقر أحيانا، للإقامة في المقبرة بجوار الصالحين والأولياء للتوسل وطلب الشفاء ولقضاء حوائجهم. وتتضمن طقوس «الهيلولة» شعائر خاصة مصحوبة بولائم كبيرة، وبالصلوات وتراتيل المزامير والأطعمة الوفيرة، والرقص والغناء وإشعال نيران الفرح (الشعالة)، وكذا إقامة حفلات فلكلورية شعبية. هذه التظاهرة الدينية الشعبية أتت تزامنا مع عملية إعادة تأهيل وترميم المقبرة اليهودية بمكناس، التي تندرج في إطار المشروع الملكي الذي يروم إعادة تأهيل 180 مقبرة يهودية عريقة بالمغرب وإعادة الاعتبار إليها، إذ شملت أشغال إعادة تأهيل المقبرة، تنظيفها وترميم جميع ممراتها وقبورها وأسوارها وأبوابها، فضلا عن تعزيزها بمتحف يهودي يضم وثائق تاريخية نادرة، ومرافق دينية وصحية. ترأس إعادة الافتتاح الرسمي لهذه المقبرة وإحياء عيد «الهيلولة» بها، تحت حراسة أمنية غير مسبوقة، عبد الغني الصبار، عامل عمالة مكناس، إلى جانب «سيرج بيرديغو»، الأمين العام لمجلس الطوائف اليهودية بالمغرب، وبحضور شخصيات دبلوماسية، ضمنها القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية بالرباط، «ديفيد غرين»، والقائم بأعمال مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط «ديفيد غوفرين»، فضلا عن عدد من الحاخامات من المغرب وأوربا وإسرائيل. وفي كلمة له للمناسبة، قال الأمين العام لمجلس الطوائف اليهودية بالمغرب، «سيرج بيرديغو»، أن عملية إعادة ترميم المقبرة العريقة لمكناس، الفريدة من نوعها، لأنها تضم عشرات القبور، كانت في السابق معقدة، نظرا لمتاخمتها لسور تاريخي يشق المدينة العتيقة، ما توجب معه، يقول المسؤول اليهودي، القيام بأشغال تأهيل تراعي خصوصية المعالم التاريخية للمدينة، مضيفا، أن إعادة تأهيل وافتتاح المقبرة أو ما يعرف ب»الميعارة»، التي يرجع تاريخ إحداثها إلى 1682 ميلادية، يعد إنجازا ملكيا عظيما بالنسبة لكافة اليهود المغاربة، مبرزا أنه بعد سنتين من الأشغال والانتظار بسبب جائحة كورونا، تستقبل اليوم نحو 400 يهودي تعود جذورهم إلى مكناس، «عادوا إلى مدينتهم وبلدهم وأصدقائهم المسلمين». من جانبه، قال «جيورج سباط»، عن مجلس الطوائف اليهودية بالمغرب، إن المقبرة اليهودية بحي «الملاح» بمكناس تضم رفات عدد من «الصديقين» اليهود الأولياء، مثل «رفاييل برغيدو» و»دافيد حاسين» و»داود بوسيدان» و»مول الكرمة». واعتبر «يعقوب الترجمان»، قاض بالغرفة العبرية للمحكمة الابتدائية بطنجة بدوره، أن هذه المناسبة لا تقدر قيمتها بثمن، قائلا إن الاحتفاء ب «الهيلولة» بهذا الفضاء المتميز يعد مناسبة مقدسة بامتياز، إذ من خلالها يتم الاحتفال بأشهر أولياء اليهود، من قبيل «شمعون بن باروحاي»، الذي وصفه بصاحب المعجزات، مؤكدا أن عيد «الهيلولة» يعد من أبرز الأعياد اليهودية، كما أن «إحياء هذه المناسبة الدينية غير المسبوقة بالعاصمة الإسماعيلية، تعد نقطة انطلاق لتصبح تقليدا سنويا حتى تشكل فرصة لأعداد كبيرة من يهود المدينة لربط حاضرهم بجذورهم التاريخية». "طوليدانو" يحتفي بـ"الهيلولة" نظم "حاييم طوليدانو"، رئيس الشؤون الاجتماعية للجالية اليهودية بالعاصمة الإسماعيلية أخيرا، حفلا بهيجا لمناسبة إحياء ذكرى "الهيلولة" تحت حراسة أمنية مشددة، حضرها العديد من المدعوين، معظمهم يهود مغاربة يتحدرون من مكناس. وتخلل الحفل، الذي حضره الكاتب العام لعمالة مكناس والوفد المرافق له وممثلو وسائل الإعلام المحلية والوطنية، تناول وجبة عشاء على شرف المدعوين وإيقاد الشموع بمقر الشؤون الاجتماعية للجالية اليهودية بالمدينة الجديدة (حمرية)، تحت نغمات الأغنية الخالدة والشهيرة "العيون عينية" من أداء فرقة موسيقية. وقال "حاييم طوليدانو" في كلمة للمناسبة "نشكرجلالة الملك لحرصه على الحفاظ على روابط الألفة والود مع أبناء الطائفة اليهودية، اقتداء بنهج آبائه وأجداده الميامين تغمدهم الله برحمته، ولاهتمامه بتعزيز الحياة المشتركة بين مختلف الأديان ونظرا للمكانة السياسية الكبيرة التي يحظى بها اليهود الإسرائيليون من أصل مغربي على مستوى القرار السياسي والسيادي في إسرائيل، إذ أن تشبثهم الوطيد بالعائلة الملكية وولاءهم المخلص لملك البلاد يجعلانهم يحرصون بتقدير كبير على إنجاح استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب". وأضاف طوليدانو "أننا في المغرب نتمتع بكامل الحقوق وعلينا واجبات فنحن ناخبون ومرشحون، صيغت لنا قوانين بما يتوافق مع مبادئ الديانة اليهودية، وكان قرار الدولة المغربية، الذي صدر سنة 1976 بعدم إسقاط الجنسية المغربية عن اليهود المغاربة الذين هاجروا في مراحل سابقة ومكنهم من العودة إلى بلادهم المغرب متى أرادوا، على اعتبار أنهم مواطنون مغاربة لهم كافة الحقوق والامتيازات التي يخولها القانون".

انتعـاش المطاعـم

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات